ممثل حركة "حماس" في موريتانيا: - غالبية المواقف الإفريقية المتعلقة بغزة والمقاومة هي مواقف مشرفة وجديرة بالإشادة - جنوب إفريقيا صاحبة موقف تاريخي ظل مناصرا للحق الفلسطيني بلا كلل ولا ملل - من خلال زيارتنا إلى دول غرب إفريقيا أدركنا حجم تقصيرنا تجاه قارة هي ظهيرنا الاستراتيجي الخبير المختص في الشأن الإفريقي أحمد ولد الوديعة: - طوفان الأقصى أعاد للقضية الفلسطينية حضورها في إفريقيا بعد تراجعه خلال السنوات الماضية - دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية أكبر إسناد قانوني وسياسي للقضية الفلسطينية - مواقف بعض القادة الأفارقة خلال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة كانت الأقوى ضد الإبادة بغزة متحدث هيئة "الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني" الموريتانية: - مواقف بعض الدول الإفريقية تثبت أن طوفان الأقصى ليست معركة فلسطينية فقط، بل قضية إنسانية تهم شعوب العالم - الشعوب الإفريقية لم تتردد بالتعبير عن دعمها لفلسطين بمهرجانات ومسيرات وصولا إلى السعي لتحقيق العدالة
يرى باحثون ومختصون أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عام، ساهم بشكل كبير في استعادة زخم القضية الفلسطينية في إفريقيا، وسط اهتمام متزايد لحركة "حماس" بالقارة السمراء.
فعلى مدى عام كامل، شهدت العديد من بلدان القارة الإفريقية فعاليات شبه يومية للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتنوعت تلك الفعاليات بين مظاهرات ومسيرات وحملات تبرع، إضافة إلى المعركة القانونية التي تخوضها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وبدعم أمريكي، خلفت حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة بغزة منذ 7 أكتوبر 2023 أكثر من 139 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال "الإبادة الجماعية" وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.
"مواقف جديرة بالإشادة"
القيادي بحركة "حماس" وممثلها في موريتانيا محمد صبحي أبو صقر، يرى أن مواقف إفريقيا من القضية الفلسطينية وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة "جديرة بالإشادة".
ويلفت أبو صقر في تصريح للأناضول إلى أن "غالبية المواقف الإفريقية من غزة والمقاومة هي مواقف مشرفة"، وخصوصا "جنوب إفريقيا التي رفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية".
ويوضح أن جنوب إفريقيا "صاحبة موقف تاريخي ظل مناصرا للحق الفلسطيني بلا كلل ولا ملل".
ويضيف: "هناك في الحقيقة العديد من المواقف الإفريقية الجديرة بالإشادة، وعلى رأسها الموقف الموريتاني والجزائري والسنغالي والنيجيري والمالي والبوركينابي".
ويشير إلى أن "وجود مواقف دول قليلة ومعزولة شذت عن موقف التضامن الإفريقي، لا يلغي حقيقة أن الموقف الإفريقي كان وما يزال وسيبقى مع فلسطين".
ويوضح أن "إفريقيا التي عانت من الظلم والاضطهاد والعنصرية، هي خير من يحس بمعاناة شعبنا الواقع منذ 75 عاما تحت نفس الظروف، ويعاني منذ عام كامل من حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية بقيادة صهيو-أمريكية".
وفي 7 أكتوبر الجاري، أعلن رئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، اعتزام بلاده تقديم "أدلة جديدة" في القضية المرفوعة ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية.
وأكد أن المذكرة التي ستقدمها بلاده إلى "العدل الدولية" تحتوي على "أدلة مفصلة" تثبت ارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
ودعا رامافوزا إسرائيل لتنفيذ قرارات التدابير المؤقتة التي حكمت بها "العدل الدولية" في كلّ من يناير/ كانون الثاني، ومارس/ آذار ومايو/ أيار 2024، في القضية نفسها.
وفي 26 يناير 2024، أمرت المحكمة باتخاذ "تدابير مؤقتة" في القضية، وفي 28 مارس/ آذار الماضي، أصدرت المحكمة قرارا آخر ينص على "إضافة تدابير أخرى للإجراءات المؤقتة" التي طلبتها جنوب إفريقيا، قبل أن تصدر قرارا في 24 مايو يطالب إسرائيل بـ"وقف فوري" لهجومها العسكري الذي بدأته في 6 من الشهر نفسه على مدينة رفح، إلا أن إسرائيل لم تنفذ حتى الآن قرارات المحكمة.
وكانت جنوب إفريقيا تقدمت لـ "العدل الدولية" في 29 ديسمبر 2023، بطلب للتحقيق مع إسرائيل في انتهاك بعض مواد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية المعاقبة عليها.
تجاوب بغرب القارة
وأوضح أبو صقر أنه أجرى خلال الأسابيع الأخيرة الماضية جولة إلى بعض دول غرب إفريقيا شملت بوركينا فاسو والنيجر وغينيا كوناكري، التقى خلالها مع طيف واسع من القوى الفاعلة في تلك البلدان.
وأشار إلى أنه وجد خلال جولته في دول غرب إفريقيا "تجاوبا واسعا من مختلف الجهات الحكومية والسياسية والشعبية".
وتابع: "أوصلنا للكل رسالة واضحة خلاصتها أن حماس حركة تحرر وطني فلسطينية، وهي توأم حركات التحرر الوطني الإفريقية القديمة والمعاصرة".
وأضاف أبو صقر: "التقينا كل النخب ووجدنا استعدادا وتقبلا، وأجرينا لقاءات قدمت الرواية الفلسطينية للرأي العام الإفريقي".
وأردف: "من نتائج الزيارة أننا أدركنا حجم تقصيرنا تجاه قارة هي ظهيرنا ونصيرنا الاستراتيجي، وهي قارة المستقبل كما يدرك الجميع".
إسناد قانوني وسياسي
من جهته يرى الخبير المختص في الشأن الإفريقي أحمد ولد الوديعة، أن المتابع للشأن الإفريقي يلاحظ حجم التضامن الشعبي والرسمي مع الشعب الفلسطيني والمقاومة.
وأضاف في تصريح للأناضول: "طوفان الأقصى أعاد للقضية الفلسطينية حضورها في إفريقيا، بعد تراجعه خلال السنوات الماضية".
وتابع: "الدور الإفريقي بدى واضحا من خلال الدعوى التي رفعت ضد الكيان الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، والتي تعد أكبر إسناد قانوني وسياسي للقضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن "مواقف إدانة الإبادة في غزة الصادرة عن قادة أفارقة، كانت الأقوى خلال الانعقاد السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي".
ولفت ولد الوديعة إلى أن "الدول الإفريقية انحازت خلال تصويتات الجمعية العامة للأمم المتحدة للقرارات المتعلقة بحرب الإبادة في غزة، باستثناء حالة أو حالتين من دول صغيرة".
وخلال الفترة بين 24 و30 سبتمبر، أجريت المناقشة العامة للدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بمشاركة زعماء ورؤساء حكومات ووزراء خارجية الدول الأعضاء.
"إفريقيا عمق وسند لفلسطين"
ورأى ولد الوديعة أن الزيارات الأخيرة لقادة بحركة "حماس" إلى الغرب الإفريقي و"التجاوب الكبير" مع تلك الزيارات "يعكس معطيين جوهريين؛ أولهما اهتمام الحركة المتزايد بالقارة، والذي يعد مؤشرا لتقدير موقف سديد من حماس لطبيعة المعركة وحقيقة أن إفريقيا عمق وسند للقضية الفلسطينية".
وأضاف: "المعطى الثاني هو أن تلك البلدان التي تشهد تمردا متزايدا على التبعية (للغرب) وتطلعا متجددا للتحرر، ترفض تصنيف حماس والمقاومة الفلسطينية على أنها حركة إرهابية، بل ترى فيها حركة تحرر وطني فلسطيني تلتقي مع الطبيعة التحررية لشعوب القارة".
من جهته، قال متحدث هيئة "الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني" الموريتانية (غير حكومية) محمد سالم ولد عابدين، إن مواقف بعض الدول الإفريقية ومن بينها السنغال ومالي وجنوب إفريقيا "تعكس عمق الروابط التضامنية بين إفريقيا والقضية الفلسطينية".
واعتبر ولد عابدين في تصريح للأناضول، أن مواقف تلك البلدان "تثبت أن معركة طوفان الأقصى ليست معركة فلسطينية فقط، بل هي قضية إنسانية تهم شعوب العالم أجمع، بما فيها الشعوب الإفريقية".
وأوضح أن "الشعوب الإفريقية لم تتردد في التعبير عن دعمها عبر المهرجانات والمسيرات والوقفات، وصولا إلى السعي لتحقيق العدالة على المستوى الدولي".