- عقب هدوء ميداني ساد اليمن لنحو 3 أعوام تجددت معارك دموية في اليمن وتصاعدت مخاوف محلية وخارجية من تصاعد أكبر للصراع - اشتباكات اندلعت بين القوات الحكومية والحوثيين في مأرب وتعز والجوف والجماعة أعلنت مقتل 24 من عناصرها معظمهم ضباط - مبعوث الأمم المتحدة كثف تحركاته الدبلوماسية وعقد مباحثات في السعودية وإيران وسلطنة عمان واليمن محاولا خفض التصعيد
عقب هدوء ميداني ساد اليمن لنحو 3 أعوام، تجددت معارك بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثي في جبهات عدة، ما خلف خسائر بشرية.
وتتصاعد مخاوف محلية وخارجية من تصاعد أكبر للصراع في البلد العربي، الذي يعاني بالفعل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
ومنذ أبريل/ نيسان 2022، شهد اليمن هدنة من حرب اندلعت قبل أكثر من 10 سنوات بين القوات الحكومية والحوثيين المسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وفي سياق المعارك المتجددة، أعلن محور تعز العسكري الحكومي، عبر بيان مساء الأربعاء، أن "اشتباكات عنيفة دارت بين قوات الجيش ومليشيا الحوثي في جبهة الأقروض بمديرية المسراخ جنوب شرقي محافظة تعز (جنوب غرب)".
وأضاف أن "قوات الجيش نجحت في إحباط محاولة تسلل عناصر الحوثي، ما أسفر عن قتلى وجرحى في صفوفهم"، دون ذكر عدد محدد.
** مواجهات وتحشيد
كما نقل موقع وزارة الدفاع اليمنية "سبتمبر نت" عن مصادر عسكرية لم يسمها الأربعاء، أن "مجاميع من المليشيات الحوثية حاولت التسلل باتجاه مواقع قوات الجيش في قطاع الردهة بجبهة البلق في محافظة مأرب (وسط)".
وتابعت المصادر أن "القوات الحكومية استهدفت تلك المجاميع، وأجبرتها على التراجع".
وأردفت أن مدفعية الجيش "استهدفت تجمعات لآليات المليشيات الحوثية في جبهتي البلق والعكد بمأرب ودمرتها ردا على اعتداءاتها ".
وأفادت بأن "مليشيات الحوثي مستمرة في تحشيداتها المعادية في مختلف جبهات مأرب، إضافة إلى اعتداءاتها المتواصلة بقذائف المدفعية".
وفي محافظة الجوف (شمال)، قالت المصادر ذاتها إن "القوات الحكومية أفشلت، الأربعاء، محاولة تسلل حوثية في قطاع الجدافر، وكبدت عناصر الجماعة خسائر بشرية ومادية"، دون تفاصيل.
** مقتل 24 حوثيا في 72 ساعة
ومع تجدد المعارك، أعلنت جماعة الحوثي خلال الـ72 ساعة الماضية مقتل 24 من عناصرها، معظمهم ضباط.
وقالت الجماعة إن هؤلاء قُتلوا في مواجهات منفصلة مع القوات الحكومية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وفق 3 بيانات.
ومن بين القتلى من هم برتبة عميد وعقيد ومقدم ونقيب، حسب رصد الأناضول لأخبار نشرتها وكالة أنباء "سبأ" التابعة للحوثيين، دون تحديد تاريخ مقتلهم.
** جولة أممية
وفي أقل من أسبوعين، كثف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ تحركاته الدبلوماسية في المنطقة، محاولا خفض التصعيد الراهن والدفع بعملية السلام قدما.
وشملت جولة غروندبرغ عقد لقاءات مع مسؤولين بارزين في كل من السعودية وإيران وسلطنة عمان واليمن (صنعاء).
ومساء الأربعاء، أبلغ غروندبرغ مجلس الأمن الدولي، في إحاطة، بأنه "قام بالتواصل المكثف مع أصحاب المصلحة اليمنيين والإقليميين والدوليين في جميع أنحاء المنطقة".
وأضاف أنه "عقد مناقشات صعبة أحيانا وبناءة غالبا وصريحة دائما أثناء زياراته إلى مسقط وصنعاء وطهران والرياض".
وتابع غروندبرغ أن مشاوراته الأخيرة هدفت إلى "تكثيف الجهود لتحقيق حل سلمي للنزاع اليمني".
واستطرد: "رسالتي لجميع المحاورين واحدة: نحن بحاجة إلى خفض التصعيد فورا والانخراط الجاد من أجل السلام.. نحو 40 مليون يمني انتظرونا وقتا طويلا".
** موقف الحكومة والحوثيين
مع تجدد المواجهات وتواتر التحركات الأممية، يتبادر تساؤل بشأن المواقف الراهنة لطرفي النزاع اليمني.
والثلاثاء، أكد رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك "تمسك الحكومة الشرعية بنهج السلام الشامل والعادل، بموجب المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محليا والمؤيدة إقليميا ودوليا، وخاصة القرار 2216".
وأضاف خلال لقائه غروندبرغ بالرياض أن "أعمال التصعيد لمليشيا الحوثي الارهابية تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
وزاد أنها تهدف أيضا إلى "تهديد خطوط الملاحة الدولية، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية".
ويرفض الحوثيون المرجعيات الثلاث وهي: المبادرة الخليجية لعام 2011، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014)، وقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار 2216، الذي يطالبهم بالانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها وتسليم سلاحهم.
وفي 7 يناير/ كانون الثاني الجاري، قال عضو المكتب السياسي للحوثيين حسين العزي إن "أمريكا هي مَن تمنع الأطراف الأخرى (الحكومة اليمنية) من تنفيذ خارطة الطريق، وتصر على ربط التزاماتهم بمشكلة إسرائيل".
و"تضامنا مع قطاع غزة"، الذي يتعرض لإبادة جماعية إسرائيلية بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يهاجم الحوثيون سفن شحن تابعة لإسرائيل أو مرتبطة بها في البحر الأحمر، كما ينفذون هجمات على أهداف داخل إسرائيل بصواريخ وطائرات مسيرة.
ولم تعقب الولايات المتحدة على اتهامات القيادي البارز في الحوثيين، لكن واشنطن أعربت مرارا عن حرصها على إحلال السلام باليمن.
واعتبر العزي، عبر منصة "إكس"، أن زيارة غروندبرغ لصنعاء هدفت "للتغطية على تنصل الأطراف الأخرى عن الخارطة، وتبييض صفحاتهم المليئة بالأعمال العدائية عسكريا واستخباراتيا، وتصوير الأمر وكأن الكرة في ملعب صنعاء".
وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلن غروندبرغ التزام الحكومة وجماعة الحوثي بحزمة تدابير ضمن "خارطة طريق"، تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار، وتحسين ظروف معيشة المواطنين.
لكن حتى اليوم لم يتم تنفيذ هذه الخارطة، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والحوثيين بشأن المسؤولية عن عدم إحراز تقدم في هذا المسار.