- إبراهيم الزعانين: لا يوجد مأوى نلجأ إليه ومصيرنا الشارع - المسن عبد المجيد: دمار شامل وحياة صعبة للغاية لا توجد مقومات حياة - آمال البسيوني: مخيم جباليا لم يعد موجودا، فقد أصبح خرابا - أحمد القاضي: مخيم جباليا كأنه صحراء بلا بيوت أو مأوى
بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ الأحد الماضي، يواجه الفلسطينيون شمال قطاع غزة واقعا مأساويا، حيث تحول الدمار الشامل إلى مشهد يومي، والحياة أصبحت شبه مستحيلة مع انعدام أبسط مقوماتها، بعد إبادة إسرائيلية دامت أكثر من 15 شهرا.
في شمال القطاع لا مياه نظيفة ولا طعاما كافيا ولا مأوى يقيهم من برد الشتاء، فالخيام المهترئة التي لجأ إليها النازحون بالكاد تصمد أمام الأمطار والرياح، فيما يعيش آلاف الفلسطينيين على أمل بناء حياة جديدة بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي منازلهم.
يعيش الفلسطينيون الذين دمرت إسرائيل منازلهم خلال الإبادة، مصيرا مجهولا بعد عودتهم إلى شمال القطاع، في ظل غياب البنية التحتية وظروف شتاء قاسية تزيد من معاناتهم.
** كومة من الركام
يحيى أبو شرخ (45 عاما) عاد إلى منزله بمخيم جباليا بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الأحد الماضي، ليجده استحال إلى كومة ركام.
وقال للأناضول: "بعد عودتنا لم أجد أنا وعائلتي مأوى، مصيرنا سيكون الشارع"، مبينا أن شمال قطاع غزة تحول إلى كومة ركام.
** مصيرنا الشارع
نفس المعاناة يعيشها إبراهيم الزعانين (55 عاما) وعائلته المكونة من 12 فردا، الذين فقدوا منزلهم ببلدة بيت حانون جراء القصف الإسرائيلي.
وأفاد الزعانين بأنه لا يوجد مأوى يلجؤون إليه، وأردف: "نقيم حاليا بمنزل استضافنا أصحابه منذ أشهر، لكنهم سيعودون قريبا من مناطق الجنوب (السبت)، ولا أعرف ما الذي سنفعله".
فيما عبر المسن صابر عبيد، وهو جالس على عربة يجرها ابنه، عن مشاعر مختلطة بين فرحة العودة إلى الركام وحزن لما حل بجباليا.
وأعرب عبيد عن أمله في تكاتف الفلسطينيين لتجاوز المحنة، مشيرا إلى أن حجم الدمار الكبير يتطلب دعما دوليا.
** خراب وصحراء
أما آمال البسيوني من مدينة بيت حانون، فقد كان حديثها مثقلا بالفقد، قائلة: "فقدت 19 فردا من عائلتي، بينهم 3 من أبنائي، وأرغب في دفن شقيقتي التي استهدفها الاحتلال، لكن جثمانها تحوّل إلى أشلاء".
وقالت البسيوني: "مخيم جباليا لم يعد موجودا، فقد أصبح خرابا".
أما الشاب أحمد القاضي، العائد مع عائلته إلى مخيم جباليا، فذكر أنهم وجدوا المنطقة غير صالحة للحياة، مضيفا: "بعد نزوحنا.. عدنا لنجد معسكر جباليا كأنه صحراء، بلا بيوت أو مأوى".
فوق ركام المنازل
ويقول النازحون من شمال غزة المقررة عودتهم السبت حسب اتفاق وقف إطلاق النار، إنهم سيضطرون للعيش في خيام بدائية فوق ركام منازلهم المدمرة، في ظل غياب أي حلول دائمة أو مقومات أساسية للحياة.
المسن عبد المجيد، أحد سكان الشمال قال: "بعد الهدنة الدمار شامل والحياة صعبة للغاية، لا توجد مقومات أساسية، لا طعاما ولا ماء نظيفا الوضع صعب بالنسبة للجميع".
وأضاف: "كانت هناك منازل ومزارع ومباني، كل شيء انهار بفعل العدوان".
وأشار إلى أن مصدر الدخل معدوم تماما، والطعام والمياه شبه غائبين، الأمطار والشتاء يزيدان من معاناتهم، إذ تغرق خيامهم المهترئة.
ولفت إلى أن الرياح تقتلع الخيام ولا يوجد أي مكان آخر يلجأ إليه عند العودة إلى شمال القطاع السبت القادم، ما يجعل الحياة أكثر قسوة وصعوبة.
من جانبها، تقول أسمهان علون، التي نزحت إلى الجنوب وتنتظر العودة بشوق إلى الشمال: "عانينا من الحرب، ولا نصدق أننا سنعود إلى بيوتنا، حتى وإن كانت مجرد حجارة مهدمة".
وأضافت: "نتنقل من منطقة إلى أخرى منذ النزوح، أنا وعائلتي المكونة من 8 أفراد، في ظل ظروف معيشية بالغة الصعوبة".
فيما قال الشاب محمود الشيخ للأناضول: "نزحنا إلى جنوب القطاع، والآن نعيش في خيمة، ننتظر العودة يوم السبت إلى منازلنا المدمرة".
وأضاف: "سنقيم بجانب منازلنا المهدمة في خيمة مؤقتة، وهناك أمل نعيش لأيام قادمة ونعمل حياة".
وأشار الشيخ إلى أن الحياة صعبة للغاية، موضحاً: "لا مياه، لا كهرباء، ولا طعام متوفر، نحن بحاجة ماسة لحياة جديدة تبدأ من الصفر".
ونزح سكان محافظة شمال غزة قسرا بفعل الإبادة الإسرائيلية التي خلفت دمارا واسعا في المنطقة، ومع بدء سريان وقف إطلاق النار الأحد الماضي، عاد النازحون إلى بلداتهم ليجدوا منازلهم قد تحولت إلى كومة من الركام.
وخلال فترة النزوح، لجأ أهالي شمال غزة إلى خيام مؤقتة أو منازل أقاربهم في محافظة غزة القريبة منهم.
ومع اقتراب عودة النازحين من جنوب القطاع إلى مدينة غزة السبت، يواجه أهالي الشمال خيارا صعبا، إذ لا مأوى لهم سوى خيام بدائية تماما كما هو الحال أثناء نزوحهم.
** 300 ألف فلسطيني بلا مأوى
والثلاثاء، قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بقطاع غزة، ناجي سرحان، إن الإبادة الإسرائيلية وما رافقها من تطهير عرقي دمرت 80 بالمئة من محافظة شمال القطاع.
وأضاف سرحان في تصريح للأناضول، أن "مناطق مثل معسكر جباليا، وبيت حانون، وبيت لاهيا تعرضت لتدمير إسرائيلي شامل، إضافة إلى الأجزاء الشرقية والغربية من مدينة جباليا، حيث دمر الاحتلال الإسرائيلي 80 بالمئة من شمال غزة".
وأوضح أن "الدمار الإسرائيلي الشامل طال كل شيء، من منازل وشوارع وبنى تحتية، ما جعل شمال قطاع غزة منطقة بلا حياة".
وأشار إلى وجود أكثر من 300 ألف فلسطيني بلا مأوى حاليا، "والكارثة الكبرى أننا نتوقع عودة نازحي مدينة غزة والشمال من وسط وجنوب القطاع خلال الأسبوع القادم (بموجب اتفاق وقف إطلاق النار)، ما يزيد الأعباء الإنسانية".
ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تمكن الفلسطينيون النازحون بمحافظة غزة من العودة إلى شمال القطاع، لأول مرة منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية قبل 4 شهور.
والأحد، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، ويستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025 إبادة جماعية بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 158 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.