انتخابات تشاد.. امتحان الديمقراطية في منطقة متقلبة

10:336/01/2025, Pazartesi
الأناضول
انتخابات تشاد.. امتحان الديمقراطية في منطقة متقلبة
انتخابات تشاد.. امتحان الديمقراطية في منطقة متقلبة

من المرتقب في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري إعلان النتائج الأولية لأول انتخابات برلمانية تشهدها تشاد منذ 13 عاما هذه الانتخابات تمثل اختبارا للديمقراطية في منطقة تتسم بانقلابات عسكرية وصراعات دولية على النفوذ وفي دولة فاز برئاستها رئيس المجلس العسكري الانتقالي ليخلف والده الذي استمر في السلطة أكثر من 3 عقود محمد إدريس ديبي عقب فوزه بالرئاسة: بلادنا أجرت كل الانتخابات حسب أسس الحوار الوطني الشامل والسيادي وتطوي صفحة انتقال سياسي شامل وتوافقي ونموذجي في سلام وهدوء ووحدة الباحث في الشؤون الإفريقية مصطفى بنموسى: - توجد مخاوف من حدوث تلاعب أو تزوير ما يؤشر على أزمة ثقة كبيرة بين الحكومة والمعارضة ويدفع باحتمال حدوث احتجاجات على نتائج الانتخابات المتوقع أن تكرس استمرار قبضة العسكر على الحكم - نجاح المرحلة الانتقالية يتطلب حوارا وطنيا ووصول العسكر للحكم يشكل تهديدا كبيرا للديمقراطية إذ يعني تقليص دور المؤسسات الديمقراطية مثل القضاء والبرلمان المستقبل وغياب التعددية السياسية

يترقب التشاديون إعلان النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري، وهو استحقاق يمثل اختبارا للديمقراطية في منطقة إفريقية متقلبة.

وفي 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي نظمت تشاد أول انتخابات برلمانية منذ 13 عاما، في ظل تحديات داخلية وخارجية، مرتبطة بمقاطعة المعارضة وصعوبة الانتقال الديمقراطي في دول المنطقة.

داخليا، يبدي مراقبون تخوفهم من أن عزوف الناخبين ومقاطعة المعارضة واحتمال التزوير، في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، يجعل البلاد أمام إكراهات كثيرة لتجاوز الامتحان الديمقراطي.

خارجيا، تلقي الانقلابات العسكرية التي عرفتها دول المنطقة بظلالها على تشاد، الدولة الواقعة في وسط إفريقيا ويتجاوز عدد سكانها 19 مليون نسمة.

وتريد تشاد نفسها إنهاء مرحلة انتقالية من حكم عسكري، بالتزامن مع دخول فاعلين دوليين جدد إلى المنطقة، مثل الصين وروسيا، مقابل تراجع نفوذ فرنسا.

يضاف إلى ذلك التوتر بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) و"كونفدرالية دول الساحل" التي تضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر، على خلفية انقلابات عسكرية شهدتها الدول الثلاث.

وتحدث باحث في الشؤون الإفريقية للأناضول عن مخاوف من تلاعب في انتخابات تشاد، ما ينذر باحتجاجات على النتائج، معتبرا أن نجاح المرحلة الانتقالية يتطلب حوارا وطنيا واستفتاء دستوريا وانتخابات نزيهة.

ورأى أن وصول العسكر للحكم يشكل تهديدا كبيرا للديمقراطية على المدى البعيد، إذ يعني تقليص دور المؤسسات الديمقراطية، مثل البرلمان والقضاء، وغياب التعددية السياسية.

** انتخابات ومقاطعة

في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي دُعي 8 ملايين ناخب لاختيار النواب الـ188 في الجمعية الوطنية، وذلك في أول انتخابات برلمانية منذ عام 2011.

وجاءت الانتخابات بعد فوز محمد إدريس ديبي، الذي عيَّنه الجيش على رأس الحكم لقيادة المرحلة الانتقالية، في انتخابات رئاسية في مايو/أيار الماضي بعد 3 سنوات من الحكم العسكري.

وأظهرت النتائج حصول ديبي على 61 بالمئة من الأصوات، بينما حصل مرشح المعارضة الرئيسي، رئيس الحكومة الانتقالية سوسيس ماسرا، على 18.5 بالمئة، وطعن على النتائج، لكن طعنه رُفض.

واستولى ديبي على السلطة عام 2021، إثر مقتل والده إدريس ديبي خلال قتال مع المتمردين في أبريل/نيسان من العام نفسه، بعد أكثر من 30 عاما في السلطة.

وقاطعت أحزاب في المعارضة الانتخابات البرلمانية، وبينها حزب "المحولون" بقيادة زعيم المعارضة ماسرا، ومن المنتظر إعلان النتائج الأولية في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري والنهائية بحلول 31 من الشهر ذاته.

** أزمة ثقة

وقال الباحث المغربي في الشؤون الإفريقية مصطفى بنموسى للأناضول إن "الانتخابات أُجريت في ظل ضعف الحماس الشعبي ودعوات للمقاطعة من أحزاب المعارضة".

وأضاف أن هذا الوضع "يفسر انخفاض الإقبال على صناديق الاقتراع، حيث بلغت نسبة التصويت 38 بالمائة".

وتابع: "هناك مخاوف من إمكانية حدوث تلاعب أو تزوير، وهذه الاتهامات تؤشر على أزمة ثقة كبيرة بين الحكومة والقوى السياسية المعارضة".

وهو "ما يدفع في اتجاه احتمال حدوث احتجاجات بعد إعلان النتائج، ومن المتوقع أن تكرس الانتخابات استمرار قبضة العسكر على الحكم".

وفيما يتعلق بتدبير المرحلة الانتقالية، قال بموسى إن "اتفاق الدوحة للسلام والحوار الوطني الشامل حدد محطات لتدبير المرحلة الانتقالية".

وأشار إلى أنها بدأت بإجراء استفتاء على الدستور في 16 و17 ديسمبر/ كانون الأول 2023، وانتخابات رئاسية في 6 مايو/ أيار 2024.

ولفت إلى أنه "فاز بها رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد إدريس ديبي، ما أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية المحلية والدولية".

وفي أغسطس/ آب 2022، وقَّعت الأطراف التشادية "اتفاقية الدوحة للسلام"، تتويجا لمفاوضات استضافتها قطر بين مجموعات تشادية والمجلس العسكري الانتقالي الحاكم، بمشاركة إقليمية ودولية.

وتمهد الاتفاقية لحوار وطني شامل في العاصمة التشادية إنجامينا بهدف تحقيق مصالحة وطنية شاملة.

** المرحلة الانتقالية

بنموسى يرى أن "نجاح المرحلة الانتقالية في تشاد، على غرار تجربة دولة جنوب إفريقيا، ينبغي أن ينطلق من التزام السلطات الانتقالية بإجراء حوار وطني شامل يضم جميع القوى السياسية وبينها المعارضة".

وأردف: وكذلك "التوافق على المسألة الدستورية عبر استفتاء دستوري يواكبه انخراط شعبي في صناعة التحول ومتابعته".

واستطرد: "يليه تنظيم انتخابات عامة شفافة ونزيهة تفضي لاختيار حكومة وحدة وطنية مسؤولة. كل هذه الإجراءات مطلوبة من خلال اعتماد المقاربة الجماعية في التغيير وفق منطق التوافق لا التنافس بين جميع القوى".

و"في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها تشاد ودول المنطقة، خاصة دول الساحل والصحراء، يتضح أن التأسيس للديمقراطية يتطلب رؤية استراتيجية شاملة"، وفق بنموسى.

وأوضح أن هذه الرؤية "ترتكز على إجراء إصلاحات سياسية ودستورية عبر تحديث الدساتير الوطنية، لتوفير إطار قانوني يضمن فصل السلطات، ويعزز من استقلالية القضاء، ويحقق العدالة الاجتماعية، ويرسخ مبادئ حقوق الإنسان".

ورأى أنه في "تشاد خاصة يعتبر التفاعل بين المجلس العسكري الحاكم والأطراف السياسية المعارضة أمرا ملحا، فالتغيير يبدأ من الداخل، دون إغفال الدعم الإقليمي والدولي الذي يبقى عنصرا حاسما لتحقيق هذه الأهداف وتوفير بيئة ديمقراطية".

وعقب انتخابه، اعتبر ديبي في خطاب متلفز أن تشاد أجرت كل الانتخابات حسب "أسس الحوار الوطني الشامل والسيادي".

وأضاف أن بلاده "تطوي صفحة انتقال سياسي شامل وتوافقي ونموذجي في سلام وهدوء ووحدة".

** العسكر والديمقراطية

وأجرت تشاد انتخاباتها في منطقة تعرف حكم العسكر، خاصة بعد الانقلابات العسكرية في مالي عام 2020 وبوركينا فاسو في 2022 والنيجر عام 2023.

وقال بنموسى: "بناء على التجارب الدولية، فإن وصول العسكر للحكم يشكل تهديدا كبيرا للديمقراطية على المدى الطويل".

وأرجع ذلك إلى أنه "عادة ما يحكم العسكريون بالقوة، ما يعني تقليص دور المؤسسات الديمقراطية، مثل البرلمان والقضاء المستقل، وغياب التعددية السياسية، وإطالة أمد عدم الاستقرار".

وزاد بأن "حكم العسكر يؤدي إلى تآكل الحقوق الأساسية للمواطن وقمع الحريات العامة وإضعاف فرص الوصول إلى مؤسسات ديمقراطية حقيقية".

و"في تشاد، مثل غيرها من الدول التي شهدت حكومات عسكرية، غالبا ما يؤدي هذا النوع من الحكم إلى تمركز السلطة بيد القادة العسكريين، مما يجعلهم بعيدين عن المساءلة ويقوض المسار الديمقراطي برمته"، كما أردف بنموسى.

** تحديات خارجية

ولم تشهد تشاد، الدولة المصدرة للنفط، انتقالا ديمقراطيا للسلطة منذ أن أصبحت مستقلة في عام 1960، بعد عقود من الاستعمار الفرنسي.

وجاءت انتخابات تشاد البرلمانية في ظل تحديات كبيرة تواجهها البلاد، مثل توترات المنطقة التي تشهد صراعا دوليا على النفوذ، يتسم حاليا بتراجع نفوذ فرنسا، مقابل صعود نفود دول منها الصين وروسيا.

وجراء الحرب في السودان منذ أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية، تستضيف الجارة تشاد أكثر من 600 ألف لاجئ فروا من هذه الحرب، وفق الأمم المتحدة في مايو/ أيار الماضي.

كما تعرف العديد من دول الساحل والصحراء تحديات أمنية وسياسية، تنعكس على مستوى التنمية من جهة وعلى التنسيق بين دولها من جهة ثانية.

وشهد العام الماضي معارك وصراعات بين الجيش التشادي وجماعة "بوكو حرام"، إضافة إلى انهيار اتفاق سلام في مالي جرى توقيعه عام 2015 بين الحكومة و"الطوارق".

#الديمقراطية
#انتخابات برلمانية
#انقلاب عسكري
#تشاد