- جرحى وقتلى جراء قصف جوي إسرائيلي بالتزامن مع إطلاق قذائف مدفعية صوب منازل المواطنين - تعذر انتشال ضحايا القصف جراء صعوبة الأوضاع الأمنية وخروج منظومتي الطوارئ والصحة عن الخدمة - نسرين حميد للأناضول: مشهد نزوح المواطنين بالشوارع في الصباح الباكر كان مبكيا والجميع يركض خائفا رجالا وأطفالا ونساء - مدير التمريض في "كمال عدوان" عيد صبّاح للأناضول: الجيش الإسرائيلي قصف المستشفى ما أدى لاحتراق مخزن أدوية ومستلزمات طبية تم تسلمها من منظمة الصحة العالمية قبل أيام
عاش أهالي بلدة بيت لاهيا ومحيطها في شمال قطاع غزة، ليلة الأربعاء الخميس، أهوالا مزلزلة على وقع مواصلة الجيش الإسرائيلي جرائم الإبادة هناك بلا هوادة.
خلال تلك الليلة، مارس الجيش الإسرائيلي ضد السكان الفلسطينيين كافة الجرائم، بما يشمل القصف والقتل والإصابة، والتهجير القسري، إلى جانب مواصلة مخططاته للقضاء على ما تبقى من المنظومة الصحية هناك.
** قصف جوي ومدفعي
ووفق إفادات شهود عيان لمراسل الأناضول، أطلقت مقاتلات إسرائيلية عددا من صواريخها على مناطق ببلدة بيت لاهيا، التي تُعد أكثر منطقة ذات كثافة سكانية حاليا بمحافظة شمال قطاع غزة، بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل صوب منازل المواطنين، ما خلف عشرات الضحايا بين قتلى ومصابين.
وأوضح الشهود أن ضحايا القصف لا يزالون بأماكنهم، إثر تعذر انتشالهم جراء صعوبة الأوضاع الأمنية وخروج منظومتي الطوارئ والصحة عن الخدمة بسبب هجمات الجيش الإسرائيلي، فيما لم يتسن جراء ذلك إحصاء عددهم.
ولفتوا إلى أنه في أعقاب تلك الاستهدافات العنيفة، تقدمت آليات إسرائيلية من المحورين الشمالي والجنوبي صوب منازل المواطنين ومراكز الإيواء في بيت لاهيا والمناطق المحيطة بها.
كما أنذر الجيش الإسرائيلي عبر مكبرات صوت مثبتة على مسيرات أهالي بيت لاهيا بإخلاء منازلهم ومراكز الإيواء فورا دون تحديد وجهة واضحة لهم، حسب الشهود.
** نزوح وعطش وجوع
مواطنون من بيت لاهيا رووا للأناضول ليلة صعبة عاشوها تحت القصف والإبادة الإسرائيلية.
ومن هؤلاء لؤي المصري، وهو نازح برفقة عائلته بمدرسة "تل الربيع"، الذي قال إن "الليلة الماضية كانت قاسية جدا، إذ لم تتوقف فيها الاستهدافات أبدا".
ويضيف: "مع حلول الفجر، وصلت مسيرات إسرائيلية مثبت عليها مكبرات صوت؛ طالبنا من خلالها جيش الاحتلال بالخروج فورا، وفي الصباح فوجئنا بأن الآليات العسكرية تقدمت من جهة الشمال ناحيتنا".
ويلفت المصري إلى أن "ذلك سبب حالة إرباك وخوف كبيرة لدى النازحين حيث خرج كثير منهم وسط العتمة إلى المجهول، وفي الطريق ظلت القذائف المدفعية تلاحقهم ما أدى لإصابة عدد منهم، وللأسف لم يحضر أي إسعاف للتعامل مع الإصابات".
ويتابع: "بلدة بيت لاهيا ومشروعها هي آخر الأماكن التي بقي فيها مواطنون ونازحون بعد تفريغ الاحتلال لشمال قطاع غزة، وإصراره على تهجير الأهالي بهذه المنطقة يدل على نواياه لتنفيذ خطته بالاستيطان في شمال القطاع".
وبحسب حديث المصري، فإن "الأهالي والنازحين متعبون جدا، ويعانون منذ بدء العملية العسكرية من العطش والجوع بسبب منع الاحتلال لدخول إمدادات الإغاثة".
ويردف أن "من نزحوا تفرقوا في الشوارع المحيطة ببلدة بيت لاهيا لا يعرفون إلى أين يذهبون، ولا يملكون أي مقومات للحياة، وهناك كثير من الجرحى الذين لا يجدون العلاج بسبب تعطيل جيش الاحتلال للمنظومة الطبية".
** الهدف هو التهجير القسري
ومن الجهة الجنوبية لبلدة بيت لاهيا، تقدمت الآليات الإسرائيلية أيضا ووقفت عند أطراف منطقة مشروع بيت لاهيا التي يقطنها آلاف من النازحين والمواطنين.
وصاحب ذلك التقدم قصف عنيف واستهدافات فـ"خرج الناس في منتصف الليل فزعين وباحثين عن النجاة بأرواحهم"، وفق ما تقول الشابة نسرين حميد لمراسل الأناضول.
وتضيف نسرين: "لا يزال في بيت لاهيا، بما فيها منطقة المشروع، عشرات آلاف المواطنين، وإطلاق تلك الكثافة النارية ضدهم هدفها واحد هو دفعهم للنزوح وقتلهم بعد إصرارهم على عدم الاستجابة للأوامر الإسرائيلية بالمغادرة منذ بدء العملية العسكرية".
وتشير إلى أن "مشهد نزوح المواطنين في الشوارع ومع ساعات الصباح الأولى كان مبكيا والجميع يركض خائفا رجالا وأطفالا ونساء".
وتتابع: "عشنا ليلة كأنها من ليالي الحرب الأولى على وقع شدة الاستهدافات والقذائف التي تتناثر شظاياها بكل مكان وتصيب الجميع دون تمييز".
وطالبت المواطنة الفلسطينية "المجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري لوقف المذبحة بحق أهالي شمال قطاع غزة ووقف الإجرام الإسرائيلي وخطط التهجير وإفراغ الأماكن من أهلها".
** استهداف "كمال عدوان"
وإمعانا في الانتهاكات ببلدة بيت لاهيا، قصف الطيران الحربي الإسرائيلي، الليلة الماضية، الطابق الثالث من المبنى الرئيسي لمستشفى كمال عدوان، وفق ما أفاد به مدير التمريض فيه عيد صبّاح، لمراسل الأناضول.
وأوضح صباح أن القصف أدى إلى "احتراق مخزن أدوية ومستلزمات طبية تم تسلمها قبل أيام من منظمة الصحة العالمية".
وأضاف أن "القصف أدى لإصابة بعض الطواقم الطبية بحروق بسيطة إثر محاولتهم إخماد الحريق"، دون ذكر عدد محدد للإصابات.
ودعا صبّاح "إلى ضرورة التدخل العاجل لإنقاذ مستشفى كمال عدوان ودعم المنظومة الطبية في شمال قطاع غزة لتتمكن من تقديم الخدمة للأهالي هناك".
والسبت، انسحب الجيش الإسرائيلي من مستشفى كمال عدوان شمال غزة، مخلفا قتلى وجرحى فلسطينيين ودمارا واسعا داخله وخارجه بعد اقتحامه الجمعة.
وكان الجيش اقتحم الجمعة المستشفى واحتجز مئات المرضى والطواقم الطبية والنازحين بداخله، وأخضع مديره حسام أبو صفية للتحقيق.
وبدأ الجيش الإسرائيلي في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمالي القطاع، قبل أن يجتاحها في اليوم التالي بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجير سكانها.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي مطلق حرب "إبادة جماعية" على غزة، أسفرت عن أكثر من 144 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.