- فلسطينيون تناقلوا صورا تظهر خالدة جرار (61 عاما) لحظة إفراج إسرائيل عنها وهي بيضاء الشعر نحيلة الجسد تكاد لا تقوى على السير ووصفوا ما جرى بها بـ"الجريمة" - مسؤولة الإعلام بنادي الأسير أماني سراحنة: إسرائيل وضعت خالدة في العزل الانفرادي بإحدى أقدم وأسوأ الزنازين ومارست بحقها التجويع والحرمان - خالدة في رسالة عبر محاميها في أغسطس: أموت يوميا فالزنزانة أشبه بعلبة صغيرة لا يدخلها الهواء. المياه مقطوعة ويأخرون لساعات وجبة الطعام الرديئة
كأنها ليست هي.. بيضاء الشعر نحيلة الجسد تكاد لا تقوى على السير.. هكذا بدت القيادية الفلسطينية الشهيرة خالدة جرار (61 عاما) لحظة الإفراج عنها من سجن عوفر الإسرائيلي في ساعة مبكرة من فجر الاثنين.
واعتقلت إسرائيل خالدة جرار في 26 ديسمبر/ كانون الأول 2023 من منزلها بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وجرى تحويلها إلى الاعتقال الإداري.
وصدر بحقها أمرا اعتقال إداري (دون تهمة)، وطيلة مدة اعتقالها كانت محتجزة في سجن الدامون شمال إسرائيل إلى جانب بقية الأسيرات الفلسطينيات.
وعلى مدار 160 يوما قبعت خالدة، القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في "العزل الانفرادي في إحدى أسوأ وأقدم الزنازين في إسرائيل"، وفق حقوقية فلسطينية.
وتعد خالدة إحدى أبرز الناشطات في مجال الدفاع عن حقوق الفلسطينيات، ولاسيما الأسرى، وهي برلمانية سابقة، وتمتلك حضورا شعبيا، وتحظى بتقدير واحترام واسعين.
وإثر الإفراج عنها، أثارت صور خالدة مشاعر الشارع الفلسطيني، وتناقلها فلسطينيون بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي استنكارا لما وصفوه بـ"الجريمة الإسرائيلية".
وظهرت الأسيرات الإسرائيليات الثلاث اللاتي أطلقت "حماس" سراحهن الأحد في حالة جسدية ونفسية جيدة، ويرتدين ملابس نظيفة منمقمة، بل وقدمت لهن الحركة هدايا تذكارية.
في المقابل، كشفت أسيرات فلسطينيات، في مقابلات مع الأناضول، عن تعرضهن لضرب وتنكيل وإهانات وتفتيش شبه عار قبيل الإفراج عنهن، فضلا عن الأوضاع المأساوية طيلة فترة أسرهن.
** قرار بالتصفية
وقالت مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي) أماني سراحنة للأناضول إن "السلطات الإسرائيلية مارست بحق خالدة جريمة مركبة حرمتها من الحياة والطعام والهواء".
وأضافت: "في وقت ما كان لدى مؤسسات الأسرى شكوك أن هناك قرارا إسرائيليا بتصفية خالدة، فما جرى معها مرعب لدرجة كبيرة".
وتابعت "منذ 12 أغسطس (آب الماضي)، وضعت خالدة في العزل الانفرادي في إحدى أقدم وأسوأ الزنازين التي يمكن تخيلها في إسرائيل".
و"مارست السلطات الإسرائيلية بحق خالدة كل قمع وتنكيل على كل المستويات من العزل الانفرادي إلى التجويع والحرمان من أدنى تفاصيل الحياة الإنسانية، وقرار العزل الانفرادي كان مفتوحا"، حسب أماني.
ووفق نادي الأسير، أمضت خالدة غالبية سجنها في العزل الانفرادي.
** "أموت يوميا"
وفي أغسطس الماضي، قالت جرار في رسالة عبر محاميها، بعد زيارتها في العزل: "أموت يوميا، فالزنزانة أشبه بعلبة صغيرة مغلقة لا يدخلها الهواء".
وتابعت: "فقط يوجد في الزنزانة مرحاض وأعلاه شباك صغير، تم إغلاقه لاحقا بعد نقلي بيوم واحد، ولم يتركوا لي أي متنفس، وحتّى ما تسمى بالأشناف (فتحات) في باب الزنزانة تم إغلاقها".
"هناك فقط فتحة صغيرة أجلس بجانبها معظم الوقت لأتنفس، فأنا أختنق في زنزانتي وأنتظر أن تمر الساعات لعلي أجد جزيئات أوكسجين لأتنفس وأبقى على قيد الحياة"، كما أكدت خالدة.
وأردفت: "ما زاد من مأساوية عزلي، درجات الحرارة المرتفعة، فأنا باختصار موجودة داخل فرن على أعلى درجة، لا أستطيع النوم بسبب الحرارة العالية".
وزادت: "ولم يكتفوا بعزلي في هذه الظروف، فتعمدوا قطع الماء في الزنزانة، وحتى عندما أطلب تعبئة (قنينة) الماء لأشرب، يحضروها بعد 4 ساعات على الأقل".
أما "بالنسبة للخروج إلى ساحة السّجن (الفورة)، تم السماح لي مرة واحدة بعد مرور ثمانية أيام على عزلي، كما يتعمدون تأخير وجبة الطعام الرديئة لساعات"، وفق جرار.
** من هي خالدة جرار؟
أسيرة سابقة تعرضت للاعتقال نحو خمس سنوات، وهي ناشطة حقوقية ونسوية.
وعلى مدار عمليات اعتقالها المتكررة واجهت إجراءات انتقامية، وكان أقساها هو حرمانها من إلقاء نظرة الوداع على ابنتها التي توفيت خلال اعتقالها السابق.
وشغلت جرار منصب عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير بعد حركة فتح.
وترأست مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان، وانتخبت عام 2006 نائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني.
وليلة الأحد/ الاثنين، أفرجت إسرائيل من سجن عوفر غرب مدينة رام الله عن 90، مقابل إطلاق حماس سراح الأسيرات "المدنيات" الثلاث.
وجاء هذا التبادل ضمن مرحلة أولى من اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس بدأت صباح الأحد، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية.
وإجمالا، تحتجز إسرائيل أكثر من 10 آلاف و400 أسير فلسطيني في سجونها، وتقدر حاليا وجود نحو 96 أسيرا إسرائيليا بغزة، فيما أعلنت حماس مقتل عشرات من الأسرى لديها في غارات إسرائيلية عشوائية.
ويستمر وقف إطلاق النار في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة.
ومن المقرر أن تطلق حماس في المرحلة الأولى سراح 33 أسيرا وأسيرة إسرائيليين، مقابل أسرى فلسطينيين يتوقف عددهم على صفة كل أسير إسرائيلي إن كان عسكريا (مقابل 50 أسيرا) أم "مدنيا" (مقابل 30 أسيرا).
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 157 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم، حتى الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ صباح 19 يناير/كانون الثاني الجاري.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.