مدير "أونروا" بغزة: خدماتنا معرّضة للخطر هذا العام

Ersin Çelik
09:4812/07/2018, Perşembe
تحديث: 12/07/2018, Perşembe
الأناضول
المنظمة تشتغل في ظروف صعبة داخل القطاع
المنظمة تشتغل في ظروف صعبة داخل القطاع

مقابلة مع ماتياس شمالي، مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة


قال ماتياس شمالي، مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة، إن بعض خدمات الوكالة ستكون معرّضة للخطر خلال العام الجاري؛ في ظل استمرار الأزمة المالية التي تعصف بها.

ولم يوضح "شمالي" في مقابلة مع الأناضول، طبيعة تلك الخدمات المهددة بخطر التقليص أو الانتهاء، مبينا أنه سيتم تحديدها وفق ميزانية "أونروا".

لكن أكثر الخدمات التي تتأثر من أزمة "أونروا" المالية، بحسب "شمالي"، هي الخدمات غير المدرجة على ميزانيتها الرئيسية.

وحذّر من أن الوضع الإنساني في قطاع غزة يتجّه نحو "الأسوأ"، في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة، معربًا عن اعتقاده بأن الوضع السياسي والاجتماعي قريب "من الانهيار".

ولمنع ذلك الانهيار، يطالب "شمالي" بمعالجة جذرية للمشكلات التي يعشيها قطاع غزة عبر رفع "الحصار الإسرائيلي".

وأضاف: "دون أدنى شك المشكلة الرئيسية هو الحصار، الحل لهذه المشكلات هو رفع الحصار من أجل أن ينتعش الاقتصاد الفلسطيني".

ووصف فرض إسرائيل لعقوباتها الأخيرة ضد قطاع غزة، بدعوى قلقها من مواصلة إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة تجاه مزارعها، بـ"الرد الخاطئ".

وتابع: "لأنه عندما ننظر للمخاطر من فرض تلك العقوبات، التي تؤثر على حركة الصادرات والواردات، نجد أن المخاطر جمة، وهذا يعتبر عقوبة تؤثر على جميع أفراد الشعب بغزة".

وقررت إسرائيل، الإثنين، فرض عقوبات على غزة، تشمل: تقنين إدخال البضائع، واقتصارها على السلع الإنسانية فقط، ومنع التصدير، وتقليص مساحة صيد الأسماك، وإغلاق معبر "كرم أبو سالم".

وتفرض إسرائيل حصارًا بريًا وبحريًا على غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني نسمة، وذلك منذ فوز "حماس" بالانتخابات البرلمانية، عام 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع كليا، في العام التالي.

**الأزمة المالية

في هذا الصدد قال "شمالي"، إنه حينما أبلغتهم الإدارة الأمريكية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، عدم توفير مبلغ بقيمة 365 مليون دولار لميزانيتها لعام 2018، أسوة بالمبلغ الذي قدّمته العام الماضي، وصل العجز في الميزانية -آنذاك- إلى 446 مليون دولار.

وكانت الولايات المتحدّة الأمريكية قد قدّمت مبلغًا يقدّر بـ365 مليون دولار أمريكي لميزانية وكالة "أونروا" عام 2017.

وتعتمد ميزانية "أونروا" في حساباتها المالية على ما تم تقديمه من الدول خلال آخر سنة، لذا تسبب القرار الأمريكي بدفع 65 مليون دولار فقط، بعجز يصل إلى 300 مليون من إجمالي العجز الذي تعاني منه الوكالة الأممية.

وكانت المساعدات الأمريكية المالية لوكالة "أونروا" تشكّل حوالي 25% من إجمالي ميزانيتها العامة (أي رُبع الميزانية).

وتبلغ إجمالي الميزانية العامة السنوية لتشغيل وكالة "أونروا" في مناطق عملياتها الخمسة (قطاع غزة، الضفة الغربية، سوريا، لبنان، الأردن)، حوالي 1.2 مليار دولار.

**جهود سد العجز

أشار "شمالي" إلى أنه منذ اللحظة الأولى التي أُبلغت بها "أونروا" بالقرار الأمريكي تقليص الدعم المالي لخزانتها، بدأت جهودًا حثيثة لسد قيمة العجز.

ونجحت إدارة الوكالة، وفق "شمالي"، في جمع نحو 238 مليون دولار من إجمالي قيمة العجز، ما أدى إلى تقلّص هذه القيمة إلى 217 مليون دولار أي النصف.

وكان "شمالي"، قال في حوار سابق للأناضول (شهر فبراير/شباط الماضي): "التمويل المالي المتوفر للوكالة، يكفي لتقديم خدماتها حتّى شهر يوليو/ تموز المقبل فقط".

لكن، اليوم، يقول إن وكالته أحرزت تقدمًا طفيفًا، حيث نجحت في إبقاء مرافقها مفتوحة، وتمكنت من استكمال العام السابق بنجاح.

**المساعدات الغذائية

وتابع شمالي: "قبل نحو قرابة ثلاثة شهور، لم نكن نعرف إذا كنا قادرين على توزيع الدورة الثانية من المساعدات الغذائية للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين تقدّر أعدادهم بنحو مليون لاجئ".

لكن "أونروا"، نجحت في تقديم تلك المساعدات خلال الدورة السابقة (الدورة تمتد لمدة 3 شهور).

وأوضح أن "أونروا"، ستبدأ بتوزيع الدورة الثالثة من المساعدات الغذائية للاجئين الفلسطينيين في غضون أسبوعيْن اثنيْن.

وتبلغ تكلفة الدورة الواحدة من توزيع المساعدات الغذائية للاجئين حوالي 20 مليون دولار أمريكي؛ منهم 15 مليون تُدفع ثمنًا للمواد الغذائية، و5 ملايين تكلفة جلب تلك المواد وتوزيعها.

**برنامج التعليم

يهدد العجز الكبير الذي تعاني منه وكالة "أونروا"، العام الدراسي الجديد الذي يبدأ نهاية أغسطس/ آب المقبل، وذلك في جميع مناطق عملياتها الخمسة.

وفي حال لم يتوفر التمويل لدى وكالة "أونروا"، بما يكفي لافتتاح العام الدراسي في كل مناطق عملياتها الخمسة، ربما تتخذ الوكالة قرارًا بتأجيل موعد افتتاح هذا العام، وفق شمالي.

لكن، شمالي يرى إنه من المبكر الحديث عن إذا ما كان سيتم التأجيل أم لا، حيث سيتم إعلان ذلك في منتصف شهر أغسطس/ آب المقبل، بناء على الميزانية التي ستتوفر حتّى ذلك اليوم.

وقال مدير عمليات "أونروا" بغزة، إن نقص التمويل شكّل هاجس تأجيل العام الدراسي نظرًا لأهميته.

وفي ذات السياق، أوضح أن قطاع غزة يضم نحو 275 مدرسة تابعة لوكالة "أونروا"، وتعتبر هذه المدارس جزءًا من البرنامج التعليمي العام للوكالة في جميع مناطق عملياتها.

وتبلغ التكلفة الشهرية للخدمات الصحية أو التعليمية التي تقدّمها "أونروا" في كل مناطق عملياتها الخمسة حوالي 40 مليون دولار، وفق شمالي.

وذكر شمالي، أن نصيب قطاع غزة من تلك الميزانية يبلغ حوالي النصف أي (20 مليون دولار)، وذلك نظرًا لكونها أكبر منطقة تقدم فيها خدمات صحية وتعليمية؛ فيما يذهب الجزء الكبير من هذه الميزانية لبرنامج التعليم.

وأثّرت الأزمة المالية التي تمرّ بها "أونروا" على برنامج أسابيع المرح الصيفية، التي اعتادت الوكالة تنظيمه بين نهاية كل عام دراسي، وبداية العام الجديد.

فلم تنجح إدارة الوكالة بتوفير التمويل الكافي، لافتتاح برنامج ألعاب المرح الصيفية، حيث حصلت على تمويل يكفي لـ"تقديم أنشطة دعم نفسي للأطفال عبر برنامج الصحة النفسية والمجتمعية التابع للوكالة"، كما قال شمالي.

وأشار شمالي إلى أن هذه الأنشطة لها أهمية كبيرة "خاصة في هذه الفترة التي يمرّ بها قطاع غزة؛ في ظل سقوط عدد من الأطفال جرحى وقتلى في مسيرة العودة".

ولفت إلى أن تلك الأنشطة سيتم تقديمها على مدار 3 أسابيع مستقبلية (دون تحديد مدة البدء بها).

وأكّد شمالي أن أي نشاط تعليمي تقدمه "أونروا" داخل مدارسها لن يتأثر بالأزمة المالية، في حال نجحت بافتتاح العام الدراسي الجديد.

واستدرك: حتّى إن تم تأجيل العام الدراسي بسبب الأزمة المالية، فلن تتخلى "أونروا" عن الأنشطة التي كانت تقدّمها داخل مدارسها.

وتابع: "مناهج أونروا، حتّى وإن كانت الأنشطة الفنية، لن تتأثر بالأزمة المالية بما أنها جزء من الميزانية الرئيسية".

وفيما يتعلق بالقطاع الصحي، اعتبر شمالي أن استمرار فتح المراكز الصحية التابعة لـ"أونروا" حتّى اللحظة؛ رغم الصعوبات المالية التي تواجهها نقطة إيجابية تُضاف لجهود الوكالة لمنع وقف خدماتها.

ونوّه إلى أن "المراكز الصحية تعمل بشكل منتظم لكن الأعداد المتزايدة من الجرحى شكّلت عبئًا إضافيًا على عمل المراكز".

وبين أن ذلك العبء ليس له علاقة بالأزمة المالية التي تمرّ بها "أونروا"، وإنما بتعامل الجانب الإسرائيلي مع "مسيرة العودة".

واستشهد 137 فلسطينيًا، منذ بداية مسيرة "العودة"، في 30 مارس/آذار الماضي، وأصيب أكثر من 1700 شخص بإصابات مختلفة. وضمن فعاليات المسيرة، يتظاهر آلاف قرب السياج الفاصل، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها في 1948، ورفع الحصار عن قطاع غزة.

**تحويل الميزانية

وتعقيبًا على المطالبات الفلسطينية بتحويل ميزانية "أونروا" إلى الميزانية العامة والرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة، من أجل تفادي أي أزمات مالية لاحقة، قال شمالي: "هذا الاقتراح قدّم العام الماضي من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة".

لكن لاقى الاقتراح، بحسب "شمالي"، اعتراض عدد من الدول الأعضاء ما حال دون اعتماده.

وارتأى شمالي، أن إعادة طرح ذلك المقترح ليس من عمل الوكالة، إنما هي جهود الدول الأعضاء.

وأعرب مدير عمليات "أونروا" بغزة عن اعتقاده بأن الأزمة الحالية التي تمرّ بها وكالته هي "أزمة سياسية وليس أزمة مالية".

وفسر ذلك بأن "السبب الرئيسي وراء وجود أونروا، هو أزمة اللاجئين الفلسطينيين الذين تم إخراجهم من ديارهم، بالتالي على المجتمع الدولي أولًا حل قضية فلسطين، وإيجاد حل عادل للاجئين".

وشدد على أنه "حتّى ذلك الحين الذي يتم فيه حل تلك القضايا، يجب تمويل الوكالة كي تتمكن من تقديم خدماتها الرئيسية"، مطالبًا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بـ"عدم خذلان اللاجئين الفلسطينيين".

وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة.

وحتى نهاية 2014، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في المناطق الخمس نحو 5.9 ملايين لاجئ، حسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء (حكومي).
#أزمة مالية
#إسرائيل
#أونروا
#اللاجئين
#حصار
#عقوبات
#غزة
#ماتياس شمالي