**فيليب لوثر، مدير الأبحاث في منظمة العفو الدولية: - صور ومشاهد الأناضول جزء مهم للغاية من الأدلة وتدعم الادعاءات التي قدمتها منظمة العفو الدولية بشأن السجن، وخاصة في عامي 2016 و2017 - العفو الدولية عندما نشرت تقريرها عن سجن صيدنايا بعنوان "المسلخ البشري"، قدمت ما نعتبره ادعاءات ذات أساس قوي حول إعدام آلاف الأشخاص شنقا في عمليات إعدام تحت الأرض
قال فيليب لوثر، مدير الأبحاث في منظمة العفو الدولية، إن صور وكالة الأناضول عن سجن صيدنايا العسكري التابع لنظام الأسد المخلوع بسوريا، شكلت "دليلا مهما"، وساعدت في تأكيد الأدلة التي قدمتها المنظمة عن الانتهاكات بالسجن بين عامي 2016 و2017.
وأدى سقوط نظام البعث وحكم عائلة الأسد في سوريا يوم 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، إلى تسليط الضوء على السجون التي احتجز فيها المعتقلون بعد اندلاع الحرب في البلاد بعد العام 2011، وتعرضوا فيها لانتهاكات منهجية لحقوق الإنسان بينها التعذيب.
ومن بين هذه السجون يبرز اسم سجن صيدنايا العسكري التابع لوزارة دفاع النظام البائد شمال غربي العاصمة دمشق، ويضم مركزين للاحتجاز، يُشار إليهما باسم "البناء الأبيض" و"البناء الأحمر".
وكشف تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية في 2017 أن عمليات القتل والتعذيب التي استمرت في صيدنايا منذ عام 2011 كانت جزءا من هجوم واسع النطاق ومنهجي على السكان المدنيين في البلاد، كجزء من سياسة النظام.
وخلصت المنظمة في تقريرها إلى أن الانتهاكات التي ارتكبها مسؤولو النظام المخلوع طوال تلك السنوات في سجن صيدنايا تشكل جرائم ضد الإنسانية.
** عدسة الأناضول ترصد "غرفة الإعدام"
ومطلع يناير/ كانون الثاني، تمكن نائب المدير العام لوكالة الأناضول رئيس التحرير يوسف أوزهان وفريقه من رصد "غرفة الإعدام" بعد إجراء تحقيق استمر 4 ساعات في سجن صيدنايا و"البناء الأبيض"، استنادا إلى المعلومات التي تم تسريبها من السجن والخرائط التي نشرتها منظمات حقوق الإنسان الدولية.
ودخل الفريق من الباب المحترق المطل على الفناء الخارجي الواقع جنوب شرق المبنى الأبيض في حرم السجن، ونزلوا على سلم مكون من ثلاث أو أربع درجات، وعندما انعطفوا يمينا، رأوا الزنزانات الثلاث الموجودة في الغرفة بحسب الرسومات التخطيطية، حيث تمت إزالة هذه المنطقة وتحويلها إلى عنبر تعرض الجزء الداخلي منه والأسرة ذات الطابقين للحرق.
وعثر فريق الأناضول على علامات واضحة تشير إلى أن هذا المكان كان غرفة إعدام، حيث كان يتم نقل السجناء إلى منصة ويتم إعدامهم شنقا، كما هو موضح في الرسومات التخطيطية في التقارير الدولية.
وفي الجزء من الغرفة الذي كان يتم فيها تنفيذ عمليات الإعدام، تظهر منصتان منفصلتان والسلالم المؤدية إلى هذه المنصات في مكانهما، تمامًا كما هو موضح في الرسومات التخطيطية.
وقد أشارت التقارير الدولية إلى استخدام منصات عالية، يمكن الوصول إليها عن طريق سلالم مكونة من ثلاث درجات وتتسع لعدد من الأشخاص في عمليات الإعدام.
وتشير التقارير إلى أن جلادي النظام كانوا يقومون في هذه المنصات بالتعلق بأجساد السجناء المعلقة من السقف لجعلهم يموتون بشكل أسرع عبر كسر أعناقهم.
وتواصلت الأناضول مع فيلب لوثر الذي أشرف على الأبحاث في تقرير منظمة العفو الدولية عن سجن صيدنايا للمنظمة في عام 2017، ويشغل منصب مدير الأبحاث في المنظمة منذ عام 2020.
وتحدث لوثر عن نتائج التقرير الذي نشرته المنظمة في عام 2017 بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والإعدامات الممنهجة في سجن صيدنايا، والعناصر الجديدة التي ظهرت في صور نشرتها وكالة الأناضول مؤخرا.
وذكر لوثر أنه أثناء إعداد التقرير عن سجن صيدنايا، سعى الفريق في البداية إلى الحصول على شهادات المعتقلين السابقين الذين أتيحت لهم فرصة إجراء مقابلات معهم، وأنهم أدركوا خلال هذه العملية أن هناك "وضعا استثنائيا" فيما يتعلق بالسجن.
وقال إن التعذيب في صيدنايا لم يكن مختلفا كثيرا عن مراكز الاحتجاز الأخرى في سوريا، لكن من الصعب للغاية العثور على معتقلين سابقين نجوا من صيدنايا في ذلك الوقت (2011-2017).
وأضاف: "خلال تحقيقاتنا، عثرنا على تقارير تفيد بأن المعتقلين لم يتمكنوا من مغادرة السجن. وهذا يعني أنه تم نقلهم من المبنى الذي يسمى المبنى الأحمر إلى المبنى الأبيض ونفذت هناك بحقهم إعدامات جماعية".
وقال لوثر إن لقاء المنظمة مع مسؤول سابق في السجن شكّل نقطة تحول مهمة في فهم نظام إدارة السجن، إلى جانب لقاء مسؤولي المنظمة بمسؤولين سابقين في نظام الأسد، وعامل صحي دخل السجن، وقاض شارك في الحكم على السجناء بالإعدام.
وقال لوثر "لقد أمضينا وقتا طويلا في جمع صور الأقمار الصناعية للمناطق القريبة، مثل المقابر المحيطة بالسجن، ووجدنا أن هناك خنادق تم حفرها حديثا"، بالإضافة إلى تعاون العفو الدولية مع وكالة أبحاث خاصة تدعى Forensic Architecture، لإنشاء نموذج مرئي تفاعلي ثلاثي الأبعاد عبر الإنترنت عن السجن.
** صور الأناضول تدعم تقرير العفو الدولية عن "المسلخ البشري"
وعن تأثير صور الأناضول على عملية المساءلة ومحاسبة مرتكبي هذه الوحشية، قال لوثر "إن هذه (المشاهد) جزء مهم للغاية من الأدلة وتدعم الادعاءات التي قدمتها منظمة العفو الدولية بشأن السجن، وخاصة في عامي 2016 و2017".
وأكد أن منظمة العفو الدولية عندما نشرت تقريرها عن سجن صيدنايا بعنوان "المسلخ البشري"، قدمت ما نعتبره ادعاءات ذات أساس قوي حول إعدام آلاف الأشخاص شنقا في عمليات إعدام تحت الأرض في سجن صيدنايا.
وأضاف أن مشاهد وصور الأناضول تساعد في تأكيد الأدلة التي سمعناها من المعتقلين السابقين ومسؤولي السجن.
وشدد على ضرورة تحضير قضايا جنائية ضد المسؤولين عن الجرائم الوحشية في سجن صيدنايا بعد سقوط نظام الأسد، عبر آلية دولية ولجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة.
وأعرب عن أمله في جمع الوثائق وتخزينها وأرشفتها بشكل صحيح لأن بعض هذه الوثائق تحتوي على أدلة تربط أفرادا بالجرائم المرتكبة.