حققت تركيا، بعدما نزلت إلى الساحة في سوريا من خلال عملية نبع السلام، العديد من النجاحات الهامة كذلك على طاولة المفاوضات عقب المبادرات الدبلوماسية التي قامت بها. وقد انسحبت القوات الأمريكية من سوريا في أعقاب العملية التي بدأها الجيش التركي هناك. كما تعهدت موسكو عقب القمة التي جمعت بين أردوغان وبوتين بأنها ستسحب عناصر ي ب ج من المنطقة المتاخمة للحدود التركية. هذا وقد بحثت جريدة يني شفق عن إجابة للسؤال الذي يشغل الجميع "ما الخطوات التي ستقدم عليها روسيا؟" ويرى رئيس مركز الدراسات الروسية البروفيسور صالح يلماز أن بي كا كا أصبحت منظمة إرهابية فعليا بالنسبة لموسكو، وأن علاقة روسيا القوية بتركيا ليست عبارة فقط عما يحدث في سوريا.
لقد بدأت مرحلة جديدة في سوريا بفضل اتفاق سوتشي الذي وقع بين تركيا وروسيا عقب القمة التي جمعتهما في المدينة الروسية الساحلية واستمرت لست ساعات ونصف الساعة. وكانت القوات التركية قد نجحت بفضل عملية نبع السلام في تطهير مدن مثل تل أبيض ورأس العين من عناصر ي ب ج، لتجلس أنقرة مع موسكو على طاولة المفاوضات للحديث عن وجود سائر عناصر التنظيم في مختلف المناطق الحدودية.
وقد ثمّن يلماز، عضو هيئة التدريس بجامعة يلدريم بايزيد التركية، في حوار صحفي حصري لجريدة يني شفق، الخطوات المحتمل أن تقدم عليها روسيا خلال المرحلة الجديدة بقوله "بالرغم من أن روسيا لا تعترف رسميا بأن ي ب ج تنظيم إرهابي، فهي اعترفت فعليا بأن بي كا كا منظمة إرهابية بعد توقيعها اتفاق سوتشي. كما تعهدت روسيا لتركيا بمكافحة هذه المنظمة. وكانت سوريا قد اعترفت بذلك بنص اتفاق أضنة، لكن روسيا قد تدخلت هي الأخرى".
ولفت يلماز إلى أن ي ب ج/بي كا كا كانت قد فتحت مكتبا لها في روسيا عقب أزمة إسقاط الطائرة التي وقعت بين تركيا وروسيا، مضيفا "كان هذا المكتب قد افتتح في ظل ظروف استثنائية. وأنا أعلم أن ذلك المكتب لم يعمل بل حتى أن بابه لم يفتح".
وألمح يلماز إلى أن اتفاق سوتشي الموقع عقب قمة أردوغان – بوتين حمّل روسيا مسؤوليات مهمة، وتابع قائلا:
"لقد تخلصت تركيا من تهديد ب ي د/بي كا كا على طول حدودها، كما حمّلت المسؤولية لروسيا والنظام السوري. وإذا كان بي كا كا سيتسبب بالمتاعب بالنسبة لتركيا، فإنه سيضطر لمواجهة روسيا ونظام دمشق. وفي الواقع تعتقد روسيا أن بي كا كا/ ي ب ج يعتبر عنصرا تستغله الولايات المتحدة. ولهذا فإن القضاء على هذا التنظيم بالنسبة لروسيا يعتبر القضاء على ورقة تستطيع الولايات المتحدة استغلالها في سوريا".
وأوضح يلماز أن تركيا يجمعها تعاون مع روسيا في العديد من المجالات وفي مقدمتها المجال التجاري، واختتم كلامه بقوله "لم تعد روسيا في وضع يسمح لها بتفضيل بي كا كا/ب ي د عندما يتعلق الأمر بعلاقتها بتركيا. وقد أكد بوتين خلال المؤتمر الصحفي أن العلاقة بين أنقرة وموسكو ليست عبارة فقط عن سوريا. فنحن لدينا الكثير من الأهداف الكبرى في المجالين الاقتصادي والعسكري. وقد صرح بوتين بأننا نعمل بجد للتكامل مع بعضنا البعض وأن لدينا أهدافا عظيمة. ولهذا فلن تنتهج موسكو استراتيجية تحمي بها بي كا كا/ب ي د وتستخدمه ضد تركيا. وهو ما لن يحدث أبدا كلما سارت العلاقات بين البلدين على هذه الشاكلة".