دعا الخبير الاقتصادي الأمريكي، ومدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا جيفري ساكس، الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للاستفادة من خبرة تركيا في الدبلوماسية لإنهاء الحروب، لتنفيذ وعوده الانتخابية بإحلال السلام.
وفي مقابلة مع الأناضول، أكد ساكس أن تركيا تمتلك خبرة دبلوماسية واسعة تجعلها شريكا مهما للولايات المتحدة في جهود إنهاء النزاعات الإقليمية.
وقال: "تركيا يمكن أن تكون مستشارًا جيدًا للولايات المتحدة لإنهاء الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، فدبلوماسيتها المكثفة ومعرفتها العميقة بروسيا والشرق الأوسط تمنحها قدرة فريدة على المساعدة في تشكيل سياسات خارجية فعالة".
وأشار إلى أن الحرب في أوكرانيا كانت على وشك الانتهاء خلال المفاوضات التي جرت بتركيا في مارس/ آذار 2022، مضيفًا: "لا توجد دولة في العالم تفهم البحر الأسود وشرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط أفضل من تركيا".
وتحدث ساكس، وهو أيضا رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة حول كيفية تأثير فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على الاقتصاد العالمي والعلاقات التركية الأمريكية والشرق الأوسط والعلاقات مع الصين.
وفاز المرشح الجمهوري ترامب على منافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، في السباق الرئاسي هذا الشهر، وحصل على 295 صوتًا في المجمع الانتخابي حاليًا، وهو أعلى بكثير من 270 صوتًا المطلوبة.
صعوبة التنبؤ بسياسة ترامب
وحول سياسات ترامب، وصف ساكس نهجه بأنه "غير متوقع"، مع احتمالية أن يشهد العالم جوانب إيجابية وأخرى سلبية خلال رئاسته.
واعتبر أن أحد أبرز الجوانب الإيجابية قد يكون إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقال: "الحرب في أوكرانيا نابعة أساسًا من محاولة الولايات المتحدة ضم أوكرانيا إلى الناتو، وهي فكرة سيئة اتبعتها الولايات المتحدة لمدة 30 عاما أفضت إلى هذا الصراع".
وأشار إلى أن ترامب يريد إنهاء هذه الحرب وأن الطريقة الرئيسية للقيام بذلك هي عدم ضم أوكرانيا إلى الناتو، وتوقف روسيا عن الهجوم.
وفي المقابل، توقع ساكس أن تتسم سياسات ترامب تجاه الشرق الأوسط بالسلبية، وأضاف: "ترامب كان دائمًا داعمًا قويًا لإسرائيل، وهو موقف لا يتماشى مع الحاجة الملحة لحل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام".
وتساءل: "هل سيتصرف ترامب كدبلوماسي أو مؤيد لإسرائيل".
وأكمل: "نتنياهو يتسبب في إبادة جماعية في غزة ويحاول جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، سنرى ما إذا كان دعم ترامب لإسرائيل له أي حدود".
وشدد على ضرورة "تطبيق حل الدولتين، إسرائيلية وفلسطينية باعتباره الحل الوحيد من أجل السلام".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 147 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الاستفادة من خبرة تركيا
وذكّر الخبير الاقتصادي بوعود ترامب الانتخابية بأنه "سينهي الحروب"، قائلا إن "ترامب يمكن أن تستفيد من تركيا لإتقانها للدبلوماسية في هذا الإطار".
تجدر الإشارة إلى أن ترامب كان وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراع وتحقيق السلام في الشرق الأوسط، ما دفع كثير من ناخبيه العرب والمسلمين والذين لعبوا دورا بارزا في فوزه لتعليق الآمال عليه من أجل تغيير نهج سلفه، جو بايدن، تجاه المنطقة.
وبحسب ساكس، "لا توجد دولة في العالم تمارس دبلوماسيتها بشكل مكثف مثل تركيا، فالسياسيون والدبلوماسيون الأتراك يعرفون روسيا والشرق الأوسط جيدا، ويمكن لتركيا أن تساعد الولايات المتحدة على فهم أن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تنتهي، وكادت الحرب أن تنتهي في المفاوضات التي جرت بتركيا في آذار/مارس 2022".
وشدد على أن "الحرب في الشرق الأوسط لن تنتهي إلا عندما تكون هناك دولة فلسطينية".
ومضى قائلا: "يمكن للدبلوماسيين الأتراك أن يشرحوا ذلك للولايات المتحدة، يمكن لتركيا أن تساعد الولايات المتحدة في إنشاء سياسة خارجية صحيحة، إن إتقان تركيا للدبلوماسية مهم للغاية خاصة الآن".
وأكمل أن السلام في المنطقة مهم جدا أيضا بالنسبة لتركيا، وأنه طالما استمرت الحروب في البحر الأسود والشرق الأوسط، فستكون هناك فرصة أقل للنمو الاقتصادي الديناميكي والتنمية التي تريد تركيا تحقيقها.
سياسات قاسية تجاه أوروبا
ورأى ساكس أن ترامب قد لا يكون متعاونًا مع أوروبا بشكل كبير خلال فترة رئاسته، ومن المرجح أن يفرض رسوماً جمركية إضافية على الدول الأوروبية.
وأضاف أن على أوروبا التصرف بحذر، مشيرًا إلى أنه إذا اتخذت القارة العجوز موقفًا حكيمًا، فإنها ستكون قادرة على تحسين علاقاتها مع الصين وروسيا والسعي لإيجاد حل سلمي للصراع بين أوكرانيا وروسيا.
وأكد أن أوروبا يجب أن تتخلى عن الخطاب الداعي لهزيمة روسيا.
ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه "تخلي" كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.