- رغم التقدم والتطور الذي تعيشه البلاد فإن التقاليد الشعبية حافظت على شخصيتها من دون تغيير وظلت مستمرة كما كان يفعل الأقدمون..
رغم اشتراك قطر مع غيرها من الدول الإسلامية في عدد من الطقوس الخاصة برمضان، لكنها تتميز بعادات وتقاليد خلال الشهر الكريم حافظ المجتمع عليها منذ القدم، ويحرص على إحيائها كل عام.
استقبال رمضان في قطر دائما ما يحظى بحفاوة خاصة، ورغم التقدم والتطور الذي تعيشه البلاد، فإن التقاليد الشعبية حافظت على شخصيتها من دون تغيير، وظلت مستمرة كما كان يفعل الأقدمون.
وحافظت العادات القطرية في رمضان، على تجهيز المساجد، وفتح المجالس، واستخدام مدفع الإفطار، والمشاركة في الموائد، وعمل أطعمة خاصة بالشهر الكريم، إضافة إلى عادات اجتماعية متنوعة.
وعادة ما يرتبط شهر رمضان المبارك في الدول العربية والإسلامية بعادات وتقاليد خاصة لا تحدث في أي شهر آخر، تختلف بين بلد وآخر، كما يحظى باهتمام خاص من بين المناسبات الدينية والاجتماعية.
** تجهيز المساجد
وقبل الإعلان عن رؤية هلال رمضان، يكون الشباب القطري قد أنهى تجهيز بيوت الله لاستقبال المصلين والصائمين، عبر تنظيفها وغسل سجادها، ثم تعطيرها بأطيب العطور.
وتشهد المساجد، التي تتزين بالأضواء طوال رمضان، فعاليات متنوعة طوال اليوم، كحلقات قراءة القرآن، والدروس الإيمانية بعد الصلوات، إضافة إلى اللقاءات الاجتماعية عقب صلاة التراويح وتبادل أطراف الحديث.
وتضم قطر أكثر من ألفي مسجد موزعة على مناطق البلاد وأحيائها، ومن أبرزها مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، ومسجد مشيرب، والمسجد الكبير، وجامع كتارا.
وإضافة للجهود الشعبية لتجهيز مساجد قطر في رمضان، تعمل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في البلاد، على توفير الراحة للمصلين، وإمداد المساجد بالأئمة والوعاظ، وتنظيم الفعاليات الثقافية، وإقامة موائد لإفطار الصائمين.
** مجالس عامرة
وطوال شهر رمضان، تفتح مجالس (أماكن استقبال الضيوف) العائلات القطرية أبوابها، لاستقبال الأقارب والضيوف وحتى العابرين، للاجتماع على بركة الإفطار، ومشاركة الطعام، والتواصل وصلة الأرحام.
وتكتسب المجالس أهمية خاصة في دول الخليج العربية، وفي القلب منها دولة قطر، لما تمثله من أهمية تاريخية واجتماعية كبيرة ودورها في تدعيم روابط المجتمع، خلاف ما تحمله من دلالات ثقافية وتراثية.
كما تستضيف المجالس الدعاة وأئمة المساجد الذين يقدمون الدروس الدينية، التي تُساهم في تثقيف الجميع بدينهم خلال الشهر الفضيل، إضافة إلى سرد القصص ذات الفائدة والسمر وتبادل أطراف الحديث.
وتهتم العائلات القطرية بالمجالس، لما يرونه فيها من فرصة لتعليم الأبناء والأجيال الجديدة فنون إكرام الضيف، والتعامل مع الآخرين، والاستماع للنقاشات الهادفة.
** مدفع الإفطار
وتشترك قطر مع دول إسلامية عديدة في استخدام المدفع لإعلام الصائمين بدخول وقت الإفطار، فعند غروب الشمس يمكن سماع صوت طلقاته من أغلب المناطق؛ للتأكد من إعلام الجميع بأن وقت المغرب قد حان.
وداخل الدوحة وحدها يوجد مدافع في عدد من المناطق، من بينها "سوق واقف"، وحي "كتارا"، وفي جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، وسوق الوكرة، كما تُبث على الهواء مباشرة على تلفزيون قطر.
وقبيل إطلاق مدفع رمضان، يتبادل القطريون الصحون المليئة بالمأكولات المختلفة، في واحدة من أهم العادات الشعبية خلال الشهر المبارك، التي تُظهر مدى الترابط بين أفراد المجتمع.
ومع إطلاق المدفع والأذان، يصلي أهل البيت المغرب، ثم يتحلقون حول مائدة الإفطار، التي تكون عامرة بالأطعمة التي أُعدت في المنزل، إلى جانب تلك التي أهدوها إليهم جيرانهم.
ويعد تبادل الصحون عادة خليجية قديمة، تُعرف بأسماء مختلفة حسب كل دولة، لكن فحواها يدور حول إهداء جزء مما يأكله أهل المنزل إلى جيرانهم، تعبيرا عن المحبة والمشاركة.
** عادات تاريخية
بعد صلاة التراويح، وتحديدا عند منتصف الليل، يتجمع أهالي الحي أو المنطقة على وليمة كبيرة تسمى "الغبفة"، في تجمعات خاصة بالشباب، وثانية خاصة بالرجال، وأخرى للنساء.
والغبقة ليست للغرباء وأبناء السبيل البعيدين عن مناطقهم بل للجميع، ومع تغيّر الزمان أصبحت تأخذ أشكالا جديدة، فأصبحت تُقام في مجالس الرجال للأصدقاء والمعارف، أو في الفنادق والمطاعم.
وتدعو كثير من الشركات والمؤسسات القطرية العاملين فيها إلى إفطارات عامة مجمعة؛ بهدف تعزيز التقارب بين الموظفين والعاملين والقيادات، وزيادة التعارف والألفة فيما بينهم.
** وجبات تاريخية
ولا تخلو "الغبقة" خاصة والمائدة القطرية عامة من الطعام التقليدي، إذ تحرص الأسر والمؤسسات القطرية في شهر رمضان على إعداد وتناول الوجبات التراثية المعروفة بنكهتها المميزة.
ورغم النكهة المميزة، تتميز المأكولات الشعبية في قطر ببساطتها، سواء في مكوناتها، أو الأدوات المستخدمة في مراحل طهيها، أو طريقة تقديمها، ما يدل على مهارة ربات البيوت.
ويتنافس بشكل أساس طبقا "الثريد" و"الهريس" على موائد إفطار القطريين، وهما طبقان رئيسان لا بد من توافر أحدهما أو كليهما على موائد الإفطار اليومية في رمضان.
هذان الطبقان من أشهر وأفضل الأكلات الشعبية التي ما زالت حتى الآن تحظى بإقبال وقبول كبير لدى غالبية القطريين، كما يعدان عاملا مشتركا بين أغلب الموائد القطرية، على اختلاف أذواق أصحابها ومكانتهم الاجتماعية.
إضافة إلى ذلك، فطبق "المجبوس" القطري من أشهى الأطباق التي تعد من الدجاج والأرز البسمتي والبهارات، كما أن طبق "المضروبة" من أشهر الأكلات الشعبية داخل قطر، وهو طبق فاخر وشهي.
أما "المشخول" فهو طبق يجرى تحضيره مع الدجاج أو اللحم، ناهيك عن "الجريش" الذي يجرى تحضيره عن طريق استخدام القمح المجروش، ويُضاف معه اللحم أو الدجاج.
وتشمل أيضا مائدة القطريين في رمضان "المرقوقة" التي يضاف إليها العجين، إضافة إلى كثير من المأكولات والحلويات، مثل: "العصيدة، والبلاليط، والبثيثة، والخنفروش".
** القرنقعوه
وفي ليلة النصف من رمضان، تُحضر العائلات القطرية الحلويات والمكسرات، وتتجهز لاستقبال الأطفال الذين يجوبون الشوارع ويطرقون الأبواب ويغنون الأغاني التقليدية التراثية.
وتعد "القرنعوه" من الليالي المميزة في رمضان، وهي فرحة كبيرة ينتظرها الكبار والصغار؛ لا سيما أن هذا الاحتفال يعد تشجيعا للأطفال على صيامهم خلال الشهر.
وتشبه ليلة "القرنقعوه" يوم العيد بالنسبة للأطفال، إذ يرتدون الملابس القطرية التقليدية، فيرتدي الذكور الثياب البيضاء الجديدة و"القحفية" و"الصديري" المطرز، وجميعها ملابس من التراث الشعبي.
أما الفتيات فتلبسن فوق ملابسهن العادية "الثوب الزري"، الملون بألوان زاهية والمطرز بالخيوط الذهبية، ويُغطين رؤوسهن بـ"البخنق"، وهو قماش لونه أسود ومزين بخيوط ذهبية من أطرافه، كما يضعن الحلي التقليدية.