لماذا تشكل تركيا خطرا على المصالح الأمريكية

14:3931/10/2017, الثلاثاء
تحديث: 31/10/2017, الثلاثاء
عبير النّحاس

قد يقودك احتفاء مجلة عربية بتصريحات "ستيف بانون" للتساؤل حول السر الذي يدعو رجلا كان كبير الاستراتيجيين والمخططين السابق في حكومة الرئيس الأميركي ترامب للزعم بأن تركيا أخطر على مصالح الولايات المتحدة من جارتها إيران حيث قال في تصريحه للمجلة منذ يومين عنها:"هي أكبر الأخطار التي تهدد الولايات المتحدة الأميركية، كلا، إنها ليست في مثل خطورة (جارتها) إيران، بل هي أخطر".مضيفا : «كلا! إننا لا نعي على نحو جيّد ما يجري من أحداث في تركيا الآن، في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان إن هذه مسألة سوف أوليها جُل وقتي

قد يقودك احتفاء مجلة عربية بتصريحات "ستيف بانون" للتساؤل حول السر الذي يدعو رجلا كان كبير الاستراتيجيين والمخططين السابق في حكومة الرئيس الأميركي ترامب للزعم بأن تركيا أخطر على مصالح الولايات المتحدة من جارتها إيران حيث قال في تصريحه للمجلة منذ يومين عنها:


"هي أكبر الأخطار التي تهدد الولايات المتحدة الأميركية، كلا، إنها ليست في مثل خطورة (جارتها) إيران، بل هي أخطر".


مضيفا : «كلا! إننا لا نعي على نحو جيّد ما يجري من أحداث في تركيا الآن، في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان إن هذه مسألة سوف أوليها جُل وقتي واهتمامي".


فالرجل الذي تحتفي به المجلة و تكيل له المدائح خلال سطور اللقاء لم يتوقف عن مهاجمة الإسلام قبل وخلال وبعد إقالته من منصبه، وقال عنه رئيس مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "نهاد عوض" إن : "تعيين بانون في إدارة ترمب "يبعث برسالة مقلقة من أن نظريات المؤامرة المتعلقة بمعاداة المسلمين وعقيدة القوميين البيض سيكون مرحبا بها في البيت الأبيض" حسب الجزيرة.


وهو من حض ترامب على منع رعايا سبع دول إسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة، ووصف الدين الإسلامي بأنه الدين الأكثر تطرفا في العالم.


فكيف تشكل تركيا خطرا على المصالح الأمريكية بالرغم من علمانية الدستور والديمقراطية وانضمامها للناتو ومحاربتها للإرهاب المتمثل في الجماعات المتطرفة التي تتلقى دعمها من دول حليفة لأمريكا حسب وثائق وادعاءات الأمريكان أنفسهم.


فخطورة تركيا على مصالح الولايات المتحدة حسب ما يظهر من اللقاء يتمثل في أن تركيا التي وصلتها حكومة حزب العدالة والتنمية عبر صناديق الاقتراع، ولم تنجح معها الثورة المضادة المتمثلة في محاولة الانقلاب الفاشلة كما نجحت في بلدان أخرى كغزة ومصر تقدم نفسها كدولة ذات سيادة لا تفرط في مصالح شعوبها وتطلعاتهم ورفاهيتهم وتدعم المظلومين من شعوب الربيع العربي، وهنا السر.


فالخطر على مصالح الولايات المتحدة إذن هو أن تمتلك الشعوب قراراتها وثرواتها، وأن تعيش في ظل حكومة انتخبتها ولم تفرض عليها عبر انقلاب دموي، وأن تقوم الحكومات بتنمية بلادها اقتصاديا وتصل بها إلى مصاف الدول العظمى بمشاريع عملاقة و بنية تحتية راسخة.


والحل حسب أولئك يكمن في إنهاء هذا الخطر، هو في دعم الجماعات الانفصالية، ومحاصرة تركيا ومحاربتها داخليا أيضا للتخلص من النموذج الناجح المرفوض عند أصحاب المصالح، منعا لانتشاره وإيقاظ الشعوب من غفلتها أو القمع الممارس عليها.


 وأن تقبل الشعوب هناك بفكرة أن تحقيق المصالح الأمريكية في بلادها مقدمة على كل ما قد تسعى لتحقيقه من إنجازات حتى على الصعيد الشخصي.


وربما بات المطلوب من المواطن الساكن في دول تحتضن مصالح الولايات المتحدة أكبر من أن تحتمله مشاعر إنسان طبيعي، وقد لا ينفع معها إلا التحول إلى ربوت غير بشري، أو أن يطرد الإنسان هناك مشاعره وحتى إنسانيته ويتنازل عنها طواعية.


فعلى المواطن أن يوطن نفسه على الفقر والجوع لأزمان طويلة، دون أن يفكر في ثروات بلاده وحقه منها، أو في عائداتها وما تعود به على بلاده من منافع، ولو فكر فعليه ان لا يتحدث وأن لا يرفع صوته، وإلا فالثمن الاعتقال أو المنفى لمن حالفه الحظ.


وعليه أن يدرك تماما أن تلك الثروات حق للحكومة الأمريكية جراء حمايتها لحكومته التي تحميه من الاعتقال في الوقت نفسه أي أنها ثمن وجوده في بيته بين أفراد عائلته يتناول طعاما بسيطا غير مشبع.


على المواطن ليكون وطنيا أن يوطن نفسه على الاستدارة بمشاعره حسب الطلب، فإسرائيل اليوم عدوتنا وغدا صديقتنا، وهي لم تقتل أحدا من مواطنينا، وعلى هذا فمن حقها أن نعترف لها بهذا الفضل، وأن ندعمها ونتعاون معها، ونعاونها في قمع من يتمرد عليها.


وعلى المواطن أن ينظر نحو الثورات العربية كما تمليه عليه المصالح الأمريكية والسياسات المتبعة لأجلها فالثورة في سوريا كانت البارحة على حق وتستحق التأييد والدعم، واليوم على باطل، وتطلعات الشعوب لا تتعدى تطلعات طفل قاصر لا يدرك مصلحته كما تدركها الحكومات التي تقتله وتدمر بيته ومدنه وقراه، وعلى المواطن التأكد من صحة هذه المشاعر وتصديقها.


على المواطن أن يوطن نفسه للتغيير معتقداته والتحول بعلاقته بدينه حسب الطلب الأمريكي فالأمر يختلف عندما تريده أميركا مجاهدا يقاوم الروس، أو متطرفا يخرب ثورة الشعب السوري ويفتح لها أبواب التدخل على مصراعيها لقتل روح الثورة والشعب هناك، أو معتدلا، أو تقدميا، أو وسطيا يشعر بالامتنان نحو إسرائيل والولايات المتحدة، ويصنفهما في خانة المحافظين على حقوق الإنسان والحيوان.

#تركيا
#الإنسان
#الحيوان