خلال مؤتمر استضافه حزب "القوات اللبنانية" تحت عنوان "دفاعا عن لبنان" من أجل ما قال منظموه إنه لطرح خريطة طريق إنقاذية بعدما بلغت الحرب التي "زُجّ فيها لبنان حدا كارثيا"
دعا مؤتمر لقوى وشخصيات معارضة لبنانية استضافه حزب "القوات اللبنانية"، السبت، إلى المسارعة بانتخاب رئيس للبلاد يتعهد بتطبيق الدستور والقرارات الدولية ومنها القرار 1701، وحصر السلاح بيد الجيش فقط.
واعتبر هذا المؤتمر تحت عنوان "دفاعا عن لبنان"، في بيانه الختامي الذي تلاه حزب "القوات اللبنانية" بزعامة سمير جعجع أن ذلك هو الخطوة الأولى في خريطة طريق لإنهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان في ظل غياب "مبادرات دولية جدية" بهذا الصدد، وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
إلى جانب حزب "القوات اللبنانية"، شاركت في المؤتمر شخصيات تمثل طيفا واسعا من المعارضة السياسية بما في ذلك أحزاب "الكتائب اللبنانية"، و"الوطنيين الأحرار"، و"الجبهة المسيحية"، و"كتلة تجدد"، وتكتل "الجمهورية القوية"، و"حركة الاستقلال"، و"حزب الاتحاد السرياني العالمي"، و"حركة التغيير"، و"ائتلاف الديمقراطيين اللبنانيين"، و"حركة تحرر من أجل لبنان".
وقال جعجع في البيان الختامي للمؤتمر، إن لبنان "يمر اليوم في أصعب أيامه في التاريخ المعاصر"؛ "حيث أُدخل منذ سنة في أتون حرب جديدة، ارتفعت وتيرتها تدريجا، وبلغت منذ شهر تقريبا ذروتها مع اشتداد العنف والدمار والنزوح".
وأضاف: "أكثر ما يؤلمنا في الوقت الحاضر وجود أكثر من مليون لبناني مهجر في أرضه (...) وعائلات فقدت أحباء لها".
واعتبر أن "هذا الوضع المأساوي (...) يتطلب مقاربة تُقدم الحلول المستدامة والجذرية؛ فتراكم أنصاف الحلول لم يؤدِّ سوى إلى الانهيارات والحروب".
وأكد أنه "في هذه المرحلة، لا بد من استعادة هذه الدولة بعد تفكك الكيان وانهيار الهيكل على رؤوس الجميع واستمرار حروب مدمرة بسبب الهيمنة والسلاح والفساد وسيطرة قوى خارجية على قرار الحرب في لبنان"، على حد قوله.
وقال: "بين معاناة الحرب وغياب قدرات المنظومة الحاكمة على إيقافها، لا بد من خارطة طريق واضحة وشفافة لوقف الانهيار الكارثي الحالي والخروج منه".
وأشار إلى أن "أول خطوة في خارطة الطريق هذه هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار بأسرع وقت ممكن".
وتابع: "بغياب مبادرات دولية جدية، لم يبق لنا، للتوصل الى وقف إطلاق النار إلاّ الذهاب لانتخاب رئيس للجمهوريّة".
ومنذ نحو عامين يعيش لبنان حالة فراغ في سدة الرئاسة، عقب انتهاء ولاية ميشال عون عام 2022، وفشل مجلس النواب المنقسم بين القوى السياسية في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وأوضح جعجع أن المطلوب "رئيس يطبق الدستور ويحترم القوانين المرعيّة الإجراء، رئيس ذي صدقية، ويتعهّد مسبقاً بشكل واضح وجلّي بتطبيق القرارات الدولية خصوصا قرارات الأمن أرقام 1559 (سبتمبر/ أيلول 2004)، و1680 (مايو/ أيار 2006) و1701 (أغسطس/ آب 2006) وفقا لجميع مندرجاتها، وبنود اتفاق الطائف ذات الصلة".
ويدعو القرار 1701 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل بعد حرب يوليو/ تموز 2006، وإنشاء منطقة خالية من السلاح والمسلحين بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، باستثناء القوات التابعة للجيش اللبناني وقوات "يونيفيل" الأممية.
فيما يدعو القرار 1559 لـ"نزع أسلحة جميع المجموعات شبه العسكرية غير المرتبطة بالدولة اللبنانية"، ويؤكد القرار 1680 "احترام سيادة لبنان وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي".
أما اتفاق الطائف، الذي رعته السعودية، فوقعته قوى لبنانية في أكتوبر/ تشرين الأول 1989، وأنهى 15 عاما من الحرب الأهلية، ونُقلت بموجبه بعض صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وأضحت مراكز السلطة توزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ووفق توزيع طائفي.
جعجع واصل في بيانه سرد مواصفات الرئيس المقبل، قائلا: "رئيس يتعهّد بشكل واضح وصريح بأنّ القرار الاستراتيجي لن يكون إلا للدولة وللدولة وحدها فقط، ويتعهّد بإعطاء الجيش اللبناني الصلاحيات اللازمة كلها لعدم ترك أي سلاح أو تنظيمات أمنية خارج الدولة".
وأضاف: "رئيس خارج الممارسات السياسية الفاشلة كلها التي عرفناها، ومشهود له بنظافة الكفّ، والاستقامة، والأخلاق العالية والوطنيّة".
وتابع على أن "يتبع انتخاب الرئيس فورا استشارات نيابيّة ملزمة لتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة على الأسس السيادية عينها المنوّه بها أعلاه، وهذا كلّه لا يعني أنّ فريقا سيكون غالبا وآخر مغلوبا، لا بل سيكون لبنان هو المنتصر لمصلحة شعبه كله وأمنه واستقراره وازدهاره".
ويؤكد "حزب الله"، الذي لديه خلافات سياسية عميقة وقديمة مع حزب "القوات اللبنانية"، أن سلاحه هو سلاح مقاومة دعما للدولة، وصرح قادته مؤخرا بأن إسرائيل كانت تتربص بلبنان حتى لو لم يكن الحزب اتخذ قراره بإسناد غزة في مواجهة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، بينها "حزب الله" بدأت عقب شن إسرائيل حرب الإبادة على غزة، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة الجماعية لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت توغلا بريا في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
تلك الغارات أسفرت حتى مساء السبت، عن ألف و437 قتيلا و4 آلاف و123 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وأكثر من مليون و340 ألف نازح، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية.
ويرد "حزب الله" يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.