روت معتقلات في سجون نظام بشار الأسد في سوريا ما تعرضن له من فظائع شملت أنواعا شتى من التعذيب والاغتصاب.
وفي لقاءات مع للأناضول، تحدثت سوريات خرجن من السجون بعد احتجازهن بشكل غير قانوني، عن حالات التعذيب والاغتصاب في سجون النظام.
وقالت أم محمد، من سكان منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، إنها اعتقلت عام 2012 بينما كانت متجهة للعمل، وهي تغطي وجهها بحجابها.
وذكرت أنها تعرضت للضرب في مركز الاعتقال وبعد استجوابها 3 مرات، تم زجها في غرفة مع 7 سيدات إثر نزع حجابها.
وأردفت أن آثار التعذيب كانت بادية على وجوه النساء المعتقلات.
وروت أنها شاهدت طفلة في الصف التاسع، تناوب على اغتصابها 6 أشخاص أمام الجميع.
ولفتت أم محمد إلى أنها اعترضت على نزع حجابها، وذاقت التعذيب في بادئ الأمر، ومن ثم الاغتصاب.
وذكرت أن حالات الاغتصاب طالت حتى امرأة بسن الـ55 عاما.
وأفادت أنها أحيلت إلى زنزانة انفرادية بعد 5 أو 6 أيام على توقيفها، وعاشت على مدار 2.5 شهر على رغيف خبز وبعض الجبن في اليوم؛ ما أدى إلى مرضها وانهيارها عصبيا.
وأردفت أم محمد أن كل أمرأة تدخل سجون نظام الأسد تتعرض للتحرش والاغتصاب، وقالت إن أصوات التعذيب ما زالت عالقة في ذهنها ولا يمكن نسيانها.
ولفتت إلى أن معاناتها استمرت بعد خروجها من السجن، أيضا؛ حيث تبرأت أسرتها منها.
وكشفت أنها تزوجت ابن عمها، الذي طلقها بعدما علم بأنها تعرضت للاغتصاب.
بدورها، قالت سائحة البارودي، أم لطفلين من مدينة حماة، إنها تعرضت للتوقيف عند نقطة تفتيش، أثناء توجهها مع زوجها إلى لبنان.
وأشارت إلى أنه جرى اعتقالها بسبب حيازتها رخصة صيد تابعة لزوجها في حقيبتها، وتعرضت للاستجواب والتعذيب على مدار 4 ساعات في مركز التوقيف بتهمة "مساعدة الإرهاب".
وذكرت أنها كانت تسقط أرضا كلما ضربوها، لكنهم كانوا يرفعونها ويضربوها مجددا.
وأفادت بأنها بعد ذلك نُقلت إلى "الفرع العسكري" حيث استجوبت مجددا، وتم تكبيل يديها من الخلف، وعصب عينيها، وزجها في زنزانة.
وبعد مرور 48 ساعة، قالت إنه فُتح الباب، وتم رمي قطعة خبز وثلاث حبات زيتون.
وقالت البارودي إن أمام المرء، عند الوقوع في قبضة قوات الأسد، خيارين بعد الصدمة؛ إما الاقرار بالتهم الموجهة، أو المقاومة، لافتة إلى أنها فضلت الخيار الثاني رغم تبعاته.
وذكرت أنه تم نزع حجابها وكشف الجزء العلوي من جسدها أثناء الاستجواب، وعندما رفضت التهم المنسوبة إليها، جرى نقلها إلى غرفة مليئة بالماء، وتعليقها إلى السقف ويديها مكبلتان من الخلف.
وأوضحت أنها بعدما تعرضت لأنواع عدة من التعذيب الجسدي، كان يغمى عليها، إلا أنهم كانوا ينزلونها إلى الماء ويوصولونه بالتيار الكهربائي كي تصحو.
وأضافت أنها نُقلت إلى سجن حمص المركزي ضمن مجموعة تضم 66 شخصا؛ حيث وضعن في نفس المهجع، مع أناس متهمين بالمخدرات والاغتصاب والقتل.
وقالت إنها عاشت ما يشبه صدمة نفسية عندما شاهدت عائلة كاملة في السجن، الأب والأم مع أطفالهم، فضلا عن فتيات بعمر 18 عاما ناجيات من مجزرة بانياس، في السجون، وشعرت أن كافة النساء في سوريا معتقلات.
وأوضحت البارودي أنّ النظام قام بنقلها من سجن حمص المركزي إلى سجن بالون، وأنها رأت سجناء يتعرضون لشتى ألوان التعذيب هناك أيضاً
وتابعت قائلة: "عندما كنت في سجن بالون لفت انتباهي كثرة الميليشيات الشيعية الإيرانية فيه، وعندما كنت أنزل من المصعد إلى غرفة السجن كنت أشتم رائحة الجثث، وكانت رائحة الموتى تملأ الغرف".
وصرّحت البارودي بأنّ 44 سجينة كنا داخل غرفة واحدة لا نوافذ فيها، وأنّ السجينات بدأن يسألنها عن الأوضاع في الخارج، فور دخولها إلى الغرفة.
وأردفت: "اسمي لم يكن مدرجا في قوائم الطعام الذي كان يأتي كل 4 أيام مرة، لكن النسوة الموجودات داخل غرفة السجن، كنّ يتقاسمن معي حصتهن، وظللت في ذلك السجن 3 أسابيع، وخضعت للتحقيق ثلاثة مرات، وبعد الساعة التاسعة مساءً لم نكن نستطيع النوم من صرخات الشباب الذين كانوا يتعرضون للتعذيب".
واستطردت: "في إحدى المرات أصيبت إحدى السجينات بمرض تناسلي، وسمحوا لنا بأخذها إلى المرحاض لكنهم طلبوا منا أن نبقى في الداخل، ونسينا أمر الخروج فخرجنا، وإذ بنا نرى السجانين وهم يجرّون جثث الذين ماتوا تحت التعذيب".
وبعد أن تمّ نقلها إلى سجن عدرا بأسبوعين، تمكنت البارودي من الخروج إلى المحكمة، ونالت برائتها من التهم الموجهة إليها.
** الشبيحة نزعوا حجابي وملابسي عنوةً
من جانبها قالت مريم (24 عاما) التي تعرضت هي الأخرى للتعذيب والاغتصاب في سجون الأسد، إنّ عناصر الشبيحة نزعوا حجابها وملابسها عنوة وسط الحي، وبدأوا يجرونها في الشوارع.
وأوضحت مريم (من سكان حماة) أنها كانت تعمل في أحد المستشفيات الميدانية بمنطقة الحميدية لإسعاف المتظاهرين الذين يُصابون بنيران قوات الأمن التابعة للنظام السوري.
وأضافت مريم أنّ اعتقالها من قِبل قوات النظام السوري، جرى في الساعة السادسة صباحا عندما كانت في منزل أبيها برفقة أولادها.
وعن كيفية اعتقالها قالت مريم: "كنت في منزل والدي برفقة أولادي، وفجأ كُسر الباب ودخلت عناصر الشبيحة إلى البيت، وبدأوا بضرب ابنتي البالغة من العمر 4 سنوات، وسألوا عني، وعندما ألقوا القبض عليّ نزعوا حجابي وملابسي وسط الحي وبدأوا بضربي وجرّي في الشوارع، وعندما وضعوني في السيارة كانت بداخلها 4 فتيات أخريات".
وقالت مريم: "عندما وصلنا إلى الفرع (مقر للمخابرات)، بدأوا يصرخون: (جاء الإرهابيون)، وأدخلونا إلى غرفة ضابط اسمه سليمان، وكان يأكل الفستق ويشتم بعرضنا وشرفنا، ولا تصدقوا أكاذيبهم عندما يقولون بأنّ السجينات يخضعن للتفتيش من قِبل الشرطيات أو العسكريات، فقد قام أحد الجنود بتفتيشي وخلع ملابسي، حينها كدت أموت من حيائي".
وشرحت مريم غرفة التحقيق قائلةً: "لا يوجد في غرفة التحقيق سوى سرير واحد، ولا حدود هناك للتعذيب، وبعد منتصف الليل، كان الضابط سليمان ينتقي أجمل الفتيات ويأخذهن إلى مكتبه المكون من غرفتين؛ فالغرفة الأولى كانت للتحقيق والأخرى كانت مخصصة للاغتصاب، وكنت أتوسل إليه وأقول كُرمة لله لا تفعل، فكان يقول (لا يوجد شيء اسمه الله)، وكنت أقول كُرمة للنبي، فكان يقول (هو الآخر في إجازة)، وبلغت به الوقاحة إلى حد أنه كان يقول (جِماع من ألذ نحن أم عناصر الجيش السوري الحر)".
وتابعت قائلة: "إحدى السجينات حملت جنينا جراء الاغتصاب، ووضعت وليدها في الشهر السادس من الحمل، وقام الشبيحة بإطلاق النار على ولدها أمام أعينها، وأصيبت بعدها بالجنون".
ولم تنته معاناة مريم في السجن فقط، بل رافقتها المآسي عند خروجها؛ حيث تعرضت لشتى ألوان الاضطهاد من قِبل المجتمع وعائلتها وزوجها، حتّى بلغ الأمر إلى الطلاق وعدم القدرة على الخروج من المنزل.
وفي هذا السياق قالت: "لأننا تعرضنا للاغتصاب في السجن، قام المجتمع باضطهادي، فلم أجد أحدا يرحب بي، ولم أستطع أن أخرج حتّى إلى الشارع والتسوّق، ولم يبق لنا سوى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فلعله يسمع صوتنا ويساعدنا".
ووفق معطيات الشبكة السورية لحقوق الانسان، فإن 8 آلاف و633 سيدة على الأقل معتقلة في سجون الأطراف المتحاربة في سوريا، منهن 7 آلاف و9 على الأقل في سجون تابعة لنظام الأسد.
ووثقت الشبكة تعرض 864 إمرأة و432 فتاة دون الثامنة عشر، على الأقل، إلى 7 آلاف و699 حالة اغتصاب، مع العلم أن التوقعات تشير إلى أن عدد المعتقلات وحوادث الاغتصاب أكثر من تلك الأرقام بكثير.
ويعود التفاوت بين الأرقام الموثقة والتوقعات إلى حدوث الكثير من حالات الاعتقال دون ادراجها في السجلات، فضلا عن دفع المجتمع المغتصبات إلى الصمت وعدم الحديث عما تعرضن له من ويلات في غياهب السجون.