بأثاث بيته.. شاب في غزة يتحدى الجاذبية
بدأ تعلم عن طريق متابعة الفيديوهات وبعد ذلك أصبح يحاكي ما يشاهد، ثم انتقل لمرحلة صنع هويته الخاصّة من خلال إدخال أدوات جديدة للتحدي مستخدما معظم الأثاث المنزلية، مثل الكاسات زجاجية والعبوات فارغة وأنابيب الغاز والأخشاب، إضافة لبعض الأجهزة الكهربائية الثقيلة أبرزها "التلفاز".
لا يحتاج الشابّ محمد الشنباري "24 عاماً" الكثير من الوقت ليبهر المتواجدين في المكان؛ بعد أن استطاع تثبيت مجموعة علب المعدنية داخل إطارٍ خشبي، علقه على غصن شجرة، بطريقةٍ احترافية تحدى بها قوة الجاذبية.
يمياً ويساراً حرّك الشاب الإطار بِلا أدنى خوفٍ من سقوط العلب أرضاً، لاسيما وأنّها مصفوفةً فوق بعضها بطريقةٍ غير منتظمة.
أنهى عرضه البسيط هذا بابتسامة عريضة، شرحت تفاصيل أيامٍ قضاها بالتدّرب عليه.
**بروز الموهبة
نشأ الشنباري وسط أسرة بسيطة تسكن مدينة بيت حانون الواقعة شمالي قطاع غزّة، احترف أفرادها لعب رياضات مختلفة سواء كانوا ذكورا أو إناثا، الأمر الذي أثر كثيراً في اهتمامه بصحته البدنية ولياقته.
يقول:" منذ الصغر كنت باستمرار أزور صالات كمال الأجسام، وفكرت كثيراً بضرورة وجود عمل مميز أظهر من خلاله للناس، فاخترت ألعاب التوازن وكان ذلك قبل عام ونصف تقريباً".
وفيما يتعلق ببدايته مع موهبة تحدي الجاذبية يشير إلى أنّه تعلم عن طريق متابعة الفيديوهات على مواقع الانترنت، وبعد ذلك أصبح يحاكي ما يشاهد، ثم انتقل لمرحلة صنع هويته الخاصّة من خلال إدخال أدوات جديدة للتحدي.
ويستخدم الشابّ العشريني في تحدياته معظم الأثاث المنزلية، مثل الكؤوس الزجاجية والعبوات الفارغة وأنابيب الغاز المنزلي والأخشاب، إضافة لبعض الأجهزة الكهربائية الثقيلة أبرزها "التلفاز".
وعن السر في تحقيق التوازن، يعلق:" أركز في كلّ تجربة على تحديد نقطة الارتكاز الأولى على جسم مسطح صلب، وبعدها أبدأ في ترتيب العبوات الفارغة مثلاً، واحدةً تلو الأخرى بعكس اتجاه الجاذبية، مما يحقق اتزان في العمل".
**ابتكارٌ ودعم المحيط
تمكّن الشنباري الذي يتخذ من فناء منزله المزروع بعدد من الأشجار، مساحةً لتطوير موهبته، من حيث تنفيذ تحديات غريبة، كان أمر تحقيقها في الأوقات السابقة مستحيلاً بالنسبة له.
ويذكر منها تحدي أنابيب الغاز الذي قضى وقتاً طويلا في التفكير بآلية تنفيذه؛ كونها كبيرة الحجم، لافتاً إلى أنّه اهتدى أخيراً لاستعمال أدوات حديدية مساندة للوصول لما هدفه، ونجح.
ويروي الشاب أنّ "محترفي هذا المجال في الخارج غالباً ما يمتلكون معرفة واسعة في قوانين الفيزياء وتفاصيلها، لكنّ حالي مختلف عنهم، فكلّ ما توصلت له حتّى هذه اللحظة كان بالتجربة والمحاكاة".
وعلى الرغم من عدم تمكّنه من إكمال تعليمه الجامعي نتيجة ظروفٍ خاصّة به، إلّا أنّه يقول إنّ الموهبة لا علاقة لها بالتعليم على الأغلب، والإبداع في أيّ مجال ليس حكراً على المتخصصين.
نظرات محطيه من عائلة وجيران وأصدقاء، ودعمهم المتواصل لقدراته وموهبته شكّل دافعاً له.
وينوه إلى أنّ الكثير منهم يدعوه في المناسبات السعيدة لتقديم عروضٍ في المجال الذي يحترفه، ويثنون على أدائه دائماً ويحثونه على الاستمرارية.
**المركز الأول
لم يكن يعلم محمد أنّ مشاركته في مسابقة "صيف غزّة" المحلية، التي نظمها منتدى "شارك" الشبابي خلال العام الجاري؛ بهدف إبراز المواهب مجتمعياً وإعلامياً، ستكون علامةً فارقة في حياته خاصّة وأنّه حصل على المركز الأول بين جميع المتنافسين.
يسرد:" طالعت الإعلان حين كنت أتصفح منصات التواصل الاجتماعي، وقررت أن أعيش التجربة، بعد جولةٍ من التفكير، ركزت فيها على ماهية الشيء المختلف الذي يمكن أن أقدمه للناس".
خاض الشنباري المرحلة الأولى بكلّ قوة وتأهل للنصف النهائي بإجماعٍ من لجنة التحكيم، وفي الجولة التالية قدم عروضاً أفضل وفقاً لقوله، السبب الذي منحه ثقة الحكام ونقله للعروض النهائية، التي عُقدت ضمن حفلٍ عام حضره جمعٌ من المواطنين الغزيين.
يتابع:" في العرض النهائي، كنت حريصاً على إبهار اللجنة، وقدمتٌ أداءً مختلف حاز على إعجابها هي والجمهور، الذي ما انفك ينادي مشجعاً، وفي الختام تمّ إعلان فوز بالمركز الأول".
**ظروف صعبة
ويبين أنّ ذلك اللقب هو بمثابة بداية الطريق بالنسبة له وبوابة سيسعى من خلاله للصعود للعالمية.
ويعاني أصحاب المواهب بشكلٍ عام في قطاع غزّة من صعوباتٍ عديدة، تتمثل في عدم توفر بيئة مناسبة تساعد على التنمية والتطوير، كما أنّ كثيرون يتأثرون بالحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو "12 عام" والذي ترك أثاراً سلبية على كلّ المناحي الحياتية.
وبلغ معدل الفقر وفقاً لآخر البيانات الصادرة عن وزارة التنمية الاجتماعية 75 بالمائة، فيما وصلت نسبة البطالة بحسب الإحصاءات الأخيرة الصادرة مركز الإحصاء الفلسطيني إلى 53 بالمائة، وفي صفوف الشباب بلغت حوالي 67 بالمائة.
#تحدي الجاذبية
#غزة
#محمد الشنباري