** المفكر الفلسطيني منير شفيق: - موقف الدول الغربية وموقف أمريكا مفهوم تماما لأن المشروع الصهيوني هو ابنهم - الأمريكان لهم تاريخ طويل في إبادة الهنود الحمر وأوروبا في إبادة عشرات الملايين من الأفارقة - طوفان الأقصى عمل مقاوم مشروع لا يمكن الطعن بصحته ولا بمشروعيته - إسرائيل لن تستطيع تحقيق هدف ضم الضفة والقدس إلا إذا انتصرت عسكريا بحرب الإبادة
حمل المفكر الفلسطيني منير شفيق دول الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، المسؤولية عن الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ أكثر من عام، عبر دعمها وتأييدها لتل أبيب، واعتبر أن الفلسطينيين نجحوا في كسب المعركة السياسية والأخلاقية على المستوى الدولي.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع شفيق خلال تواجده بإسطنبول للمشاركة بالمؤتمر الدولي "فلسطين الحرة" الذي انعقد السبت.
وبدعم أمريكي مطلق، خلفت الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أكثر من 140 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وبموازاة حرب الإبادة في غزة، تشهد الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، تصعيدا إسرائيليا كبيرا من قبل الجيش والمستوطنين؛ ما أسفر عن مقتل 751 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و250، واعتقال أكثر من 11 ألفا و200، فضلا عن تهجير 28 تجمعا بدويا، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
** انتصار سياسي وأخلاقي
ومعلقا على مواقف الرأي العام الدولي من "الإبادة" الإسرائيلية التي يتعرض لها الفلسطينيون حاليا، قال شفيق: "أعتقد أن الرأي العام العالمي والضمير العالمي كان لمصلحتنا".
وأضاف: "الشعب الفلسطيني كسب المعركة السياسية والقانونية والأخلاقية على المستوى العالمي".
وبشكل شبه يومي، تشهد بلدان حول العالم، بعضها دول غربية، مظاهرات شعبية منددة بحرب "الإبادة الجماعية" الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، ومطالبة حكوماتها بوقف دعمها لإسرائيل في هذا الصدد، بما يشمل وقف تزويدها بالسلاح المستخدم في هذه الإبادة.
كذلك، ارتفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين مع استمرار هذه "الإبادة الجماعية" إلى 149 من أصل 193؛ بعد انضمام كل من إسبانيا والنرويج وإيرلندا وسلوفينيا وأرمينيا لها منذ مايو/ أيار الماضي.
وقطعت دول أخرى علاقاتها مع إسرائيل على الخلفية ذاتها، آخرها نيكاراغوا يوم الجمعة، وقبلها كولومبيا في مايو/ أيار الماضي، وبوليفيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
كما استدعت دول أخرى عديدة سفراءها في إسرائيل منها تركيا والأردن والبحرين وجنوب إفريقيا وتشيلي وبيليز وتشاد.
** تنديد بمواقف الغرب
ومقابل إشادته بالمواقف الدولية الداعمة للفلسطينيين بمواجهة حرب "الإبادة الجماعية" الإسرائيلية، استنكر شفيق موقف الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، الداعم لإسرائيل بشكل مطلق.
لكنه اعتبر أن "موقف الدول الغربية وموقف أمريكا مفهوم تماما؛ لأن المشروع الصهيوني هو ابنهم، فهم الذين جاؤوا بالكيان الصهيوني".
وكان ما يُعرف بـ"وعد بلفور" عام 1917 مهّد الطريق لتأسيس "دولة إسرائيل"، حين قدم آرثر جيمس بلفور، الذي كان يشغل منصب وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت، تعهدا بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
هذا الوعد، المدعوم لاحقًا من القوى الغربية الكبرى مثل الولايات المتحدة، كان نقطة الانطلاق لقيام "دولة إسرائيل" على أراضي فلسطين التاريخية، والتي استمرت تحت رعاية تلك الدول.
واتهم شفيق الدول الغربية والولايات المتحدة بالمسؤولية عن "الإبادة الجماعية" الإسرائيلية الحالية التي يتعرض لها الفلسطينيون؛ فهم "يؤيدونها ويدعمونها".
وأشار في هذا الصدد إلى أن هذه الدول لها "تاريخ" في دعم الإبادات؛ فـ"الأمريكان لهم تاريخ طويل في إبادة الهنود الحمر (السكان الأصليون لقارتي أمريكا الشمالية والجنوبية)، وأوروبا في إبادة عشرات الملايين من الأفارقة".
وشدد شفيق على ضرورة النظر لما حدث في غزة خلال العام الأخير على أنه "كشف حقيقة الوضع في فلسطين"، مؤكدا أن "فلسطين هي للفلسطينيين، والشعب الفلسطيني هو الشعب المشروع الذي يسكن فلسطين، والكيان الصهيوني غير مشروع".
** طوفان الأقصى
شفيق تطرق إلى عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في 7 أكتوبر 2023، حيث استهدفت قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة قطاع غزة ردا على "جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى".
وأكد في هذا الصدد أن "طوفان الأقصى عمل مقاوم مشروع لا يمكن الطعن بصحته ولا بمشروعيته".
وأوضح أن "الشعب الفلسطيني صاحب حق مشروع سواء من حيث القانون الدولي أو من ناحية الوجود الشرعي لملكيته لكل فلسطين، في محاربة من جاؤوا مغتصبين لأرضه، وحاولوا أن يحتلوها ويطردوا شعبها منها، وارتكبوا كل المجازر بالتاريخ الفلسطيني لفرض وجودهم".
وتابع: "لذلك ما فعلته عملية طوفان الأقصى كان شيئا عادلا ومشروعا وفي مكانه وتوقيته؛ لأن المقاومة شيء مشروع ضد الاحتلال".
واعتبر شفيق أن عملية "طوفان الأقصى" أظهرت كذلك بوضوح حقيقة الاحتلال الإسرائيلي واستراتيجيته السياسية الحقيقية التي تهدف إلى "الإبادة الجماعية".
وأضاف: "أعتقد أنه خلال هذا العام، كشف الإسرائيليون عن طبيعتهم وطريقة تفكيرهم واستراتيجيتهم السياسية الحقيقية بأنهم شعب إبادة جماعية".
** ضم الضفة والقدس
وحول مساعي الحكومة الإسرائيلية لضم الضفة والقدس حسب ما جاء على لسان وزراء بها، أعرب شفيق عن اعتقاده بأن إسرائيل "لن تستطيع تحقيق" ذلك "إلا إذا انتصرت عسكريا" بحرب الإبادة التي تشنها حاليا، والتي توسعت أيضا لتشمل لبنان.
واستبعد أن تنتصر في هذه الحرب، قائلا إن "المقاومة الفلسطينية، إلى جانب المقاومة اللبنانية في محور المقاومة، ستنتصر في نهاية المطاف".
وبخصوص حديث مسؤولين إسرائيلية عن أن حروبهم الحالية تهدف إلى إعادة صياغة ما يقولون إنه "شرق أوسط جديد"، أعرب شفيق عن اعتقاده بأن "الذي يقرر ما سيجري مستقبلا هو نتيجة هذه الحرب".
وتابع: "نتيجة هذا الحرب هي أن الكيان الصهيوني سوف ينهزم وستنتصر المقاومة في فلسطين ولبنان".
ويرتبط مفهوم "الشرق الأوسط الجديد" إسرائيليا بمفهوم دولة "إسرائيل الكبرى" المزعومة، التي تقوم على أطماع بضم كامل فلسطين التاريخية وأجزاء من دول عديدة شرق أوسطية.
واستطرد شفيق مشددا: "فلسطين كلها هي فلسطيننا، ووجود دولة وفلسطين هو تاريخنا الحقيقي".
وأضاف: أما الإسرائيليون فهم أجانب مستوطنون، جاءوا من الخارج لفرض وجودهم في فلسطين؛ لذلك عندما يتحدثون عن دولة فلسطينية صغيرة؛ فهذا أمر مضحك بالنسبة لي لأن فلسطين كلها لنا".
وختم بالقول: "رسالتي هي التأكيد على شرعيتنا في فلسطين وعدم شرعيتهم (الإسرائيليون)، إنهم غير شرعيين في فلسطين، إنهم مجرد مستوطنين، لقد جاءوا بالقوة ضد القانون الدولي، وأعتقد أن حزب الله (في لبنان) سيكون المنتصر".
ومنذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، وسعت إسرائيل نطاق الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لتشمل جل مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت توغلا بريا في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
تلك الغارات أسفرت حتى مساء السبت، عن ألف و437 قتيلا و4 آلاف و123 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وأكثر من مليون و340 ألف نازح، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية.
ويرد "حزب الله" يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.