- الصحفي تامر دلول: الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين للتغطية على جرائمه، ولتحويل الأنظار عن جريمة التهجير - الصحفي حسام شبات: ما يحدث شمال القطاع جريمة حرب يحاول الاحتلال تغييبها لأنه يدرك أنها انتهاك للقوانين
في غزة التي باتت المنطقة الأخطر عالميا على الصحفيين، كان الصحفي تامر دلول يستعد للخروج برسالة مباشرة من المستشفى الأهلي العربي "المعمداني"، لشرح آخر تطورات الحصار والإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين ببلدة جباليا ومخيمها منذ 6 أيام.
ما زال دلول وزملاؤه من الصحفيين الذين اختاروا البقاء شمال قطاع غزة يأخذون على عاتقهم مسؤولية نقل رسالتهم الإعلامية إلى العالم، رغم الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لمنتسبي السلطة الرابعة.
استهداف ممنهج
يقول دلول للأناضول: "منذ بداية اجتياح جباليا الأحد الماضي، يتعمد الاحتلال استهداف الصحفيين بشكل ممنهج للتغطية على جرائمه بحق الأهالي هناك، ولتحويل الأنظار عن جريمة التهجير التي يحاول فرضها على الصامدين".
ويضيف: "منذ اللحظة الأولى بدأ الصحفيون بنقل الأحداث، خاصة صمود الناس ورفضهم مغادرة منازلهم، وهو ما اعتبره الاحتلال تحديا لعمليته العسكرية، مما دفعه لاستهدافهم بالقتل والإصابة".
ويؤكد دلول على "ضرورة إبقاء صورة جباليا حاضرة في جميع وسائل الإعلام، وإبراز حالة الصمود الأسطورية التي أظهرها الأهالي برفضهم الانصياع لأوامر جيش الاحتلال والنزوح إلى جنوب القطاع".
ويطالب المجتمع الدولي والمؤسسات الصحفية بـ"التحرك الجاد بأسرع وقت، للحفاظ على ما تبقى من الصحفيين شمال قطاع غزة، وضمان استمرار رسالة جباليا والمناطق الأخرى".
والأربعاء، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، ارتفاع عدد القتلى الصحفيين الفلسطينيين إلى 176 منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد مقتل الصحفي محمد الطناني، مصور قناة "الأقصى".
وأدان المكتب "استهداف وقتل واغتيال الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين"، محملا إسرائيل كامل المسؤولية عن ارتكاب "هذه الجريمة".
وبدأ الجيش الإسرائيلي، الأحد، توغلا بريا شمال قطاع غزة، لاسيما مخيم جباليا؛ بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".
وارتكب الجيش منذ الأحد سلسلة جديدة من المجازر، وخاصة بمخيم جباليا، ضمن حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023.
وأنذر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بإخلاء مساكنهم في جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا والتوجه جنوبا، وسط تحذير وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة المواطنين من الاستجابة لذلك معتبرة إياه "خداعا وكذبا".
ومرارا أنذر الجيش فلسطينيين بإخلاء مساكنهم والتوجه عبر ممرات محددة إلى ما زعم أنها "مناطق آمنة"، لكن كثيرين منهم تعرضوا لقصف إسرائيلي في الطريق أو في تلك المناطق ما أودى بحياة الآلاف وأصاب آخرين.
تغييب صورة جباليا
من جهته، يقول الصحفي حسام شبات للأناضول: "يحاول الاحتلال منعنا من تغطية الأحداث بمخيم جباليا من خلال استهداف الصحفيين المتكرر شمال قطاع غزة للتغطية على جرائمه المرتكبة بحق المدنيين".
ويضيف أن ما يحدث بجباليا وشمال قطاع غزة "جريمة حرب مكتملة الأركان ويحاول الاحتلال تغييبها لأنه يدرك أنها تشكل انتهاكات للقوانين والمواثيق الدولية".
وبحسب شبات فإن "الصحفيين الفلسطينيين الذين صمدوا شمال قطاع غزة أخذوا على عاتقهم منذ اللحظة الأولى نقل الرسالة مهما بلغت ذروة الاستهدافات بحقهم، ومهما حاول الاحتلال طمس رسالتهم".
وفي شهادته، يضيف: "استهدف الاحتلال الصحفي حسن حمد بعد أقل من ساعة من رصده فيديوهات تقدم الآليات نحو مخيم جباليا حيث حول جسده إلى أشلاء، وبعدها بساعات أطلق النار على الصحفيين في الشوارع أثناء نقلهم للأحداث عدة مرات".
ويتابع: "بعد ذلك استهدف الاحتلال الصحفيين في قناة الأقصى الفضائية المحلية تامر لبد ومحمد الطناني، ما أسفر عن إصابة الأول واستشهاد الثاني على الفور، بينما كانوا يغطون محاولات الناس الفرار من جحيم الاحتلال بجباليا عبر شارع دوار أبو شرخ".
وبحسب شبات، "كانت آخر الاستهدافات بحق الصحفيين موجهة لمصور قناة الجزيرة فادي الوحيدي الذي أطلقت عليه مسيرة إسرائيلية النار بشكل مباشر، بينما كان يتجهز للخروج ببث مباشر من منطقة الصفطاوي وهي ليست ضمن المناطق التي حددها الاحتلال للإخلاء".
استمرار التغطية
ويقول شبات: "لا يمكن لأي محاولات أن توقف رسالة جباليا أو أي منطقة أخرى شمال أو جنوب غزة، لأن ما نقوم به اليوم هو دور ديني وأخلاقي قبل أن يكون مهني، خاصة في ظل الصمت والخذلان العالمي والعربي".
ويشير إلى أن "الصحفيين شمال قطاع غزة يواصلون التغطية، بالإضافة إلى استخدام لغات متعددة، بهدف إيصال الرسالة إلى أكبر عدد ممكن من المتابعين حول العالم".
وخلال عام من الإبادة، حذرت مؤسسات فلسطينية ودولية من استهداف الجيش الإسرائيلي للطواقم الصحفية بقطاع غزة، إلا أنه واصل استهدافهم رغم ارتدائهم سترات الصحافة والخوذ الإعلامية، متحديا بذلك التحذيرات الدولية.
وفي 5 سبتمبر/أيلول المنصرم دعا المفوض العامّ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فيليب لازاريني، الصحفيين ومؤسسات الإعلام الدولية لدعم زملائهم في غزة.
كما دعا لازاريني في منشور على منصة "إكس"، الصحفيين إلى "الضغط على إسرائيل، للسماح بدخول طواقم الصحافة إلى قطاع غزة، لتنقل المعاناة فيه بحُرية".
وأعرب المفوض العامّ للوكالة، عن إعجابه بالصحفيين الفلسطينيين وتقديره لهم، مبينا أنهم "يواصلون حمل الشعلة، رغم مقتل العديد منهم".
ويواجه صحفيو غزة، الموت البطيء كغيرهم من الفلسطينيين بالقطاع، حيث تعرضوا للنزوح والجوع ونقص الدواء والماء والطعام والمأوى، إضافة إلى انقطاع الإنترنت الذي يؤثر على قدرتهم على نقل صورهم وتقاريرهم.
وبدعم أمريكي، خلفت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة المتواصلة منذ عام، أكثر من 139 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.