في وقت يحتفل فيه أطفال العالم بيومهم العالمي، يعيش نظراءهم قطاع غزة على وقع الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من عام، والتي فرضت عليهم كارثة إنسانية غير مسبوقة، بين قتل وتهجير وتجويع وفقدان أدنى حقوق الطفولة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواجه الأطفال في غزة شتى صنوف الإبادة، ويعانون من ظروف معيشية صعبة في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة، في ظل شح المياه والطعام، وعدم تلقي التعليم والرعاية الصحية المناسبة.
ويصادف الأربعاء يوم الطفل العالمي الذي يحل في 20 نوفمبر/ تشرين الأول من كل عام، والذي أقرته الأمم المتحدة عام 1954، ليكون مناسبة عالمية لتعزيز الترابط الدولي وزيادة الوعي بشأن حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين رفاههم.
ويعيش الأطفال في غزة واقعا مريرا، حيث قالت تقارير حكومية فلسطينية إن الأطفال والنساء شكلوا ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي ضحايا الإبادة التي تشنها تل أبيب على القطاع.
وداخل إحدى مدارس الإيواء بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، تقول الطفلة الفلسطينية سنين المصري (11 عاما)، النازحة من شمالي القطاع للأناضول: "منذ 7 أكتوبر والسماء مضيئة بالصواريخ الإسرائيلية، وتعكس أضواءها على الأرض".
وبلغة الطفولة تناشد: "أيها العالم، أنا طفلة صغيرة كبرت قبل سني، وما أراه حولي لا أستطيع تحمله... يا عالم، لماذا الظلم في كل ساعة وكل يوم؟".
وعلى مقربة من المدرسة تطالعك خيام مليئة بالأطفال النازحين جراء الإبادة الإسرائيلية والتطهير العرقي، حيث يعانون من البرد القارس وانعدام أدنى مقومات الحياة.
وفي جوف هذه المعاناة، تقف الطفلة الفلسطينية سلسبيل أبو عنزة (7 سنوات) بالقرب من خيمتها، وتأمل أن تنتهي الحرب لتعود للعب بألعابها.
وتقول للأناضول: "في يوم الطفل العالمي أتمنى العيش بحرية، أبي أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأتمنى أن أحتضنه وأراه مثل كل طفل، ومن حقي أن أحيا في حضنه".
ورغم صغر سنها، إلا أنها تعبر عن استيائها من الخذلان قائلة: "لا يوجد من يساندنا في ظل الحرب الإسرائيلية، نحن نجلس في خيمة ولا نجد مكانا آخر غيرها".
وعلى مقربة منها، تقول الطفلة أسماء (6 سنوات) للأناضول: "في يوم الطفل، أتمنى أن أصبح طبيبة عندما أكبر".
وعن الإبادة الإسرائيلية تقول: "أبي استشهد خلالها، وأنا أخاف من صوت الصواريخ، ولا أجد حضنا دافئا أختبئ به عند سماع الأصوات".
وتضيف أن "كل الأطفال يلعبون مع آبائهم إلا نحن، نعيش على وقع الحرب الإسرائيلية، ونأمل أن تنتهي لنعيش بأمان مثل باقي أطفال العالم".
ولا تخفي الطفلة الفلسطينية ديما ضيف الله (7 سنوات) صوتها، حيث يتعالى، مطالبة بوقف الإبادة الإسرائيلية والعيش بكرامة مثل باقي أطفال العالم.
ولأنها تعيش في واقع الجوع الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، تقول ديما للأناضول: "في يوم الطفل، نتمنى أن نعيش مثل باقي أطفال العالم، يلعبون ويأكلون طعاما جيدا، وأتمنى أن أتمكن من تناول الطعام مثلهم".
وتتابع بلهفة الأطفال المعهودة: "أقربائي وأصدقائي استشهدوا في الحرب، وأتمنى أن تنتهي الحرب وأعود لمقعد الدراسة".
وعلى مدار أكثر من عام، قتلت إسرائيل في القطاع أكثر من 17492 طفلا فلسطينيا، فيما يعيش نحو 35060 طفلا بدون والديهم أو أحدهما، بحسب آخر حصيلة للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
بدوره، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني على منصة "إكس"، الأربعاء: "اليوم تُنتهك حقوق الأطفال الفلسطينيين، وباتت غزة مقبرة لهم حيث سُلبوا حقهم في الأمان والتعليم".
وحوّلت تل أبيب قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره للعام الـ18، وأجبرت حرب "الإبادة الجماعية" نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.
وبدعم أمريكي غربي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 148 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.