قال عضو البرلمان الأوروبي البلجيكي مارك بوتينغا، إن الممارسات الإسرائيلية "تقتل الحياة الاقتصادية" في الضفة الغربية، وأعرب عن تأثره الشديد برؤية فلسطينيين لا يمكنهم قطف الزيتون في بساتينهم بسبب المستوطنين.
وفي حديث للأناضول، أوضح بوتينغا أنه أجرى مؤخراً زيارة إلى فلسطين لرؤية ما يجري هناك من أحداث بنفسه، بسبب التعتيم الذي تمارسه إسرائيل على ما ترتكبه في غزة من إبادة جماعية وكذلك في مناطق أخرى من فلسطين.
وأضاف بوتينغا أنه لاحظ كيف يتعرض الشعب الفلسطيني للإذلال من قِبل السلطات الإسرائيلية التي تنتهك كافة حقوق الفلسطينيين في عموم المناطق دون استثناء.
بوتنغا الذي يعدّ أحد السياسيين الأوروبيين البارزين الذين انتقدوا بشدة موقف الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، أكد أنه أراد من خلال تلك الزيارة الاطلاع مباشرة على ما تخفيه إسرائيل عن الرأي العام العالمي وتوثيق الأحداث والتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وقال بوتنغا: "إسرائيل تحاول إخفاء ما تفعله في غزة والضفة الغربية وأجزاء أخرى من فلسطين. إنهم يقتلون الصحفيين، ويعيقون عمل الصحفيين حتى لا يتمكن أحد من رؤية ما يحدث".
وذكر بوتنغا أنه دخل الأراضي الفلسطينية من الحدود الأردنية، وزار نابلس والخليل ورام الله، مشيراً أنه تأثر بشدة ممّا شهده في بساتين الزيتون في قرية قصرة بنابلس.
وفي هذا السياق عرض عضو البرلمان الأوروبي لكاميرا الأناضول، الصور التي التقطها بعدسة هاتفه المحمول خلال زيارته لفلسطين.
وتابع قائلا: "لقد كانت لحظات مؤثرة للغاية عندما رأيت الفلسطينيين وهم يذهبون لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم حصاد الزيتون في بساتينهم، لأن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين يمنعون ذلك".
وأردف: "ذهبنا إلى هناك لدعم المزارعين الفلسطينيين في قطف الزيتون. وحالما وصلنا، أطلق الجيش الإسرائيلي الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لطردنا، بحجة حماية المستوطنات غير القانونية“.
ولم يستطع آلاف الفلسطينيين خلال موسم الزيتون الحالي، من الوصول إلى أراضيهم المتاخمة للمستوطنات الإسرائيلية على قمم جبال الضفة الغربية.
واستطرد: "هؤلاء المزارعين يعتمدون على الزيتون في معيشتهم منذ عدة قرون، والآن يتم منعهم. بالنسبة لنا، كان من المهم للغاية أن نرى أن المستوطنين لا يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم، ولكن بدعم نشط من الحكومة والجيش الإسرائيليين“.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي قال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أونكتاد، إن الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، تمر بتدهور اقتصادي سريع ومثير للقلق، حيث أشار التقرير إلى أن 80 بالمئة من الشركات في القدس الشرقية توقفت عن العمل جزئيا أو كليا.
كما فقد الفلسطينيون ما مجموعه 306 آلاف وظيفة في الضفة الغربية بسبب الحرب على غزة والقيود الإسرائيلية على حركة الأفراد والتجارة.
هذه القيود، دفعت معدل البطالة من 12.9 بالمئة إلى 32 بالمئة، ليؤدي إلى خسارة يومية تقدر بنحو 25.5 مليون دولار في دخل العمل في الضفة الغربية.
- خيبة أمل من المواقف الأوروبية
وعن زيارته إلى مدينة الخليل، قال بوتنغا: "عندما تسير في تلك المدينة القديمة، ترفع رأسك لترى أسقف مستعارة من التنك، في البداية تعتقد أنها بُنيت من أجل الوقاية من أشعة الشمس، لكن الأمر ليس كذلك، فقد استولى المستوطنون غير الشرعيين على الطوابق الأولى من المنازل، ومن هناك يلقون الحجارة أو القمامة على الناس".
وأضاف: "رأيت هناك العديد من الدكاكين المغلقة، لأن الناس عاجزون عن الوصول إلى متاجرهم بسبب نقاط التفتيش المسلحة، وما يفعله الإسرائيليون هو قتل الحياة الاقتصادية في الخليل وإذلال السكان".
وذكر بوتنغا أنه لاحظ أن الفلسطينيين الذين تحدث إليهم خلال زيارته غاضبون للغاية وأصيبوا بخيبة أمل من المواقف الأوروبية.
وتابع: "يقولون إن أوروبا تستمر في تقديم الأسلحة لإسرائيل بينما يُقتل أطفالنا كل يوم.. ومن ناحية أخرى، فوجئت بأنهم كانوا على علم بالمظاهرات التي قمنا بها في بروكسل ولندن ومدن أوروبية مختلفة وأنهم يشعرون أنهم ليسوا وحيدين".
- البرلمان الأوروبي
وقال بوتينغا إنهم نظموا مع مجموعة من النواب والناشطين، وقفة احتجاجية الأسبوع الماضي بعد إعلان الأمم المتحدة أن عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 تجاوز 13 ألف طفل.
وأردف: "لم يتمكن البرلمان الأوروبي حتى الآن من إدانة هذه الإبادة الجماعية بشكل واضح. أردنا أن نعبر عن ذلك من خلال الاحتجاج داخل البرلمان. وفتحنا لافتة كتبنا عليها أن 33 طفلا فلسطينيا يقتلون كل يوم، وأن هذا لا يمكن قبوله، وأن هذه إبادة جماعية. وكتبنا أسماء كل هؤلاء الأطفال على قطع من الورق وألقيناها أرضاً".
وبموازاة حرب الإبادة في قطاع غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته كما صعّد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر إجمالا عن مقتل 795 فلسطينيا وإصابة نحو 6 آلاف و450 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة على غزة خلفت أكثر من 148 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، مع دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين.