حياة بين الأموات.. كفيفة بغزة نزحت لخيمة في مقبرة مع طفلتيها المعاقتين

16:384/12/2024, Çarşamba
الأناضول
حياة بين الأموات.. كفيفة بغزة نزحت لخيمة في مقبرة مع طفلتيها المعاقتين
حياة بين الأموات.. كفيفة بغزة نزحت لخيمة في مقبرة مع طفلتيها المعاقتين

الفلسطينية الكفيفة زهر أبو جاموس : - نعيش ظروفا صعبة داخل المقبرة التي وصلناها بعدما قضينا 12 يوما في الشارع - أعتمد في رعاية طفلتي المعاقتين بصريا على حاسة اللمس والسمع - طفلتي الصغرى تأخرت في المشي جراء سوء التغذية


في خيمة صغيرة نصبت داخل مقبرة بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تصارع أم فلسطينية كفيفة الحياة لرعاية طفلتيها اللتين ورثتا إعاقتها البصرية، معتمدة في كافة التفاصيل على حاستي اللمس والسمع.

الفلسطينية زهر أبو جاموس (32 عاما)، تجلس داخل الخيمة وتمارس مهام الأمومة بترتيب شعر طفلتها روان (4 سنوات)، معتمدة على لمس رأسها فضلا عن توضيب خيمتها المصنوعة من النايلون.

تقول أبو جاموس، الحاصلة على شهادة دبلوم "معلم صف تربية طفل" من الكلية الجامعية والعلوم التطبيقية بغزة، إنها اضطرت قسرا للعيش داخل المقبرة رغم الخوف الكبير الذي كان ينتابها عند المرور من المقابر قبل اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

واعتبرت في حديث مع الأناضول، فقدانها لحاسة البصر خاصة في هذا الوقت "نعمة وهبة من الله"، وذلك كي لا تبصر "مشاهد الجثث التي تصل إلى المقبرة للدفن وتكون إما أشلاء أو هياكل عظيمة وتبقى بحسرتها عليهم".

وأكثر من مرة عاشت الفلسطينية وطفلتاها المعاقتان وزوجها رحلات النزوح هربا من جحيم الغارات الإسرائيلية التي تضرب كافة مناطق القطاع.

ويواجه النازحون الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص من أصل 2.4 مليون نسمة يعيشون في قطاع غزة، ظروفا إنسانية وصحية قاهرة في ظل نقص إمدادات المياه والغذاء ووسائل النظافة الشخصية والأدوية.

ويلجأ النازحون للعيش في خيام مصنوعة من القماش والنايلون، أو مراكز الإيواء من مدارس ومستشفيات ومراكز صحية باتت مكتظة بهم.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن خيام النازحين أصبحت مهترئة بفعل العوامل الجوية التي ضربت القطاع خلال عام من حرب الإبادة.

**الإعاقة والحرب

تقول أبو جاموس إنها تقوم بكافة مهام الحياة عن طريق لمس الأشياء بيديها والتعرف على طبيعتها.

وتضيف حول ذلك: "لو كان الكأس مثلا غير نظيف أغسله، وكذلك الأطباق لو فيها بعض الغبار أغسلها".

هذا ما تفعله أيضا مع طفلتيها، قائلة: "لا أعتمد في رعايتهما على حاسة البصر إنما اللمس، سواء فيما يتعلق بملابسهما أو طعامهما أو تنظيفهما خاصة الصغرى التي تبلغ من العمر عامين".

ورغم قيامها بغالبية المهام، إلا أن طهي الطعام مهمة أوكلتها إلى زوجها المُبصر، وذلك خشية احتراقها أو احتراق الخيمة والملابس القليلة المتبقية لديهم.

وتقول عن ذلك: "حينما نزحنا لم نأخذ معنا ملابسنا وأمتعتنا، فقد تركنا كل شيء في المنزل الذي دمرته إسرائيل".

وحول إعاقة طفلتيها، تقول إنها تأكدت طبيا قبل اندلاع الحرب من أن طفلتها الكبرى روان كفيفة بينما تعاني طفلتها الصغرى من إعاقة بصرية لكنها لم تتأكد طبيا بعد بسبب الإبادة الجماعية.

وتوضح أنها، قبل اندلاع الحرب، عانت من المجتمع جراء إعاقتها وعدم وجود أدوات وأماكن موائمة للمعاقين.

وتصف الظروف التي تعيشها داخل الخيمة جراء الإبادة المتواصلة "بالصعبة جدا"، خاصة في ظل شح توفر المواد الغذائية والمياه.

وتشير إلى أنهم يعتمدون في حياتهم على المساعدات وما يقدمه أهل الخير لهم.

**تأخر النمو

الطفلة الصغرى لأبو جاموس، كانت قبل اندلاع حرب الإبادة تخطو خطواتها الأولى وسط فرحة عائلتها إلا أنها اليوم تعجز عن ذلك، وفق قول والدتها، حيث تعاني تأخرا ولم تنجح حتى اليوم بالمشي.

وكان أطباء ومسؤولون صحيون قد حذروا من تأخر نمو الأطفال في قطاع غزة جراء سوء التغذية التي يعانون منها بفعل المجاعة المستفحلة فضلا عن تأخر الكثير منهم عن تلقي المقويات الغذائية واللقاحات الخاصة بهم.

**ظروف قاسية

إلى جانب ذلك، فإن أبو جاموس تعاني من ظروف صعبة على المستوى النفسي بسبب إقامتها داخل المقبرة التي وصلتها بعد نزوحها من شمال غزة ورفح ومدينة أصداء بخان يونس.

وتقول: "اضطررنا للمبيت في هذه المقبرة، بعدما حصلنا على خيمة من فاعلي خير، حيث كان الشارع مأوى لنا لمدة 12 يوما بعد نزوحنا من مدينة أصداء".

وأشارت إلى أنها عارضت فكرة المبيت بين القبور إلا أن عدم توفر أماكن ومراكز الإيواء دفعها في نهاية الأمر إلى القبول قسرا.

وتضيف عن ذلك: "قبل الحرب كنت أخاف من المقابر، وأتجنب المرور جانبها".

وتلفت إلى أنها تعيش بحالة من الخوف المستمر جراء هذه الظروف، لافتة إلى أن المكان دائما يُسمع فيه "نباح الكلاب وتتسلل إليه الأفاعي".

ولولا عائلتها، تقول أبو جاموس إنها تفضل المبيت في الشارع عوضا عن هذا المكان المخيف.

وفي ذات السياق، قالت إن جاراتها "دائما يتحدثن حول جلب أشلاء شهداء وهياكل عظمية" لدفنها في المكان.

وتختم قائلة: "الحمد لله أنه أخذ مني نعمة البصر كي لا أرى (هذه المشاهد) وأتحسر وأكتمها داخل قلبي".

وتعرب عن أمنياتها في تعليم طفلتيها طريقة برايل للقراءة والكتابة، "كي تواجهان المجتمع بقوة بعد انتهاء الإبادة الجماعية".

كما تتمنى أن تنتهي حرب الإبادة الإسرائيلية في أقرب وقت كي يعود النازحين لمنازلهم وحياتهم.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت نحو 150 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

#إبادة إسرائيلية
#إغاقة
#حرب
#ظروف صعبة
#فلسطين