رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين قدورة فارس، بتصريح : - إسرائيل منعت المنظمات الدولية والحقوقية من زيارة سجونها للاطلاع على واقع أسرانا - ارتفاع نسبة الوفيات بين أسرانا يدل على أن هناك قتلا متعمدا من قبل سلطات إسرائيل - الضرب المبرح والمتواصل للأسرى والتقييد والتنكيل والإهمال الطبي سيقود حتما إلى الوفاة - 1500 أسير حكم عليهم بالسجن 5 سنوات وأعلى، و3500 منهم معتقلون إداريا وهناك 290 طفلا
حذر رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين قدورة فارس، من الخطر المحدق بحياة 14 ألف معتقل في سجون إسرائيل، مشيرا إلى أنهم معرضون للموت جراء التعذيب وسياسة الإهمال الطبي.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع رئيس الهيئة (تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية) في مكتبه بمدينة البيرة بالضفة الغربية المحتلة، بينما تواصل إسرائيل التنكيل بالأسرى وفق شهادات متتالية لمحررين ظهرت على أجسادهم الهزيلة علامات التعذيب.
ومنذ بدء الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تحدثت منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية ودولية عن تردي الأوضاع في السجون الإسرائيلية، ولا سيما في سدي تيمان سيئ السمعة.
واعتقل الجيش الإسرائيلي منذ بدء عمليته البرية بغزة في 27 من الشهر نفسه، آلاف المدنيين الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني.
وخلال الشهور الماضية، أطلق الجيش سراح عشرات الأسرى الفلسطينيين من غزة على دفعات متباعدة، معظمهم عانوا من تدهور في أوضاعهم الصحية، وحملت أجسامهم آثار تعذيب وإهمال طبي.
3 أسرى يقتلون بالشهر
يقول فارس إن "وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية كارثي وغير مسبوق، حيث ترتكب بحقهم سلسلة جرائم على مدار الدقيقة والساعة، تبدأ بجريمة الإخفاء القسري لأسرى قطاع غزة، ونسبيا إخفاء قسري لأسرى الضفة الغربية".
ويشير إلى أن إسرائيل منعت المنظمات الدولية والحقوقية من زيارة سجونها للاطلاع على واقع الأسرى الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بأصناف التنكيل التي يواجهها الأسرى، يوضح: "يتعرضون للضرب المبرح والاعتداءات الجسيمة، الأمر الذي أدى الى ارتقاء عشرات الشهداء منهم، وفقا للأسماء التي أعلن عنها ونعرفهم".
ويذكر المسؤول الفلسطيني أن "أكثر من 3 أسرى يقتلون في الشهر، وهذا لم يحدث في التاريخ ولا يحدث في أي سجن في العالم".
ويوضح أن "ارتفاع نسبة الوفيات يدل أن هناك قتلا متعمدا، حيث يعاني الأسرى من إعياء وتوتر وحالة من القلق، وعدم وجود ملابس نظيفة، ونقص في مواد التنظيف، وتقليص كميات المياه والاستحمام جراء اكتظاظ السجون".
فارس يحذر أيضا من "انتشار الأمراض الجلدية بين الأسرى والتي يراها البعض أمرا بسيطا، ولكنها في الحقيقة خطيرة قد تضرب أجهزة حيوية في جسد الأسير".
ويلخص الانتهاكات الإسرائيلية بحق المعتقلين الفلسطينيين بالقول إن تل أبيب "تشرع بقتل جماعي لـ 14 ألف أسير فلسطيني".
ويرجع سبب ذلك إلى أن "الضرب المبرح والمتواصل والتقييد والتنكيل والإهمال الطبي سيقود حتما إلى الوفاة، فالقتل في السجون ناتج عن سببين اثنين: الإهمال الطبي والاعتداءات الوحشية".
وبشأن الاستهتار الإسرائيلي بالمجتمع الدولي يقول إن تل أبيب "لم تعد مهتمة بإخفاء أي معطى من المعطيات، والعالم شاهد صور وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وهو يقتحم السجن فجرا وسط تنكيل بالأسرى".
ويضيف بأن "هذا يدل على أن مؤسسات إسرائيل متورطة في الجرائم الكبرى بحق الأسرى، بدءا من المستوى السياسي مرورا بالأجهزة الأمنية والعسكرية، ثم الجهاز القضائي الذي بات يعلم علم اليقين ولديه معطيات أن هناك جرائم وانتهاكات للقانون الإسرائيلي ولم يكبح جماح الدولة".
وفي 9 أكتوبر الجاري، بث بن غفير على منصة "إكس" زيارته إلى سجن عوفر، ويظهر فيه تعامل الجنود الإسرائيليين القاسي مع الأسرى الفلسطينيين، بزعم أنهم من قوات "النخبة" التابعة لحركة "حماس"، وهو ما تسبب بموجة استياء واسعة النطاق.
3500 معتقل بدون تهمة
ومنتقدا صمت المجتمع الدولي، يحذر فارس من أن ذلك "يشجع إسرائيل على المضي قدما في انتهاكاتها بحق الأسرى الفلسطينيين".
وعن أعداد الأسرى الإجمالي، يوضح أن هناك "1500 أسير حكم عليهم بالسجن 5 سنوات وأعلى، و3500 منهم يعتبر معتقلا إداريا (دون تهمة)، و290 طفلا".
ويبيّن قائلا: "هذا يعني أن بقية الأسرى يجب أن يكونوا أحرارا باعتبارهم لا يشكلون خطرا على دولة الاحتلال، لكن إسرائيل تعتقل وتلفق التهم بحقهم، مثل: كتابة تعليق ورأي على مواقع التواصل الاجتماعي".
وبشأن أسرى قطاع غزة، يقول فارس: "الذين تمكنا من زيارتهم اعتقلوا على الحواجز العسكرية خلال عمليات النزوح، منهم من اعتقل منذ 10 شهور وتعرض للضرب والتنكيل ولم يسأل من قبل المحققين أي سؤال".
ويؤكد أن الأسرى الفلسطينيين "يتعرضون لحرب انتقامية، ونحن لا نعرف عدد من اعتقل كمقاتلين، ربما هناك من اعتقل وتم قتلهم، وهذا ضمن سياسة الإخفاء القسري".
ويتهم رئيس هيئة شؤون الأسرى، إسرائيل بـ"استخدام أسرى فلسطينيين دروعا بشرية، تمهيدا لقتلهم حتى تدفن قصصهم معهم"، واصفا الخطوة بأنها "عمل غير أخلاقي من الدرجة الأولى".
ويلفت إلى أن "إسرائيل التي تدعي الديمقراطية تعود لنصوص دينية إلى قبل 5 آلاف سنة لتشرع قتل الفلسطينيين، ولا حدود لكراهيتهم وحقدهم".
ويختم فارس حديثه باستحضار قصة الأسير الفلسطيني وليد خليفة الذي اعتقل في سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل أن يُعلن عن مقتله بعد ساعات، "رغم أنه كان بصحة جيدة ويتحدث مع عائلته أثناء اعتقاله".
وتعود القصة إلى نهاية الشهر الماضي، حين أعلن نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، في بيان، أن الارتباط الفلسطيني (جهة الاتصال مع إسرائيل) أبلغ عائلة المعتقل وليد أحمد خليفة (30 عاما)، من مخيم العين للاجئين بنابلس، "باستشهاده".
ونقل النادي عن عائلة خليفة، قولها، إن "جيش الاحتلال أخرج وليد من المنزل وهو مصاب، حيث جرى نقله بواسطة نقالة خاصة لنقل الجرحى، وكان وليد يصرخ وينادي على عائلته، لحظة اعتقاله".
واعتبر النادي أن ما جرى "عملية إعدام، حيث كان خليفة في وعيه لحظة إصابته واعتقاله، وهو أب لأربعة أطفال، أحدهم يبلغ من العمر شهرا".
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تجاوزت حصيلة المعتقلين 11 ألفا و300 فلسطيني من الضّفة بما فيها القدس، وفق مؤسسات الأسرى، فيما تغيب أرقام دقيقة عن الأسرى من قطاع غزة بسبب التعتيم الإسرائيلي.
وبموازاة حرب الإبادة على قطاع غزة وسع الجيش الإسرائيلي عملياته، كما صعد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل 757 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و250، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وخلفت الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بغزة بدعم أمريكي أكثر من 141 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.