- الباحث بمعهد أكسفورد، جوليان بودين: السوق العالمية بحاجة لتنويع مصادر الطاقة حتى وإن بكميات صغيرة - الباحث بمجلس الأطلسي، جون روبرتس: تركيا ستكون اللاعب الرئيس في نقل غاز تركمانستان إلى الغرب - خبير الطاقة، دانيلا بوتشكاريف: من الممكن بيع غاز تركمانستان في السوق الأوروبية بأسعار تنافسية
في إطار سعيها لتحقيق هدفها لأن تصبح مركزا للطاقة تواصل تركيا تعزيز تعاونها الإقليمي وتقييم إمكانيات تصدير الغاز من تركمانستان إلى أوروبا عبر أراضيها، باعتبار ذلك فرصة واعدة ستعود بالفائدة على أنقرة.
وبعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من أزمة في إمدادات الغاز إلى أوروبا، شهدت دبلوماسية الطاقة بين تركيا وأذربيجان وتركمانستان نشاطًا مكثفًا، مما أعاد الغاز التركمانستاني إلى دائرة الاهتمام.
وفي مارس/ آذار الماضي، وقعت تركيا وتركمانستان مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى مذكرة تعاون استثماري في مجال الهيدروكربونات.
وفي نفس الشهر، وقعت تركيا وأذربيجان اتفاقية تعاون لتسهيل نقل الغاز من تركمانستان عبر أذربيجان وجورجيا إلى تركيا.
وفي تصريحات سابقة، أوضح وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، أن أنقرة تدرس ثلاثة خيارات لنقل غاز تركمانستان إما عبر التبادل مع إيران أو عبر إيران وأذربيجان أو عبر خط أنابيب بحر قزوين كخيار طويل الأمد وأكثر استدامة.
وأضاف بيرقدار أن المرحلة الأولى من المشروع تتضمن نقل 2 مليار متر مكعب من غاز تركمانستان إلى تركيا، مشيرًا إلى أن المشروع يتطلع إلى نقل 300 مليار متر مكعب من الغاز على مدار 20 عاما بمعدل 15 مليار متر مكعب سنويًا.
تركيا وأوروبا
من جهته، قال جوليان بودين، الباحث الزائر بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، في حديث للأناضول، إن نقل 2 مليار متر مكعب من الغاز التركماني عبر التبادل الجزئي يعد مشروعًا قابلًا للتنفيذ.
وأشار بودين إلى أن المشكلة الرئيسية في تصدير الغاز التركماني إلى أوروبا تكمن في النقل والاتفاقيات التجارية اللازمة لذلك، لافتًا إلى أهمية بناء خط أنابيب عبر بحر قزوين لنقل 15 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
وتطرق بودين إلى الاتفاقية الموقعة بين تركيا وتركمانستان، مشيرًا في هذا الإطار إلى أن الاتفاقية من شأنها توفير مزايا استراتيجية مهمة وحيوية للطرفين.
وأكد على أهمية أن تمتلك تركيا خيارات متعددة للإمدادات لتحقيق هدفها في أن تصبح مركزًا للطاقة.
وزاد: "كلما زادت الخيارات المتاحة، كلما كان ذلك أفضل.. السوق العالمية بحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة حتى وإن كان ذلك بكميات صغيرة".
وأردف بالقول: "إن إمداد الغاز من تركمانستان سيسهم في تحقيق فكرة إنشاء مركز للطاقة يكون بديلاً للغاز الإيراني والروسي".
وأضاف أن تركمانستان تعتمد بشكل كبير على الصين كسوق تصدير وحيدة للغاز، وأن مشروع خط أنابيب الغاز عبر أفغانستان وباكستان والهند لم يتحقق بعد، مما يجعل الحاجة إلى إيجاد أسواق جديدة لغاز تركمانستان أكثر إلحاحا.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير أن نقل الغاز من تركمانستان عبر تركيا إلى أوروبا سيغير مشهد الغاز في منطقة بحر قزوين والقوقاز والجنوب الأوروبي.
وقال: "من المحتمل أن تبدأ المرحلة الأولى بنقل كميات صغيرة، قبل بدء ضخ الغاز عبر خط أنابيب بحر قزوين، ما يتطلب توسيع مشروع الممر الجنوبي للغاز ليصل من أذربيجان إلى تركيا، ثم من تركيا إلى أوروبا."
البنية التحتية
من جانبه، أشار جون روبرتس، الباحث الأول بمجلس الأطلسي، إلى ضرورة استغلال البنية التحتية الحالية إلى أقصى حد ممكن لنقل الغاز من تركمانستان إلى تركيا.
واستبعد روبرتس إمكانية تدشين بنية تحتية جديدة لنقل الغاز من تركمانستان إلى تركيا، واصفًا مثل هذا المشروع بأنه "ليس أمرًا عمليًا في الظروف الحالية".
وأكد على ضرورة أن تجد تركمانستان منافذ بديلة لتصدير الغاز، موضحًا أن الصين هي المخرج الوحيد حاليًا، لكن استهلاك بكين لا يعتبر كافيًا بالنسبة لإنتاج تركمانستان من الغاز.
وأضاف موضحا أن تركمانستان تحاول بناء خط أنابيب إلى باكستان والهند منذ 20 عامًا دون أن تحقق تقدمًا يذكر بهذا الخصوص.
وأشار روبرتس إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بذل جهودًا كبيرة لتحقيق التعاون بهذا المجال، بما في ذلك توقيع اتفاقية مع تركمانستان، ونقل الدور الرئيسي إلى أذربيجان كدولة عبور.
وقال روبرتس: "إذا كان هناك من يستطيع تنفيذ مشروع تصدير الغاز عبر بحر قزوين، فهم المسؤولون الأتراك. تركيا ستكون اللاعب الرئيس في نقل الغاز التركماني إلى الغرب".
- الاتفاقية ستسهل وصول الغاز التركماني إلى الاتحاد الأوروبي
في السياق نفسه، أشار خبير الطاقة دانيلا بوتشكاريف إلى أن كل مصدر غاز جديد بأسعار معقولة سيعود بالفائدة على الاقتصاد التركي، وأن الغاز التركماني من شأنه أن يعزز موقع تركيا كمركز إقليمي للطاقة.
لكن بوتشكاريف حذر من أن خط الأنابيب المقترح عبر بحر قزوين لن يكون قابلاً للإتمام في المدى القصير، بسبب العقبات الجيوسياسية والمالية والبيئية.
وأكد أيضًا أن الغاز التركماني يمكن أن يصل إلى تركيا عبر إيران، رغم التحديات المتمثلة في العقوبات المحتملة على إيران والمنافسة مع العراق.
ولفت إلى أن الاتفاقية بين تركيا وتركمانستان سوف تسهل بالتأكيد وصول الغاز التركماني إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي ختام حديثه، أشار الخبير بوتشكاريف إلى أن الغاز التركماني يمكن بيعه في أوروبا بأسعار تنافسية، ولكن إذا تمت مقارنته بكميات الغاز المُصدَّرة إلى الصين أو وجهات أخرى، فلن يحقق الكثير من الأرباح بالنسبة لشركة "تركمانغاز" المملوكة للدولة في تركمانستان.