جاء طيار يعمل في قيادة الطيران البرية يوم 15 يوليو/تموز إلى مقر جهاز الاستخبارات وتقدم ببلاغ قال فيه إن "مبنى الاستخبارات سيتعرض لهجوم بالمروحيات" وإن "رئيس الجهاز هاكان فيدان سيختطف". وبعد هذا البلاغ، جرى اتصال بين جهاز الاستخبارات ومقر رئاسة الأركان. وعقب تلقي رئاسة الأركان معلومات من جهاز الاستخبارات، تمّ عقد اجتماع بمشاركة رئيس الأركان الفريق أول خلوصي أكار وقائد القوات البرية الفريق أول صالح ذكي تشولاك والرئيس الثاني للأركان الفريق أول ياشار غولر. وفي السياق ذاته وصل نائب رئيس جهاز الاستخبارات إلى مقر رئاسة الأركان حيث التقى الرئيس الثاني للأركان غولر.
وصل رئيس جهاز الاستخبارات فيدان إلى مقر رئاسة الأركان في حدود الساعة 18:30 والتقى الفريق أول أكار. وعقب هذا اللقاء تقرر ما يلي "عدم تحليق أي طائرة عسكرية في المجال الجوي التركي حتى إشعار آخر، عودة جميع الطائرات المحلقة إلى قواعدها فورا، إيقاف حركة جميع المركبات العسكرية وفي مقدمتها الدبابات والمدرعات". واصل رئيس الأركان الفريق أول خلوصي أكار والرئيس الثاني للأركان الفريق أول ياشار غولر عملهما في مقر القيادة عقب هذا الاجتماع. واستمر غولر بالعمل في مكتبه حتى الساعة 21:25 عندما اقتحم الانقلابيون المكتب. وقد شارك ضابط أوامر مكتب غولر محمد أكورت في عملية احتجاز غولر تحت تهديد السلاح، ثم نقلوه إلى قاعدة آكينجي الجوية إلى أن حرر في عملية عسكرية بعد فشل محاولة الانقلاب.
أفاد غولر بأن الفريق أول أكين أوزتورك كان يتصرف بحرية تامة في قاعدة آكينجي الجوية، وأنه كان يصدر التعليمات إلى الضباط الانقلابيين. وأضاف في أقواله أمام النيابة قائلا:
"كنت أمارس مهام عملي وحيدا في مكتبي في حدود الساعة 21:25 ليلة 15 يوليو/تموز. قرع الباب، فأذنت له بالدخول، وفي لحظة تعالت أصوات تقول "انبطح، انبطح!". رأيت في مكتبي نحو 10 أفراد يرتدون الزي التدريبي ويحملون أسلحتهم. صرخ أحدهم مكررا "انبطح!" سألتهم "من أنتم؟"، فهاجموني مجددا قائلين "انبطح على الأرض!"
"دفعت أحد الانقلابيين"
أمسكت أحدهم ورميت به إلى الجهة المقابلة فسقط على الأرض. وعليه، هاجموني بغضب أكبر. طرحوني على بطني حتى لاصق وجهي الأرض، وضغط أحدهم برجله على رأسي، كانوا يسحبون رجلاي وذراعاي بعد فصلهما. كبلوا يداي من الخلف، كما كمموا فمي في بادئ الأمر.
"كان ضابط الأوامر التابع لي هو من يوجههم"
وأنا في تلك الوضعية ضربت أحد المدنيين على كتفي متلفظا بعبارة ساخرة "لا تقلق يا قائد، هذه مناورة"، وعندما نظرت وجدته ضابط الأوامر التابع لي محمد أكورت. أدركت أنه هو من يدير الفريق. وضعوا قبعة على رأسي بالطريقة التي تغطي وجهي. وهكذا أجبروني على النهوض. كنت أقاوم ما يحدث معي، فسحبوني على الأرض وأخرجوني إلى الممر.
"سحبوني 3 طوابق إلى الأسفل"
أداروا جسدي نحو اليمين وسحبوني في الممر، ونقلوني إلى 3 طوابق إلى الأسفل بهذه الطريقة، ثم أخرجوني من الباب الموجود على جانب المبنى. أركبوني سيارة، وتحركنا بسرعة. اصطحبوني نحو الباب الذي يقود نحو قيادة القوات البحرية. عندما وصلنا إلى مكتب الحراسة صرخ أحدهم ليفتحوا الباب. وأعتقد أن من صرخ كان ضابط الأوامر التابع لي محمد أكورت، عرفته من صوته. نزل بعدها من مقعده الأمامي في السيارة بعدما لم يفتحوا الباب بسبب عدم إنزال الموانع التي كانت على الباب.
"أطلقوا النار"
صرخ في أحد من كانوا هناك قائلا "افتح الباب وإلا أطلقت النار"، ثم أطلق النار. ثم أدركت أن الطرف المقابل رد بإطلاق نار، فأصاب السيارة التي كنت بداخلها. نزل أحد من كانوا بجواري، ثم صرخ "شهيد!". وفي تلك اللحظة ضربت من كانوا على يساري بكتفي بشدة، وعليه أنزلوني من السيارة مع آخرين كانوا يجلسون على الجانب الأيسر في الخلف، ثم نقلوني إلى سيارة أخرى بعدما جعلوني أزحف على ركبتاي على الإسفلت. اصطحبوني بعدها إلى مكان داخل الثكنة وانتظرنا طويلا. نقلت إلى قاعدة آكينجي على متن مروحية.
"نزلت بعد ساعة"
انتظرت بمفردي في المقعد الخلفي لمدة دقيقتين أو ثلاث دقائق، ثم أنزلني ثانية، ثم أركبوني سيارة إسعاف حسبما شاهدت من وراء القبعة. تحركت السيارة داخل ثكنة رئاسة الأركان، ثم أخذت تسير في جولة إلى أن وقفت أمام أحد المباني. أنزلوني من السيارة على عجل ونزلنا من سلم ضيق للغاية لنحو ساعة. أدخلوني هناك إحدى الغرف، بعدها اصطحبوني إلى الأعلى، وبينما كنا على وشك الخروج من المبنى قال أحدهم "لا، فشل الأمر"، فعدنا من السلم ذاته إلى الغرفة نفسها.
"شعرت براحة عندما قصفت القاعدة"
مرة بعدها وقت طويل، وفي تلك الأثناء سمعت أصوات طائرات إف-4، وليس إف-16، تحلق فوق القاعدة، ثم هاجمت القاعدة بالقنابل. فأدركت أن هذه العملية هي عملية مضادة من القوات المسلحة ضد الانقلابيين، وحينها شعرت براحة.
"ماذا تفعل هنا يا ياشار؟"
فتح الباب وسمعت صوت الفريق أول أكين أوزتورك، فقال "ماذا تفعل هنا يا ياشار؟ ليس لدي أي خبر بوجودك هنا". رفع العصابة التي كانت تغطي عيناي، فرأيت أن أحدا لم يكن في الغرفة سوانا. فتح أوزتورك الباب وخاطب أحدهم كان ينتظر في الخارج "لماذا ربطتم يداي القائد وقدماه؟ أحضر شيئا واكسر هذه الأصفاد فورا". كسر أوزتورك بنفسه كذلك هذه المرة الأصفاد التي كنت مكبلا بها. جلس أمامي، وطلب من شخص مدني أخبرني بأنه ضابط الأوامر التابع له بأن يحضر لنا شايا وماء وطبقا من التسالي.
"قال إن هناك فرد حراسة مسلحا وغادر المكان"
كما قال له "اتصل بأسرة القائد ياشار وأبلغها بأنه بخير". بدأ أوزتورك الحديث، وخاطبني قائلا "لقد فقد هؤلاء صوابهم، كيف يفعلون شيئا كهذا ضد الدولة؟" أخبرني بأنه موجودا في القاعدة منذ الساعة 23:00 من مساء أمس، وأنه حاول إقناع هؤلاء الأوغاد بالعدول عن هذه العملية، مشيرا إلى أن عددا منهم اقتنع بكلامه. كما أبلغني أن أحد الحراس المسلحين موجود لدى الباب، ثم غادر المكان.