الصحفي الفلسطيني أبو نبهان.. ورّث خيريا على خطى "روح الروح"

10:2917/01/2025, الجمعة
الأناضول
الصحفي الفلسطيني أبو نبهان.. ورّث خيريا على خطى "روح الروح"
الصحفي الفلسطيني أبو نبهان.. ورّث خيريا على خطى "روح الروح"

- سائد قُتل الجمعة برصاص قناص إسرائيلي بمخيم النصيرات أثناء تأديته واجبه - سائد تعاون مع الأناضول وكرّس حياته لنقل معاناة شعبه وتوثيق جرائم الاحتلال - إلى جانب عمله الصحفي لعب سائد دورا إنسانيا في مساعدة المحتاجين بصمت - زوجته: سائد كان نادرا ما يتواجد في المنزل بسبب انشغاله بتغطية جرائم الإبادة

قبل أسبوع من مقتله برصاص قناص إسرائيلي، حاول الصحفي الفلسطيني سائد أبو نبهان تلبية كافة احتياجات عائلته الأساسية دفعة واحدة وقضاء وقت مميزة بجانب نجله "أنس" في خطوة لم تكن من عاداته اليومية التي غيرتها الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 16 شهرا.

أبو نبهان (25 عاما) المصور الصحفي المتعاون مع وكالة الأناضول، كان يقضي معظم أوقاته في العمل لحرصه على كشف حقيقة الإبادة التي ترتكبها إسرائيل للعالم وإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني.

واجب إنساني

هذا العمل اقتطع أوقاتا من نصيب عائلة سائد وطفله أنس (عام ونصف)، لكنه لم يشعر بندم إزاء هذا الواجب الإنساني الذي واصله حتى آخر لحظات حياته، وفق رواية زوجته براءة حميدة، للأناضول.

والجمعة الموافق 10 يناير/كانون الثاني الجاري، قُتل أبو نبهان برصاص قناص إسرائيلي، أثناء تأدية عمله الإنساني والصحفي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وبعد مقتله، تكشفت لعائلته أعمال خير كان يقوم بها سرا على خطى جده خالد أبو نبهان أحد رموز العمل الخيري في القطاع، وهو خال والدته حيث قتل بقصف إسرائيلي في 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بمخيم النصيرات.

روح الروح

الجد خالد هو صاحب مقولة "روح الروح" الشهيرة التي ودع بها جثمان حفيدته الشهيدة "ريم" قبل أكثر من عام، وعلقت في أذهان الكثيرين حول العالم.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قتلت غارة إسرائيلية ريم وشقيقها طارق، حفيدي الجد خالد، المكنى بـ"أبو ضياء".

آنذاك، تداول ناشطون فلسطينيون على مواقع التواصل مقطع فيديو يُظهر الجد حاملا بين ذراعيه جثمان ريم، وهو يودعها بأسلوب مؤثر ومبكٍ، يحتضن جثمانها مرددا كلماته الحنونة الشهيرة في أنحاء العالم: "روح الروح هذه.. روح الروح".

ويعرف الجد أنه ساهم في تقديم الدعم المعنوي للنازحين من أهوال الحرب وحثهم على الصبر على ما أصابهم، وشارك في عمل تكيات لتوزيع الطعام على الفلسطينيين في ظل الجوع المستفحل بالقطاع.

كما ظهر له مقطع فيديو لاقى انتشارا واسعا في يونيو/ حزيران الماضي، وهو يطعم قططا ضالة جائعة في الشوارع رغم حالة النزوح والجوع.

وظهر "أبو ضياء" في الفيديو وهو يطرق الأرض بقطعة معدنية تجمّع على إثر الصوت مجموعة من القطط التي وضع لها طعاما لتأكله.

عائلة تعيش الألم

براءة حميدة، زوجة الشهيد سائد، تحدثت عن ظروف حياتها الصعبة، حيث عاشت النزوح مع زوجها وطفلها المريض منذ ولادته.

وذكرت للأناضول أنها وطفلها أنس الذي وُلد قبل أسبوع من بدء الحرب ودخل العناية المركزة لفترة طويلة، اضطرا للنزوح مرات عدة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر.

وأوضحت أن زوجها كان نادرا ما يتواجد في المنزل بسبب انشغاله بتغطية جرائم الإبادة الإسرائيلية.

في الليلة الأخيرة قبل استشهاده، حرص سائد على شراء احتياجات عائلته، وقضى عشاءه مع والدته مودعا إياها قبل أن يغادر صباح الجمعة لتغطية الأحداث، تاركا وصية مؤثرة: "انتبهوا على ماما".

وأضافت الزوجة أن طفلهما يحمل هاتف والده باستمرار، يضمه إلى صدره وكأنه يبحث عن حضنه.

وحول استشهاد خالد أبو نبهان، خال والدة الصحفي سائد، قالت: "تفاجأنا بخبر استشهاده، وكان ذلك صدمة كبيرة ، رغم الألم، عزم زوجي السير على دربه في مساعدة الناس واستكمال مسيرته الخيرية، حيث كان دائما يساعد كل محتاج".

وعقب مقتل "أبو ضياء" وثقت عدسات صحفيين مشهد الحزن والألم الذي اعتصر قلب سائد أثناء وداعه الأخير، في لحظات مليئة بالأسى والوجع.

من جهتها، وصفت أم صلاح حميدة، والدة براءة، الشهيد سائد بأنه "رجل حنون وخلوق".

وأضافت أنه رغم قلة راتبه، كان يخصص جزءا منه لمساعدة المحتاجين، حيث كان يوزع المساعدات سرا.

وأشارت إلى أن الطفل أنس لم يستطع النوم في الليلة الأولى لاستشهاد والده، وظل واقفا عند الباب ينادي: "بابا، وين بابا؟".

وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.

وبدعم أمريكي خلفت الإبادة الإسرائيلية بغزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نحو 157 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

#إرث خيري
#إسرائيل
#خالد
#روح الروح
#سائد أبو نبهان
#غزة
#فلسطين