مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدولية ومبعوثه الخاص رياض المالكي للأناضول: - الجنائية الدولية تمر باختبار مهم في القضية الفلسطينية.. إما أن تثبت أنها محكمة للجميع أو محكمة انتقائية لا تعاقب إلا دول الجنوب - بعض الدول الأعضاء في المحكمة مترددة وتحاول اختلاق الأعذار لعدم تنفيذ مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت - إذا لم تحترم الدول الأطراف في المحكمة التزاماتها ومذكرتي الاعتقال فسيؤكد ذلك غياب سيادة القانون ووجود هيكلية فارغة تستدعي منا إعادة النظر في موقفنا
قال رياض المالكي مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدولية ومبعوثه الخاص، إن "قضية فلسطين اختبار مهم للمحكمة الجنائية الدولية"، مذكرا بمسؤوليات الدول الأطراف في المحكمة.
جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول على هامش مشاركة المالكي في الاجتماع الـ23 للدول الأطراف في المحكمة بمدينة لاهاي الهولندية بين يومي 2 و7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال دوليتين بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الإبادة المتواصلة بقطاع غزة منذ نحو 14 شهرا.
ولا تملك المحكمة عناصر شرطة لتنفيذ قرارها، لكن الدول الـ124 الأعضاء فيها أصبحت ملزمة قانونا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما إلى المحكمة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقيهما، على خلفية الإبادة المستمرة بغزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بدعم أمريكي.
** الدول الأعضاء
المالكي أكد في حديثه للأناضول ضرورة التزام الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بتعهداتها.
وإسرائيل والولايات المتحدة ليست من بين الدول الأعضاء في المحكمة.
وقال المالكي إن القضية الفلسطينية مسألة حاسمة واختبار مهم للنظام القضائي في المحكمة الجنائية الدولية.
وأسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة عن نحو 150 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
المالكي أعرب عن ارتياحه لإصدار المحكمة مذكرتي الاعتقال، مشددا على أن الجانب الفلسطيني يريد مواصلة التعاون معها.
وأشار المستشار الفلسطيني إلى أن بعض الدول الأعضاء في المحكمة مترددة في تنفيذ مذكرتي الاعتقال.
واعتبر أن "المحكمة إما أن تثبت أنها محكمة للجميع أو ستظهر أنها محكمة انتقائية لا تعاقب إلا دول الجنوب".
وقال إن بعض الدول الأعضاء في المحكمة تحاول اختلاق الأعذار لعدم تنفيذ مذكرتي الاعتقال.
وأضاف أنهم ذكّروا هذه الدول بواجبها نحو الالتزام بقرارات المحكمة.
وتابع: "على الدول الأطراف مسؤوليات يجب الالتزام بها. حديثنا هنا (في الاجتماع) كان بمثابة تذكير لجميع الأطراف بهذه المسؤوليات ودعوة للتحرك".
** تهديدات للمحكمة
ومشيرا إلى تحركات من إسرائيل وداعميها، ولا سيما الولايات المتحدة، قال المالكي: "رأينا تهديدات موجهة إلى المحكمة والقضاة وجميع مَن لهم دور في تنفيذ مذكرتي الاعتقال".
وأردف: "أوامر الاعتقال لم تصدر من فراغ. إنها نتيجة تحقيق شامل أجراه مكتب المدعي العام (كريم خان)، وهي قرار المحكمة".
وشدد على أن المحكمة تمر باختبار مهم بسبب التحقيق في القضية الفلسطينية.
وأوضح أنه "إذا لم تتحرك المحكمة ولم تحترم الدول الأطراف قرارات الاعتقال والتزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، فذلك لن يثبت فقط غياب سيادة القانون، بل سيؤكد أيضا وجود هيكلية فارغة تستدعي منا إعادة النظر في موقفنا".
وقال إنهم نظموا برنامجا خاصا بشأن تنفيذ مذكرتي الاعتقال، على هامش اجتماع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة.
واختتم المالكي حديثه بقوله: "أردنا أن نتواجد في الاجتماع بصفتنا عضوا في جمعية الدول الأطراف، ولتأكيد أهمية ما يجري في فلسطين ومواصلة العمل في هذا الصدد".
واعتُمد نظام روما الأساسي في العاصمة الإيطالية عام 1998، ودخل حيز التنفيذ في 2002.
ويُعد هذا النظام حجر الزاوية في إنشاء المحكمة الجنائية بصفتها أول هيئة قضائية دولية دائمة مختصة بمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ورغم مذكرتي الاعتقال، تواصل إسرائيل وبالدعم الأمريكي حرب الإبادة في غزة، متجاهلة أيضا قرار مجلس الأمن بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بالقطاع الفلسطيني.
وحوّلت إسرائيل قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره للعام الـ18، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.