كشفت صحيفة "الغارديان" عن مظاهر الخلاف التي تتسع بين الملك سلمان ونجله ولي العهد.
وفي تقرير أعدته ستيفاني كيرتشغسنر ونيك هوبكنز، جاء فيه إن "الغارديان" علمت بوجود نوع من الشق بين الملك وابنه، وإنهما اختلفا في الأسابيع القليلة الماضية حول عدة أمور تتعلق بالسياسة الخارجية، بما فيها الحرب في اليمن.
وقالت الصحيفة إن الخلاف يتفاقم منذ اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول العام الماضي. وهي الجريمة التي قالت المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" إن الأمير محمد هو الذي أمر بها.
ولكن التوتر زاد بشكل دراماتيكي في نهاية شباط/فبراير عندما زار الملك البالغ من العمر 83 عاما مصر، وحذّره مستشاروه من عملية انقلاب محتملة ضده؛ حسب مصدر نقلت عنه الصحيفة.
وقالت إن الحاشية خشيت من تهديد محتمل على سلطة الملك لدرجة أنه جرى تغيير الفريق الأمني وجلب 30 عنصرا من الموالين له في وزارة الداخلية، وتم نقلهم إلى مصر واستبدلوا بالفريق الذي رافقه.
وجاء التحرك بناء على عملية نشر سريع، وعكس القلق من وجود عناصر أمن موالية لولي العهد حسب المصدر. وقرر مستشارو الملك التخلص من الأمن المصري الذي كان يحرس الملك، حسبما أضاف المصدر.
وظهر التوتر بين الملك وابنه عندما لم يكن الأمير بين المستقبلين للملك عند عودته من مصر. وبحسب البيان الصحافي الذي ذكر أسماء المستقبلين للملك في مطار الرياض، لم يكن الأمير محمد بينهم، ما أضاف للتكهنات بوجود نوع من التجاهل للأمير.
وتم تعيين ولي العهد كنائب للملك خلال فترة غياب الملك كما هو المعتاد. ووقع على قرارين عندما كان الملك في الخارج. وتم تعيين أول سفيرة للسعودية في أمريكا، الأميرة ريم البندر بنت سلطان وتعيين شقيقه الأمير خالد نائبا لوزير الدفاع.
وأدى التعيين الأخير إلى "مركزة" السلطة في يد فرع واحد من العائلة. ورغم الحديث عن التعيينات وتوقعها لفترة، إلا أن الإعلان عنها تم بدون معرفة الملك الذي غضب بسبب ما رآها خطوة متعجلة وتعيين الأمير خالد في موقع بارز.
وعادة ما يتم الإعلان عن المراسم الملكية باسم الملك، إلا أن المرسومين في 23 شباط/فبراير وقع عليهما "نائب الملك". وقال خبير إن لقب نائب الملك لم يستخدم بهذه الطريقة منذ عقود.
وقالت الصحيفة إن الملك علم عن التغييرات من خلال التلفزيون. مضيفة أن الملك كان يحاول إصلاح الضرر الذي نتج عن مقتل خاشقجي في مدينة اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر. وتضيف أن داعمي الملك يدفعون باتجاه انخراط أوسع في عملية اتخاذ القرارات لمنع ولي العهد من الحصول على سلطة أوسع.
وطلبت "الغارديان" من السلطات السعودية التعليق على الأخبار الأسبوع الماضي، إلا أن متحدثا باسم السفارة السعودية في واشنطن قال: "من العادة أن يصدر الملك أمرا ملكيا يفوّض فيه سلطة إدارة شؤون الدولة لنائبه، ولي العهد، عندما يسافر إلى الخارج. وهذا هو الحال في الزيارة الأخيرة للملك إلى مصر". وأضاف المتحدث أن القرارات اتخذها الأمير محمد بصفته نائبا للملك ونيابة عنه و"أي تلميح غير هذا لا أساس له".
ولم يرد المتحدث باسم السفارة عن سؤال تغيير حرس الملك وهو في مصر. ولم يعلق على إبعاد الأمن المصري عن حراسة الملك سلمان، والذي يقال إنه قرار يعكس العلاقة المضطربة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي. ولم تتلق الصحيفة تعليقات من وزارة الخارجية المصرية ولا مركز الاتصالات الدولية السعودي رغم طلب التعليق منهما.
ونُصح الملك بعدم مناقشة ما جرى مع أي من القادة الذين حضروا القمة التي عقدت في شرم الشيخ ولا مع ابنه لحين عودته.
وتقول الصحيفة إن الأمير محمد أغضب الناس الشهر الماضي عندما داس على سطح الكعبة، ما أدى لشكاوى إلى الملك من قبل بعض القادة الدينيين الذين وصفوا الخطوة بغير المناسبة؛ حسب شخص مطلع.
وحصل خلاف بين الملك وابنه بشأن السياسة الخارجية بما فيها عملية التعامل مع سجناء الحرب في اليمن، والرد السعودي على الاحتجاجات في السودان والجزائر. ولم يتفق الملك مع نهج ابنه الداعي لقمع المتظاهرين. ومع أن الملك ليس مُصلحا إلا أنه دعم التغطية الحرة للاحتجاجات الجزائرية في الصحافة السعودية.
وقال بروس رايدل، المحلل السابق في "سي آي إيه" والزميل في معهد بروكينغز: "هناك أمر غير عادي في القصر الملكي" وأضاف: "من المتوقع أن يستقبل ولي العهد الملك عند عودته من رحلة أجنبية وهي إشارة عن الاستمرارية للحكومة. وستراقب العائلة المالكة عن قرب ماذا يعني ذلك؟".
وقال محلل آخر إن هناك إمكانية لسوء تفسير ما حدث. ويقول نيل قويليام، الزميل في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ"تشاتام هاوس – لندن"، إنه حتى لو قرر ولي العهد اتخاذ قرارات في غياب الملك فهي بناء على السياسة المتفق عليها لإحداث تغييرات في السفارة بواشنطن و"ربما أشارت لرغبة ابن سلمان في الضغط باتجاه التغيير واستعدادا لتأكيد سلطته". وأضاف: "لقد شاهدنا اختلافا بينهما خاصة فيما يتعلق بموضوع القدس، وليس من المحتمل أن يدفع "م ب س" بقوة ضد والده، خاصة أنه يعتمد في دعمه عليه وكمرجعية للشرعية". وقال إن عدم حضوره للمطار ربما كان خرقا للبروتوكول، إلا أن ذلك متعلق بأسباب أخرى.