فرانك جيل، المدير الأول في وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز جلوبال": - الاقتصاد التركي تمكن من تحقيق التوازن إذ بلغت نسبة العجز الجاري خلال 12 شهرًا حتى أغسطس 1 بالمئة - الحاجة إلى تمويل خارجي صافٍ قد تراجعت بشكل كبير في الوقت الحالي - نتوقع أن يبلغ التضخم حوالي 44 بالمئة في نهاية العام الحالي - النمو السلبي سيكون نادر الحدوث في تركيا لكننا لا نستبعد احتمال نمو أقل من 2 بالمئة
في عام واحد فقط، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، تصنيف تركيا مرتين، وسط استقرار اقتصادي ومالي تشهده البلاد، وعود التضخم لمساره الهبوطي.
والجمعة، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية تصنيف تركيا السيادي على المدى الطويل إلى (-BB) من (+B)، مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى وفرة الاحتياطيات وخفض التضخم بفضل تشديد البنك المركزي التركي للسياسة النقدية.
وفي حديث للأناضول، أشاد فرانك جيل، المدير الأول في وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز جلوبال ريتينغز"، بالاستقرار الذي يشهده الاقتصاد التركي.
وقال إن زيادة التصنيف مرتين في عام واحد، يعدّ ارتفاعا كبيرا في التصنيف.. "يجب الإقرار بأننا بدأنا بتصنيف منخفض بالنسبة لاقتصاد متوسط الدخل يتميز بالتنوع والانفتاح والقدرة على الصمود مثل الاقتصاد التركي، ولكن هذا الارتفاع بمرتبتين يعدّ خبرا جيدا وتطورا مهما".
** عوامل داعمة
ومن بين العوامل الرئيسية التي أثرت في قرار رفع التصنيف الائتماني لتركيا، هو الزيادة في الاحتياطيات الدولية.. "ذلك مؤشر على فعالية التحول إلى السياسات النقدية التقليدية".
وأوضح أن تأثيرات رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة إلى 50 بالمئة، بدأ تطفو على السطح، مشيرا أن الاقتصاد التركي تمكن من تحقيق التوازن، إذ بلغت نسبة العجز الجاري خلال 12 شهرا حتى أغسطس/آب الماضي 1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وذكر أن العامل الأساسي في إعادة التوازن الاقتصادي، هو تحول الأسر من الادخار بالدولار إلى الليرة، مما أسهم بشكل كبير في تعزيز احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية.
يذكر أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني رفعت تصنيف تركيا إلى B1 من B3 H الشهر الماضي، مشيرة إلى تحسينات في الإدارة وعودة راسخة إلى السياسة النقدية التقليدية؛ وأبقت على نظرة مستقبلية إيجابية لتركيا.
بينما رفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو اقتصاد تركيا إلى 2.8 بالمئة في 2024 من 2.5 بالمئة في تقديرات سابقة صادرة في ديسمبر/كانون الأول 2023.
"جيل"، قال إن النظرة المستقبلية للتصنيف تم تحديدها بأنها "مستقرة"، وذلك بسبب النجاحات التي حققها برنامج تخفيض التضخم وإعادة التوازن.
"التضخم في قطاع الخدمات في تركيا تراجع، إلا أنه ما زال أعلى من التضخم العام، وهذا قد يشكل أحد التحديات كما هو الحال في العديد من الدول".
وألمح إلى أن اتساق ارتفاع الحد الأدنى للأجور بشكل أكبر مع التضخم، قد يطرح تساؤلات حول مدى سرعة انخفاض التضخم العام.
وتتوقع الوكالة تنفيذ زيادة على الحد الأدنى للأجور في السوق التركية، بحلول نهاية العام الجاري، ليكون بمعدل وسطي بين هدف التضخم، والتضخم المسجل في نهاية العام الحالي.
وزاد: "نتوقع أن يبلغ التضخم حوالي 44 بالمئة في نهاية العام الحالي، مما يعني أن المعدل الوسطي بين 44 بالمئة والهدف البالغ 17 بالمئة يتراوح عند حوالي 30 بالمئة".
واعتبر ما سبق تطورا مهما بالنظر إلى الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة، مشيرا إلى أن هذا ليس مقتصرا على تركيا وحدها، لكن الضغوط في تركيا كانت أكبر مقارنة بأوروبا.. "خفض التضخم سيستغرق وقتًا طويلاً"، وفق تعبيره.
** خفض أسعار الفائدة
وتوقعت وكالة التصنيف الائتماني، أن يبدأ البنك المركزي التركي بخفض أسعار الفائدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، لكنهم حدّثوا توقعاتهم بعد أرقام التضخم لشهر سبتمبر/ أيلول، متوقعين أن يكون أول خفض لسعر الفائدة بنهاية الربع الأول 2025.
وقال جيل: "نظرا لأننا ما زلنا نتوقع أن يبلغ التضخم نحو 22-23 بالمئة بنهاية 2025، فإننا نعتقد أن خفض سعر الفائدة سيكون بنهاية الربع الأول من 2025، وسيكون البنك المركزي حذرا في هذا الخفض".
وتراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلك في تركيا، إلى 49.38 بالمئة في سبتمبر/أيلول، وهو ما يقل عن سعر الفائدة الذي يحدده البنك المركزي عند 50 بالمئة، للمرة الأولى منذ عام 2021.
وأشار جيل إلى أن معدل الفائدة سيظل أعلى بكثير من توقعات التضخم المستقبلية، "وسيراقب البنك المركزي بعناية سعر الصرف ومستويات الاحتياطي وتدفقات رأس المال".
** حركة الصادرات
كما توقع جيل أن ينمو الاقتصاد التركي بنسبة 3.1 بالمئة هذا العام، فيما سيتباطأ النمو إلى 2.3 بالمئة في 2025.
وبيّن أن النمو السلبي سيكون نادرا بالنظر إلى نمو السكان والانتعاش المتوقع في الطلب لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين لتركيا في أوروبا.
لكنه لم يستبعد احتمال نمو أقل من 2 بالمئة، مؤكدا أنه في حال عدم انخفاض التضخم، سيتعين على البنك المركزي الحفاظ على سياسة نقدية أكثر تشددا.
وذكر أن النمو الاقتصادي يعتمد أيضا على الزيادة في الحد الأدنى للأجور في ديسمبر/ كانون الأول، والتغيرات في السياسة المالية.
"من وجهة نظرنا، سيستغرق خفض التضخم إلى مستويات أحادية الرقم من 3 إلى 5 سنوات على الأقل، ومن الصعب على أي حكومة الحفاظ على سياسة مالية ونقدية مشددة ودعمها لفترة طويلة كهذه".
وأشار جيل إلى أن تركيا تعتبر اقتصادا منفتحا يتمتع بقوة في تصدير الخدمات، وتوقع أن يسهم صافي الصادرات في النمو خلال العامين المقبلين، في حين قد تكون المصروفات الأسرية ضعيفة، وهذا ليس مصادفة، بل جزء من الخطة الحكومية لخفض التضخم.