قصف الجيش الإسرائيلي مساء الأحد مدرسة "الشيخ جميل" غرب خان يونس ما أسفر عن مقتل 12 فلسطينيا.. -محمد البس: النيران التهمت كل شيء، كانت الأشلاء (الجثامين) مبعثرة ولم نعثر حتى الآن على رأس أحد القتلى -أحمد سرحان: الغرف التي استهدفها الجيش بشكل مباشر تواجد داخلها نساء وأطفال ومسنين -أم محمد طافش: فقدت أطفالي 6 ولا أصدق أنهم رحلوا جميعا
"النيران التهمت كل شيء، كانت الأشلاء (الجثامين) مبعثرة ولم نعثر حتى الآن على رأس أحد القتلى"، بهذه الكلمات وصف الفلسطيني محمد البس اللحظات الأولى التي تلت استهداف الجيش الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة "الشيخ جميل" بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
ومساء الأحد، قتل 12 فلسطينيا في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة "الشيخ جميل" التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" غرب مدينة خان يونس، وفق مصدر طبي للأناضول.
وقصفت إسرائيل هذه المدرسة، التي تؤوي مئات النازحين من الأطفال والنساء والمسنين، دون سابق إنذار وحولتها إلى ساحة من الموت والدمار.
وباستهداف "الشيخ جميل"، يرتفع عدد مراكز الإيواء الذي استهدفها الجيش الإسرائيلي من 213 وفق معطيات نشرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة صباح الأحد، إلى 214 منذ بدء الإبادة الجماعية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن نحو 152 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
**"دمار ودماء"
قال البس، في حديثه للأناضول: "كنا نجلس على أبواب الغرف الصفية مساء كالعادة، لم يصلنا أي تحذير، وفجأة سمعنا دوي انفجار عنيف، هرعنا مسرعين باتجاه المكان لمعرفة ما حدث، لكننا لم نجد سوى الدمار والدماء والجثامين".
ويضيف بنبرة حزينة إثر مقتل 4 من أفراد عائلته في القصف: "النيران كانت تلتهم كل شيء، وأسطوانات الغاز تشتعل والدخان يملأ المكان".
وتابع: "كانت هناك أشلاء مبعثرة، ولم نعثر حتى الآن على رأس أحد القتلى، يبدو أنه تمزق بالكامل من شدة الانفجار".
وأشار إلى أن هذه المدرسة التي تتبع لوكالة الغوث الأممية "معروفة للجميع أنها تؤوي نازحين مدنيين، ولا يوجد فيها أي نشاط عسكري".
وأضاف عن ذلك: "فقط يعيش هنا أطفال ونساء وشيوخ في أوضاع صعبة، إذا لماذا تُرتكب بحقنا هذه المجازر؟!".
بدوره، يقول المسن أحمد سرحان، وهو شاهد آخر من داخل مركز الإيواء: "كنا نجلس في ساحة المدرسة بأمان كباقي الأيام، وفجأة حدث الانفجار، لم نكن نعلم أين أو كيف".
ويؤكد سرحان، خلال حديثه للأناضول، أن المدرسة "تضم نازحين فقط، ولا يوجد أي نشاط عسكري داخلها أو تواجد لعناصر عسكرية".
ولفت إلى أن الغرف الصفية التي استهدفها الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر كان يتواجد بداخلها "نساء وأطفال وشيوخ بينهم رجل مُسن شارف عمره على 80 عاما".
ويستكمل واصفا المشهد: "في الغرفة المجاورة، استشهدت عائلة كاملة؛ امرأة ووالدها وزوجها، حتى أن رأس أحد القتلى لم يتم العثور عليه لساعات، وبعد البحث، وجدنا الأشلاء صغيرة جمعناها في وعاء لطهي الطعام".
**"اُستشهد أطفالي"
من جانبها، تقول الفلسطينية "أم محمد" طافش، إنها فقدت أطفالها الستة في المجزرة الإسرائيلية التي طالت مدرسة "الشيخ جميل".
وأضاف للأناضول: "كنت أصرخ عندما رأيت الجثث (الأطفال) تصل إلى مجمع ناصر الطبي تباعا".
وبعد بكاء شديد، أعربت طافش عن صدمتها من فقدان جميع أطفالها، قائلة "لا أصدق أنهم رحلوا جميعا".
وتابعت بصوت مرتجف: "كانوا هنا في المدرسة يبحثون عن الأمان، لكنهم قصفونا بلا رحمة، استشهد أطفالي ولم يتبق لي شيء".
ونُقل القتلى والجرحى إلى مجمع ناصر الطبي غرب خان يونس، حيث عاش هو الآخر جانب آخر من المأساة جراء هذه المجزرة، وفق مراسل الأناضول.
وأفاد المراسل، أن ملامح الحزن والغضب ارتسمت على وجوه النازحين وذوي القتلى الذين هرع بعضهم إلى ثلاجات الموتى بحثا عن أقاربهم والبعض الآخر لإلقاء نظرة الوداع.
وقالت شقيقة أحد القتلى (لم تذكر اسمها)، للأناضول: "كيف يمكن أن يحدث هذا؟ الجميع كانوا يحتمون داخل المدرسة التي ترفع علم الأونروا".
وأدانت استمرار الصمت العالمي بحق ما يحدث في قطاع غزة من جرائم إسرائيلية، مطالبة بمحاكمة ومحاسبة الجيش الإسرائيلي على قتلهم للأطفال.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
كما تتحدى إسرائيل قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.