قال سفير جمهورية جنوب إفريقيا بهولندا فوسيموزي مادونسيلا إن التعبير الواضح في إسرائيل وعلى مستويات متعددة عن نية الإبادة الجماعية في قطاع غزة "غير مسبوق".
وفي مقابلة مع الأناضول، أشار مادونسيلا إلى أن الأدلة الجديدة التي قدمتها بلاده تعزز مسار قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023، رفعت جنوب إفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.
ولاحقا، انضمت عدة دول إلى القضية لدعم جنوب إفريقيا، منها تركيا ونيكاراغوا وفلسطين وإسبانيا والمكسيك وليبيا وكولومبيا.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 148 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
أدلة متزايدة
وأشار مادونسيلا إلى أن الطلب الرئيسي ومرفقاته المقدمة إلى محكمة العدل الدولية في 28 أكتوبر الماضي بلغت 750 صفحة، في حين أن الأوراق والمعلومات والمستندات الداعمة تزيد عن 4 آلاف صفحة.
وأكد أن الوثائق المقدمة للمحكمة تحتوي على أدلة قوية على أن إسرائيل ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية في غزة.
وقال: "على عكس قضايا الإبادة الجماعية الأخرى، تتناول هذه القضية إبادة جماعية مستمرة، ولهذا تضاف وثائق ومواد سمعية وبصرية جديدة كل يوم. الأدلة التي لدينا تتزايد باستمرار".
وأضاف: "لم تكن مشكلتنا الرئيسية هي نقص الأدلة، بل كثرتها. أجرينا دراسة دقيقة لاختيار الأدلة التي يمكن أن تثبت قضيتنا بأفضل طريقة".
وأردف: "كشفنا في طلبنا عن عناصر جريمة الإبادة الجماعية بما يتوافق مع مبادئ القانون الدولي، وقدمنا الأدلة التي تثبت كل عنصر".
وذكر أن الأدلة تتكون من وثائق مكتوبة ومواد سمعية وبصرية وأقوال ضحايا وشهود عيان وأقوال الطواقم الطبية العاملة في القطاع، إلى جانب تقارير مؤسسات الأمم المتحدة بشأن ما يحدث على أرض الواقع.
نية الإبادة
وفي معرض الحديث عن وجود نية لارتكاب إبادة جماعية في غزة، قال مادونسيلا إنه "من النادر جدا التعبير عن نية الإبادة الجماعية بصورة علنية بهذا الشكل (كما في إسرائيل)".
وشدد على أن المسؤولين من كل مستويات إسرائيل تقريبا، من أعضاء مجلس الوزراء إلى أعضاء الكنيست (البرلمان)، ومن جنود الجيش إلى ممثلي المنظمات غير الحكومية، عبروا بوضوح عن هذه النية.
وأوضح أن "التعبير بشكل واضح عن نية إخلاء غزة من السكان يعد عنصرا مهما في إثبات قضيتنا".
مراحل المحاكمة
وأفاد مادونسيلا بأنه يمكن لإسرائيل تقديم اعتراض أولي بشأن اختصاص المحكمة وقبول القضية حتى 28 يناير/ كانون الثاني 2025.
وقال: "ستقوم المحكمة بتقييم هذا الاعتراض وتقرر ما إذا كانت القضية ستستمر".
وأضاف: "إذا قررت المحكمة لصالحنا، أي إذا وجدتنا على حق من حيث الاختصاص والمقبولية، ستنتقل القضية إلى المرحلة التالية".
وأشار إلى أنه "إذا لم تقدم إسرائيل اعتراضا أوليا، فستكون ملزمة بتقديم لائحة جوابية بحلول 28 يوليو/ تموز 2025".
وفي حال قدمت إسرائيل اعتراضا أوليا ورُفض الاعتراض، أوضح مادونسيلا أنه "سيبدأ موعد التسعة أشهر لتقديم اللائحة الجوابية بعد قرار المحكمة بشأن الاعتراض الأولي، ما سيؤدي إلى تأجيل تاريخ تقديم اللائحة الجوابية".
انضمام جديد
ولفت مادونسيلا إلى أن العديد من الدول بما في ذلك تركيا وفلسطين، أعلنت انضمامها إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها بلاده ضد إسرائيل، وأنه من المتوقع أن تنضم دول جديدة إليها.
ومشيرا لإعلان 10 دول انضمامها إلى القضية حتى الوقت الراهن، قال إن "تعليقات هذه الدول بشأن الإبادة الجماعية ستساعد المحكمة على تقييم ما يحدث في غزة".
وذكر أن العديد من الدول أعلنت عزمها الانضمام إلى القضية بعد أن قدمت جنوب إفريقيا طلبها الرئيسي في 28 أكتوبر الماضي، موضحا أنه سيكون بإمكان الدول الانضمام إلى القضية حتى 28 يوليو/ تموز 2025، موعد تسليم إسرائيل اللائحة الجوابية.
ومن الصعب التنبؤ بالموعد الذي ستنتهي فيه عملية التقاضي أمام محكمة العدل الدولية، لكن تم تحديد الموعد النهائي لإسرائيل لتقديم وجهة نظرها المعارضة في 28 يوليو 2025.
وبالنظر إلى السوابق القضائية للمحكمة، تشير التقديرات إلى أن عملية التقاضي قد تستغرق بين 4 ـ 5 سنوات.