- السلطة الفلسطينية: نستهدف الخارجين عن القانون - حركة حماس وقادة بكتيبة جنين: العملية تستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في المخيم - وزير الداخلية زياد هب الريح: القوى الأمنية مستمرة في حملتها التي تهدف إلى حفظ القانون وحماية أمن المواطنين - الخبير الفلسطيني أحمد أبو الهيجاء: العملية تهدف لتعزيز سيطرة السلطة أمنيا بالضفة تحسبا لتبعات ما بعد حرب غزة
تواصل الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ نحو أسبوعين عملية بمخيم جنين للاجئين تحت اسم "حماية وطن"، حيث تؤكد السلطة الفلسطينية أنها تستهدف "الخارجين عن القانون".
في المقابل، ترى حركة حماس وقادة في "كتيبة جنين" (تابعة لحركة الجهاد الإسلامي) أن العملية تستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في المخيم، ما أثار تباينا في المواقف وأدى إلى تصاعد التوتر في المنطقة.
وشهدت العملية الأمنية اشتباكات مسلحة بين الحين والآخر تخللتها انفجارات، وسط دعوات مجتمعية لإنهاء التوتر وتغليب لغة الحوار.
وأسفرت الأحداث عن مقتل فلسطينيين اثنين، أحدهما مواطن والآخر قيادي في "كتيبة جنين" يدعى يزيد جعايصة، فضلا عن اعتقال مواطنين آخرين.
تجدر الإشارة إلى أن مخيم جنين يعاني توترات منذ أربع سنوات نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تصاعدت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية للمخيم.
وطالما كان مخيم جنين بؤرة توتر، حيث شهد في أبريل/ نيسان 2002 عملية عسكرية إسرائيلية أسفرت عن مقتل 52 فلسطينيا فيما قتل 23 جنديا إسرائيليا، وسويت مبان في المخيم.
فتح وحماس
وفيما جددت اللجنة المركزية لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان، تأكيدها دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية والوقوف معهم في "المهمات الوطنية"، وصفت حركة حماس العملية بأنها "جريمة مكتملة الأركان ويجب حماية المقاومين".
وأكدت حركة فتح في بيانها ضرورة "تحلي الشعب الفلسطيني وفصائله ومؤسساته باليقظة لمواجهة المخاطر التي تهدد مستقبلنا جميعا، في ظل مساعي أعداء شعبنا لإثارة الفوضى وإبعاد أنظارنا عن مواجهة المخاطر التي تتربص بالقضية الفلسطينية".
وقالت حماس في بيان، إن "السلطة تصم آذانها عن كافة الأصوات الفلسطينية المطالبة بتوقف العملية وحماية المقاومة التي تمثل درعا حصينا لشعبنا وأرضه ومقدساته أمام جرائم الاحتلال والمستوطنين".
العملية مستمرة
بدوره، أكد وزير الداخلية الفلسطيني زياد هب الريح، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، أن "العملية الأمنية مستمرة لحفظ القانون وحماية أمن المواطنين وأمانهم، وفقا لتعليمات الرئيس محمود عباس".
وأضاف: "لن نتراجع عن تحقيق أهدافنا وسنلاحق كل من يحاول العبث بمقدرات شعبنا أو تقويض المشروع الوطني الفلسطيني، والجميع تحت القانون، بهدف تحقيق الأمن والاستقرار في محافظة جنين وضمان التنمية الشاملة وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال".
من جهته، قال أحد مقاتلي "كتيبة جنين" لمراسل لأناضول: "نحمل السلاح لمواجهة الاحتلال، ولسنا خارجين عن القانون"
وأضاف: "لسنا بصدد مواجهة أبناء شعبنا أو إطلاق النار عليهم".
وأكد المقاتل الذي تحدث مرتديا لثاما: "لن نقبل بتسليم السلاح، ولدنا والمخيم يقاتل الاحتلال، وحملنا سلاح الشهداء، وبنادقنا شريفة".
وشدد على أن "لغة الحوار هي السبيل الوحيد، لكن لن نقبل بتسليم السلاح، وذلك لقتال الاحتلال".
مبادرة "وفاق"
وفي محاولة لإنهاء التوتر، أطلقت هيئات وقوى وطنية مبادرة "وفاق"، دعت إلى وقف فوري للاشتباكات وسحب القوات الأمنية الفلسطينية من محيط المخيم، إلى جانب إطلاق حوار وطني شامل لوضع استراتيجية للخروج من الأزمة.
والمبادرة قدمتها "الهيئة المستقلة الفلسطينية لحقوق الإنسان" (غير حكومية) وحظيت بدعم واسع من قوى وفصائل ومنظمات مجتمعية، أبرزها الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، وحزب الشعب الفلسطيني، وحركة المبادرة الوطنية.
وشددت المبادرة على أهمية الالتزام بأحكام القانون الفلسطيني، ورفض أي اعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة، وكذلك على المؤسسات والأفراد.
كما دعت إلى محاسبة مرتكبي الجرائم بحق الأشخاص أو الممتلكات وتقديمهم لمحاكمات عادلة، مع نشر نتائج التحقيقات المتعلقة بحوادث إطلاق النار التي أدت إلى وقوع ضحايا، وتعويض العائلات المتضررة.
وأكدت المبادرة أن "مقاومة الاحتلال حق مشروع للشعب الفلسطيني، على أن تُمارس وفق القانون الدولي الإنساني".
اليوم التالي لحرب غزة
وفي رؤية تحليلية للمشهد، يرى الخبير الفلسطيني أحمد أبو الهيجاء أن "السلطة الفلسطينية تسعى من خلال هذه العملية لتعزيز وجودها الأمني في الضفة الغربية تحسبا لما قد تؤول إليه الأوضاع بعد انتهاء حرب الإبادة في غزة".
وأوضح أبو الهيجاء للأناضول: "يجري اليوم السعي لتحقيق سيطرة أمنية في ظل ظرف حساس، تتطلب فيها الحالة الفلسطينية غض الطرف أو تبني بؤر مقاومة مختلفة للتصدي للاستيطان".
وأضاف: "هناك اعتقاد لدى بعض أطراف السلطة الفلسطينية بأن إثبات الحضور الأمني القوي في الضفة الغربية قد يمنحها قبولا دوليا في المرحلة القادمة، خاصة بعد انتهاء حرب الإبادة على غزة".
وأشار إلى أن "السلطة تسعى لإظهار قدرتها على فرض الأمن والنظام في الضفة بالتزامن مع أي هدنة قادمة في غزة، لتثبت أنها قادرة على بسط سيطرتها إذا ما انتقلت الأمور إليها هناك".
وبحسب الخبير الفلسطيني، فإن "هدف السلطة إرسال رسائل للإدارة الأمريكية مفادها أنها جاهزة للحكم".
وعن احتمال امتداد العمليات الأمنية لمناطق أخرى، قال أبو الهيجاء: "إذا نجحت السلطة في جنين، فمن المتوقع أن تشهد مخيمات أخرى مثل نور شمس وطولكرم وحتى مخيم الفارعة عمليات مشابهة، وهو مستبعد".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلّفت أكثر من 152 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.