جاء بعد هدنة أبرمت في نوفمبر 2023 واستمرت 6 أيام وأسفرت عن إطلاق سراح 109 إسرائيليين و240 فلسطينيا..
توجت المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس باتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، بعد نحو 400 يوم من المفاوضات والاتصالات والضغوط، وسط مماطلات إسرائيلية مستمرة وإبادة جماعية بحق الفلسطيينيين لم تتوقف منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ورسميا، أعلن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن، مساء الأربعاء، نجاح الوسطاء في التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والعودة للهدوء المستدام وصولا لوقف دائم لإطلاق النار بغزة وانسحاب إسرائيلي من القطاع، لافتا إلى أن الاتفاق سيبدأ تنفيذه الأحد المقبل.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 156 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وبعد نحو شهر من بداية الإبادة، شهد قطاع غزة هدنة واحدة بوساطة مصرية قطرية أمريكية، لمدة 4 أيام، بدءا من 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، تم تمديدها في اليوم الأخير لمدة يومين، ومرة ثانية لمدة يوم، لتنتهي في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وخلال أكثر من 13 شهرا، مرت مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بجولات ومحادثات عديدة عبر 4 محطات رئيسية في باريس والقاهرة والدوحة وروما، عُرضت خلالها 4 مقترحات رئيسية للتوصل لاتفاق، وفق رصد وإحصاء الأناضول.
ووفق تسلسل زمني، ترصد الأناضول تفاصيل أبرز محطات التفاوض الرئيسية غير المباشرة التي قادتها الوساطة القطرية المصرية الأمريكية بدءا من محادثات أول هدنة وصولا لجولة الدوحة التي أسفرت عن الاتفاق، كالتالي:
** 24 نوفمبر 2023: الهدنة الأولى
إعلان الوسطاء إبرام هدنة إنسانية لمدة 4 أيام قابلة للتمديد، وسط موافقة من حماس وإسرائيل، وبعد يومين تم تمديدها ليومين، وأسفرت عن الإفراج عن 109 من الأسرى الإسرائيليين، و240 معتقلا فلسطينيا.
كما تضمنت السماح بدخول المزيد من المساعدات لغزة، قبل أن تنتهي وتستأنف تل أبيب حرب الإبادة مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2023.
** يناير/ كانون الثاني 2024: محادثات باريس1 والمقترح الأول
في 28 يناير 2024 أسفرت محادثات بباريس عن مقترح لإبرام صفقة هدنة على 3 مراحل وفق تسريبات نشرتها مواقع عربية وإسرائيلية، وبعد يومين من انعقادها قالت حماس في بيان إنها تدرسه، قبل أن يعرقله نتنياهو بالحديث عن "وجود فجوات كبيرة".
** فبراير/ شباط 2024: محادثات القاهرة1 وباريس 2
في 13 فبراير ناقشت محادثات القاهرة مسودة اتفاق لوقف إطلاق نار لمدة 6 أسابيع، ووصف نتنياهو مطالب حماس بشأن عدد الأسرى الفلسطينيين بأنها "خيالية"، قبل أن تتعثر بعد حديث عن "تقدم".
وفي 23 من ذات الشهر انتهت "محادثات باريس 2" دون حدوث انفراجة، مع حديث إذاعة الجيش الإسرائيلي في اليوم التالي عن أن "حماس بعيدة عما ترغب إسرائيل بقبوله".
** مارس/ آذار 2024: محادثات الدوحة
في 18 مارس 2024، انطلقت مفاوضات بالدوحة، بعد 4 أيام من تقديم حركة "حماس" مقترحا بشأن وقف إطلاق النار، وردت إسرائيل عليه غداة الانطلاق "سلبيا"، وفق تصريحات القيادي بالحركة أسامة حمدان، قبل أن يعرقل نتنياهو جهود الوسطاء لتقريب وجهات النظر ويؤكد أن مطالب حماس "وهمية".
** أبريل/ نيسان 2024: محادثات القاهرة 2
خلال أبريل/ نيسان 2024، انتهت محادثات بالقاهرة بحديث عن "تقدم" واستكمال للمشاورات بعد يومين، لكن لم تصل لانفراجة، مع تمسك "حماس" بوقف إطلاق دائم ومماطلة من نتنياهو.
** مايو/ أيار 2024: مقترحان جديدان
مع بداية مايو/ أيار 2024 بدأ الحديث إعلاميا عن "مقترح مصري" مدعوم من قطر والولايات المتحدة يقوم على 3 مراحل كل واحدة منها تدوم بين 40 و42 يوما، ويقود في نهاية المطاف إلى وقف إطلاق نار نهائي وعودة النازحين الفلسطينيين إلى بيوتهم.
وقوبل ذلك المقترح بتصريحات من نتنياهو في 2 و4 مايو، بشأن اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، قبل أن تقبل "حماس" في 6 من الشهر ذاته بالمقترح.
وفي 8 مايو، أعلنت القاهرة استئناف المفاوضات، قبل أن تعلن حكومة نتنياهو في اليوم التالي رفض المقترح بزعم أنه "لا يلبي شروطها"، وصعدت هجومها البري على رفح، وهو ما اعتبرته الدوحة في 14 من الشهر ذاته "إدخال للمفاوضات في طريق مسدود".
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، في 27 مايو، أن فريق التفاوض سيسلم الوسطاء في اليوم التالي مقترحا بشأن صفقة تبادل الأسرى، دون أن تكشف عن تفاصيل.
وفي 31 مايو، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، خارطة طريق لوقف كامل وتام لإطلاق النار، قال إنها "تستند إلى مقترح إسرائيلي، وتتضمن 3 مراحل، الأولى وقف إطلاق نار لمدة 6 أسابيع وانسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة، وتبادل الرهائن والسجناء بين الجانبين".
بينما تتضمن المرحلة الثانية انسحابا إسرائيليا كاملا من غزة، وإطلاق حماس سراح جميع الأسرى الأحياء الباقين لديها، والانتقال لوقف دائم للأعمال العدائية، أما المرحلة الثالثة فتشمل خطة إعادة إعمار للقطاع.
ورحبت حماس بمقترح بايدن من حيث المبدأ، بينما تحدث نتنياهو عن تمسكه باستمرار الحرب.
** يونيو/ حزيران 2024: القرار 2735
في 10 يونيو/ حزيران 2024، اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يحمل رقم 2735 رحب فيه بمقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة، ودعا لتنفيذه، ورحبت "حماس" به.
** يوليو 2024: محادثات روما
وافقت حركة حماس على إطار اتفاق في 2 يوليو/ تموز 2024 (مقدم من الوسطاء) ويستند لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن "وواجههته إسرائيل بشروط جديدة لم تكن مطروحة طوال عملية التفاوض"، وفق بيان للحركة حينها.
في 7 يوليو، قال نتنياهو، إن أي "اتفاق يجب أن يتيح لإسرائيل مواصلة القتال، ويمنع تهريب الأسلحة إلى حماس عبر الحدود بين غزة ومصر، ويمنع آلاف المسلحين من العودة إلى شمال غزة".
وخلال يومي 10 و11 يوليو، جرت محادثات بالدوحة والقاهرة، سبقها تسريبات إعلامية لم تنفها "حماس" كشفت موافقتها على بدء المفاوضات بشأن مقترح بايدن دون التمسك بوقف إطلاق نار دائم في المرحلة الأولى من التنفيذ.
وفي 27 يوليو، بدأت محادثات في روما، ولم يعلن حينها مكتب نتنياهو عن الشروط الجديدة التي تضمنها رد إسرائيلي على مقترحات الوسطاء، لكن القناة 12 العبرية قالت إن "الوثيقة الإسرائيلية توضح المبادئ الثلاثة التي أضافها نتنياهو مؤخرا".
وذكرت القناة أن المبادئ تشمل "آلية لفحص المقاتلين الذين ينتقلون من جنوب قطاع غزة إلى شماله، ومسألة بقاء قوات الجيش الإسرائيلي على طول طريق فيلادلفيا (حدود غزة ومصر)، وقائمة المختطفين الأحياء الذين سيتم الإفراج عنهم مسبقا".
** أغسطس 2024: محادثات جديدة وتباينات
في 12 أغسطس/ آب 2024، وقبيل بدء جولة مفاوضات بالدوحة، قالت "حماس" إنها "تطالب الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ 2 يوليو، استنادا لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلا من الذهاب لجولات أو مقترحات جديدة".
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 13 أغسطس، أنها اطلعت على وثائق غير منشورة تظهر أن نتنياهو، هو الذي "يعرقل عمليا إبرام صفقة وقف إطلاق النار"، مؤكدة وضعه شروطا جديدة قبل انعقاد محادثات روما منها السيطرة على محور فيلاديلفيا.
وردا على ذلك، أصدر مكتب نتنياهو بياناً نفى فيه وضع شروط جديدة في المفاوضات، مدعيا أن "مسودة 2 يوليو لم تتضمن شروطاً جديدة ولا تتناقض مع مقترح 27 مايو"، ويعد ذلك أول ظهور إسرائيلي لمصطلح "مقترح 27 مايو"، بعد حديث "حماس" المتكرر عن "إطار 2 يوليو".
في 16 أغسطس، وعقب محادثات في الدوحة أعلن الوسطاء تقديم واشنطن مقترحا جديدا مدعوما من مصر وقطر بهدف سد الفجوات المتبقية، مع الإعلان عن جولة جديدة بالقاهرة.
وباليوم ذاته، رد مكتب نتنياهو متمسكا بما أسماه مبادئ 27 مايو، قائلا: "تأمل إسرائيل أن تؤدي ضغوط الوسطاء إلى دفع حماس إلى قبول مبادئ 27 مايو، حتى يمكن تنفيذ تفاصيل الاتفاق".
بينما اتهم العضو في المكتب السياسي لـ"حماس" حسام بدران، نتنياهو بعرقلة الاتفاق، مؤكدا أن الفلسطينيين ما زالوا ملتزمين بالاتفاق "الموضح في وثيقة 2 يوليو، والتي تستند في المقام الأول إلى خطاب بايدن وقرار مجلس الأمن".
** سبتمبر/ أيلول 2024: مفاوضات تراوح مكانها
في 19 سبتمبر، بدأت هيئة البث العبرية الرسمية تتحدث عن مقترح من نتنياهو "يتضمن الإفراج الكامل عن الرهائن مقابل ممر آمن لقيادات حماس ونزع سلاحها ووقف الحرب"، وهو ما رفضه القيادي بالحركة حسام بدران، وعده "تعطيلا للمفاوضات".
أكتوبر 2024: مبادرة مصرية
في 27 أكتوبر 2024، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن بلاده طرحت مبادرة لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، تهدف إلى تحريك الموقف وإيقاف إطلاق النار ليومين، يتم خلالها تبادل أسرى (إسرائيليين) مع بعض المعتقلين (الفلسطينيين/ لم يحدد عددهم).
واقترحت المبادرة المصرية أن يتم التفاوض خلال 10 أيام على استكمال الإجراءات في قطاع غزة وصولا إلى إيقاف كامل لإطلاق النار وإدخال المساعدات.
وأواخر أكتوبر، أفاد موقع "أكسيوس" الأمريكي، نقلا عن 3 مسؤولين إسرائيليين، أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز طرح خلال اجتماع عقده مع نظيريه الإسرائيلي والقطري في الدوحة مقترحا لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 28 يوما.
نوفمبر 2024: تعليق الوساطة القطرية
في 7 نوفمبر 2024، قال متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن "قطر أخطرت الأطراف قبل 10 أيام أثناء المحاولات الأخيرة للوصول إلى اتفاق بأنها ستعلق جهودها في الوساطة بين حماس وإسرائيل في حال عدم التوصل لاتفاق في تلك الجولة، وأنها ستستأنف تلك الجهود مع الشركاء عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب الوحشية"
ديسمبر 2024 : تهديد وبعث جديد للمحادثات
في 2 ديسمبر / كانون الأول 2024، دخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على خط المفاوضات، وكتب منشورا عبر إحدى منصات التواصل هدد فيه بأنه إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى في غزة قبل تنصيبه في 20 يناير 2025، فـ"سيكون هناك جحيم بالشرق الأوسط".
وفي 7 ديسمبر، كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحفي بالقاهرة عن وجود "أفكار مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار".
وفي ذات اليوم، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن عودة بلاده إلى الوساطة "بعدما رأت زخما جديدا بمحادثات وقف إطلاق النار بعد انتخاب ترامب".
وفي 21 ديسمبر، أكدت حركات "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، في بيان مشترك، أن الاتفاق "بات أقرب من أي وقت مضى، إذا توقفت إسرائيل عن وضع اشتراطات جديدة"، وذلك في أعقاب محادثات جرت في القاهرة.
بينما كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية الخاصة عن "تقديم إسرائيل قائمة جديدة تضم 11 رهينة لا تنطبق عليهم معايير حماس للاتفاق".
واتهمت "حماس" إسرائيل في 25 ديسمبر، بـ"وضع قضايا وشروط جديدة تتعلق بالانسحاب (من غزة) ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل لاتفاق كان متاحا".
وأكدت "حماس" عبر بيان حينها، أن ذلك يحدث رغم أن المفاوضات كانت "تسير في الدوحة بشكل جدي"، ورغم إبدائها "المسؤولية والمرونة" لإنجاحها، لكن مكتب نتنياهو زعم في المقابل عبر بيان، أن الحركة هي من تضع "عقبات جديدة" أمام التوصل إلى صفقة.
يناير 2025: شهر الحسم وولادة الاتفاق الثاني
في 2 يناير 2025، أعلن نتنياهو، إرسال تل أبيب وفدا إلى الدوحة لاستكمال المفاوضات بشأن صفقة تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية في غزة.
وفي 13 يناير، أفاد موقع "تايمز أوف إسرائيل" العبري الخاص، بأن التقدم بمفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس جاء بعد "اجتماع متوتر" بين مبعوث دونالد ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ونتنياهو.
وذكر الموقع أن المبعوث الأمريكي ضغط بقوة على نتنياهو لقبول التنازلات اللازمة لتأمين صفقة تبادل الأسرى بحلول 20 يناير (موعد استلام ترامب للحكم رسميا)، وأكدت أن ذلك ساهم في تحقيق تقدم بمفاوضات تبادل الأسرى مع حماس.
14 يناير 2025: مفاوضات التفاصيل النهائية
أعلن متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الثلاثاء، أن مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى تناقش "التفاصيل النهائية"، مؤكدا أن المباحثات في أقرب نقطة لإعلان اتفاق.
بينما قالت حركة "حماس" في بيان، إن المحادثات مع إسرائيل، وصلت إلى "المراحل النهائية"، مشيرة إلى أنها أبلغت الفصائل الفلسطينية بالتقدم الذي تحقق بالمفاوضات، وأن قادة الفصائل راضون عن التطورات.
15 يناير 2025: إعلان اتفاق وقف إطلاق النار
يتكون الاتفاق من 3 مراحل، تنطلق الأولى منه ومدتها 42 يوما، الأحد المقبل، وتتضمن الإفراج عن 33 محتجزا إسرائيليا مقابل عدد (لم يعلن على الفور) من الأسرى الفلسطينيين. أما المرحلتان الثانية والثالثة من الاتفاق، فيتم الاتفاق على تفاصليها في وقت لاحق.
وستعمل قطر ومصر والولايات المتحدة على ضمان تنفيذ الاتفاق، حيث ستكون هناك آليات لمتابعة تنفيذه وأي خروق قد تحدث.