قد يبدو عنوان المقال مبالغًا فيه أو حازماً وهذا صحيح، ولكن مضمونه يحمل حقيقة واقعة. فهو يقدم إجابة للسؤال المطروح: "ماذا يحدث في أمريكا؟". من المؤكد أن الأوضاع بعد غزة، سواء في أمريكا أو في العالم بأسره، لن تكون كما كانت من قبل. تأثير غزة لم يكن فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية مجرد صدفة. بل جاء كنتيجة مباشرة لمعاقبة إدارة بايدن من قبل الشعب الأمريكي لدعمها جرائم القتل والإبادة الجماعية اللاإنسانية التي ترتكبها إسرائيل. وهذا هو تأثير غزة. إن الظلم الذي حدث في غزة أيقظ ضمائر شعوب العالم، ومن المرجح
قد يبدو عنوان المقال مبالغًا فيه أو حازماً وهذا صحيح، ولكن مضمونه يحمل حقيقة واقعة. فهو يقدم إجابة للسؤال المطروح: "ماذا يحدث في أمريكا؟". من المؤكد أن الأوضاع بعد غزة، سواء في أمريكا أو في العالم بأسره، لن تكون كما كانت من قبل.
تأثير غزة
لم يكن فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية مجرد صدفة. بل جاء كنتيجة مباشرة لمعاقبة إدارة بايدن من قبل الشعب الأمريكي لدعمها جرائم القتل والإبادة الجماعية اللاإنسانية التي ترتكبها إسرائيل. وهذا هو تأثير غزة.
إن الظلم الذي حدث في غزة أيقظ ضمائر شعوب العالم، ومن المرجح أن تُطيح هذه الشعوب تدريجيًا بحكوماتها التي دعمت هذه الجرائم.
إن غزة تمثل نقطة التحول في التاريخ؛ ويجب ألا ننسى أن نقاط التحول التاريخية هي أيضًا أوقات إعادة البناء.
غزة ستغير مسار التاريخ، وستنهي جميع الطغاة والإمبرياليين، بإذن الله.
فما يحدث في غزة من إبادة جماعية واعتداءات ومجازر على مرأى ومسمع العالم أجمع، سيكون بداية لنهضة الشعوب ونهاية الحقبة الإمبريالية.
النظام العالمي والقرن الأمريكي
هناك كيان يُعرف بـ "النظام العالمي"؛ وهذا الكيان ليس خيالًا بل حقيقة. والنظام العالمي هو نظام رأسمالي في المقام الأول، وبالتالي فهو مادي ولا روح له. ومن غير الواقعي أن نتوقع من نظام كهذا احترامًا للحقوق أو تحقيقًا للعدالة، ناهيك عن إظهار أي قدر من الرحمة.
النظام الرأسمالي العالمي مبني على الاستغلال. أي على السرقة والنهب والاحتلال والاعتداء.
وفي ظل هذا النظام، فإن الحديث عن العدالة والحقوق والقانون، هو بمثابة الغوص في عالم من الأوهام المستحيلة.
لقد وُصف القرن بأنه "القرن الأمريكي". ولكن سيُذكر القرن الأمريكي الآن على أنه أحلك قرون التاريخ.
لم يكن القرن الأمريكي تجسيدًا لحضارة أوروبية على أرض أمريكا الشمالية كما يُعتقد؛ بل على العكس، أصبحت أوروبا وحضارتها أسيرة للقوة اليهودية. وهكذا دخل القرن الأمريكي التاريخ كتعبير عن سيطرة الهيمنة اليهودية على أمريكا والعالم بأسره وليس كانعكاس لانتقال حضارة الغرب من أوروبا إلى قارة أخرى.
لا شك أن الثقافة البيوريتانية الأصولية التي نقلها الأنجلوسكسونيون إلى أمريكا وأسسوا بها هذه الدولة، ليست هي الأيديولوجية التي بَنَت أوروبا بل هي الأيديولوجية ـ أو بتعبير أدق العقلية ـ التي دمّرتها وأسست أمريكا. إنها عقليّة متطرفة ستتحول إلى نقيضها بفعل تطرفها.
إنها عقلية ذات أسس فلسفية ضعيفة، اعتبرت العمل عبادة في البداية، ثم لم تستطع تجنب تحولها إلى نقيضها بسبب تطرفها الذي وضع أسس الرأسمالية، ورسخ ميول التهويد.
إن العقلية التي أسست أمريكا هي ذاتها التي مهدت الطريق للرأسمالية والنفوذ اليهودي للسيطرة على أمريكا بسرعة.
ومع القرن الأمريكي، شيد النظام العالمي لأول مرة في التاريخ مؤسسات تتيح لليهود بسط نفوذهم على العالم بأسره. فقد أسس النظام العالمي في أمريكا تحت سيطرة اليهود، نظاماً مؤسسياً عالمياً يخضع لهيمنتهم.
ترامب يتحدى النظام المؤسسي
ها هو ترامب يتحدى هذا النظام المؤسسي الذي تهيمن عليه القوة اليهودية وتفرض سيطرتها على كل شيء في أمريكا وتتحكم فيه وتسيره وفقاً لرغبات اليهود. كان هذا النظام قويًا كالفولاذ، أو بالأحرى كان تحت سيطرة اليهود تمامًا في أمريكا.
إن انتصار ترامب قد يشكل أولاً، ضربة كبيرة لنفوذ اليهود الذين سيطروا على كافة مؤسسات أمريكا، وباتوا يشكلون جميع اتجاهاتها وتوجهاتها.
ثانياً: إن انتصار ترامب سيتسبب بصدمة كبرى للقوة اليهودية العالمية وهيمنتها التي تسيطر على العالم بأسره. فقد يكون فوز ترامب، على الأقل، قادراً على وقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها اليهود في غزة، وتوجيه ضربة قاصمة لهم لم يتخيلوها.
ثالثاً: إذا تلقت القوة اليهودية ضربة مؤثرة، فإن ذلك قد يُفسح المجال للعالم، وخاصة العالم الإسلامي، لالتقاط أنفاسه واستعادة قوته والنهضة من جديد.
وقد يُطرح هنا اعتراض على هذا التحليل: لماذا قد يدعم الأمريكيون أمرًا من شأنه أن يريح العالم، ويمنح العالم الإسلامي متنفساً للراحة؟
والإجابة على هذا السؤال واضحة وبسيطة: إذا استمر هذا الظلم على ما هو عليه، فقد يغرق العالم في بحر من الدماء. وهذا الأمر قد يكون مفيدًا للرأسماليين، وكذلك لليهود؛ إذ إن الرأسمالية واليهود يتغذىون على الفوضى وسفك الدماء.
هل هي بداية النهاية لإسرائيل؟
لكن أمريكا لا يمكنها الاستمرار على هذا المنوال. وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن البلاد ستنحدر نحو أزمة اقتصادية وتنجرف نحو الفوضى. وهذا يعني تفكك الولايات المتحدة.
وإذا لم تتمكن أمريكا من استعادة التوازن الاقتصادي الداخلي واستعادة قوة الدولار المتدهورة، فقد تجد نفسها عاجزة حتى عن حماية نفسها.
إضافة إلى ذلك، وجدت النخب الأمريكية لأول مرة فرصة للتخلص من النفوذ اليهودي الذي نهب أمريكا واستعبدها. وإذا استمر هذا المسار، فقد يعني ذلك بداية النهاية لإسرائيل.