- رواد فضاء: يبدأ يومنا في 6 صباحا وينتهي بدخول كيس النوم 10 مساء يتخلله تناول الطعام وممارسة الرياضة ورؤية مشاهد من نافذة القمرة وتنفيذ المهام - مدير وحدة تدريب رواد الفضاء في المركز الأوروبي روديجر سين: احتمالية أن يصبح الشخص رائد فضاء منخفضة للغاية - مدير اختيار رواد الفضاء بوكالة ناسا أبريل جوردان: المتقدمون قد يحتاجون لتجربة حظّهم أكثر من مرة ومن المهم البحث عن وظيفة أخرى لتوفير النفقات اليومية
يصف الكثير من رواد الفضاء حياتهم المهنية بـ"الحرية"، حيث توفر لهم تجربتهم الاستثنائية فرصة فريدة لرؤية مشاهد يقولون إنها "رائعة وتشعرهم بأنهم نقطة صغيرة جدا في هذا الكون الفسيح".
وخلال هذه التجربة، يعيش رواد الفضاء ضمن مساحة صغيرة على متن المركبة الفضائية أو محطة الفضاء الدولية، لذا تبقى حياتهم داخل هذه الكبسولة مثيرة للاهتمام.
وكالة الأناضول أعدت سلسة تقارير خاصة، تنشر اليوم الجزء الرابع والأخير منها، حيث يتناول التقرير معلومات حول البيئة القاسية التي يتعرض لها الرواد أثناء تواجدهم في الفضاء، ونصائحهم للأشخاص الراغبين بخوض هذه المهنة.
وفي الوقت الذي يستمتع فيه رواد الفضاء بمشاهد استثنائية لا يستطيع البعض حتى تخيلها، يكتسبون أيضا تجارب مهمة ويعيشون ظروفا لا يستطيع معظم الناس تحملها.
يوم في الفضاء
كثير من الناس لديهم فكرة ما عن ريادة الفضاء، لكن تبقى معرفتهم في هذا الإطار محدودة، حيث يعد كيفية قضاء رواد الفضاء "أوقات فراغهم في المركبة أو في المحطة الدولية أو في الفضاء الخارجي"، من أكثر المواضيع المثيرة للفضول.
وفي حديثها لمراسل الأناضول، أوضحت رائدة الفضاء اليابانية يامازاكي ناوكو، أن "يومها كان يبدأ الساعة 6 صباحا حسب توقيت غرينتش، أثناء وجودها في محطة الفضاء الدولية، حيث كانت وكالة ناسا ترسل لرواد الفضاء موسيقى الاستيقاظ كل صباح".
وأضافت: "قوائم الموسيقى يتم إعدادها بشكل عام لجعل الرحلات الطويلة ممتعة، وهي ترافق رواد الفضاء في مغامراتهم الفضائية وتساعدهم في جعل أوقاتهم أفضل".
وتشير ناوكو إلى أن "موسيقى الاستيقاظ" تعد تقليدا قديما في وكالة ناسا الأمريكية.
وبحسب قسم أرشيف المعلومات في ناسا، فقد تم عزف أول موسيقى للاستيقاظ خلال إحدى المهام الفضائية في عام 1965، وكانت أغنية "Hello Dolly".
وأوضحت ناوكو أنه بحسب "التسلسل الزمني لموسيقى الاستيقاظ" الذي أعده القسم المختص عام 2015، فإن استخدام الموسيقى في المهمات الفضائية لإيقاظ رواد الفضاء يعود في الأصل إلى برنامج "أبولو" الذي بدأ عام 1961.
وذكرت أن رواد الفضاء كانوا "يتناولون وجبات الإفطار، ليباشروا بعدها عقد الاجتماعات مع مركز مراقبة المهام على الأرض وتفقد برنامج المهام اليومي، ومن ثم ينطلق كل رائد منهم ضمن الفريق للقيام بمهامه".
وعن قضاء ساعات المساء، قالت الرائدة اليابانية إن الرواد ينهون أعمالهم الساعة 6 مساء، ومن ثم يتناولون طعام العشاء معا ضمن المحطة الفضائية، ثم يتجهون لممارسة التمارين الرياضة لمدة ساعتين يوميا، قبل الدخول إلى كيس النوم في الساعة 10 مساء.
بدوره، قال رائد الفضاء في ناسا إدوارد مايكل فينكي، الذي قضى ما مجموعه 381 يوما و15 ساعة و11 دقيقة في الفضاء: "كنا ننام ونستيقظ ونقف في محيط تنعدم فيه الجاذبية، وكنت أقول لنفسي أنا في الفضاء".
وأضاف: "كنا نعمل ضمن مساحة ضيقة لا تتعدى المترين، وكنت أتبادل أطراف الحديث وأتناول الطعام وأشرب القهوة مع أصدقائي".
وأوضح أنه وزملائه كانوا "يطيرون داخل القمرة بسبب انعدام الجاذبية".
وحينما كان ينظر من نافذة القمرة، وفق قوله، كان يرى "كوكبنا الجميل الأرض متلألئ تحت أشعة الشمس"، وفق قوله.
الطعام في الفضاء
يعتبر استمرار الرواد بالعيش في الفضاء ضمن موارد محدودة من حيث الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والشراب، من المواضيع المثيرة للاهتمام.
ووفق الرواد، فقد طورت البشرية مع تسارع مغامراتها الفضائية منذ نصف قرن نظاما من الاحتياجات الغذائية الأساسية لرواد الفضاء، حيث تكون معظم الأطعمة المستخدمة "معلبة ومعبأة خصيصا وفقا لنظامهم الغذائي".
رائدة الفضاء اليابانية ناوكو، قالت إن "الطعام الفضائي أصبح مع مرور الزمن لذيذا أكثر فأكثر، وهناك بالفعل أكثر من 300 وجبة يجري تحضيرها لرواد الفضاء".
وأضافت: "وجبات الطعام المخصصة لرواد الفضاء تراعي الوجبات والأغذية التي يحبونها، وفي مقدمتها المعكرونة والأرز والتوابل".
فيما قال رائد الفضاء في وكالة ناسا فينكي، إن "طعامه لم يكن طازجا ولذيذا كما هو الحال على الأرض، لكنه كان مغذيا وملائما لنظامه الغذائي على الأرض".
إعادة تدوير المياه
وفي محطة الفضاء الدولية، يتم إعادة تدوير حوالي 93 بالمئة من المياه الموجودة في المحطة واستخدامها.
وبهذا الصدد يقول فينكي: "نظام تكييف الهواء الذي نستخدمه في المحطة الدولية يزيل الرطوبة من الهواء، كما يوجد ماء المراحيض والبول الذي يخرج من رواد الفضاء".
وأكمل: "تعمل الأجهزة الموجودة بالمحطة الفضائية على إعادة تدوير المياه وجعلها نقية، حيث يتم توفير معظم المياه بهذه الطريقة، لأن جلب كل لتر من الماء إلى الفضاء يكلف حوالي 5 آلاف دولار".
وزاد: "الماء مكلف للغاية، نعمل على إعادة التدوير وفق استطاعتنا، إنها أيضا تقنية جيدة للأماكن التي تعاني من نقص المياه على الأرض".
نسخة مصغرة عن الأرض
خلال مهامها الفضائية، كانت ناوكو تتعاون مع طاقم مكون من "رواد فضاء يابانيين وأمريكيين وروس".
وقالت عن ذلك: "هذا الوضع يجعلني أشعر بأن محطة الفضاء الدولية نسخة مصغرة عن الأرض، يعمل فيها رواد من ثقافات ولغات مختلفة، ما يؤكد أهمية التعاون الدولي في الأبحاث والمشاريع العلمية".
من جهته، أشار فينكي إلى أن العمل ضمن المحطة الدولية يعلم "رواد الفضاء كيفية التحلي بالصبر مع أصدقائهم".
وتابع: "أحب أن أكون مبتهجا ومفيدا، لكن في بعض الأيام قد أكون غاضبا بعض الشيء أو بحاجة للنوم، أو أستيقظ منزعجا، فالعمل ضمن المحطة الدولية يعلم رواد الفضاء التحلي بالصبر تجاه الأصدقاء وزملاء العمل".
احتمالات أن تصبح رائد فضاء
مدير وحدة تدريب رواد الفضاء بالمركز الأوروبي روديجر سين، قال إن "احتمالية أن يصبح الشخص الراغب بخوض غمار هذه المهنة رائد فضاء منخفضة للغاية".
وتابع: "على الرغم من أن المرشحين قد يكون لديهم المهارات اللازمة، إلا أن الحظ قد لا يحالفهم بالضرورة لأن يكونوا رواد فضاء".
ونصح سين أولئك الذين يريدون أن يصبحوا رواد فضاء، بعدم جعل "هذه المهنة هدفهم الوحيد، ووضع خطة بديلة".
وبين أنهم "اختاروا 5 أشخاص فقط من بين 22 ألف مرشح، وأن عدد الأشخاص ذوي الكفاءة بين المرشحين بلغ نحو 100 شخص على الأقل، وكان أي من أولئك المرشحين قادر على أن يكون رائد فضاء محترف".
بدوره، قال مدير اختيار رواد الفضاء بوكالة ناسا أبريل جوردان، "على رواد الفضاء الطموحين السعي وراء هدفهم، بغض النظر عن مدى المنافسة في هذا المجال".
وفي إشارة إلى أن العملية صعبة عند مقارنة عدد المتقدمين وعدد الأشخاص الذين سوف يقع عليهم الاختيار، قال جوردان إن "الطريقة الوحيدة هي التقديم والسعي بكل جدية وراء الهدف".
كما لفت إلى أن المتقدمين قد "يحتاجون إلى تجربة حظّهم أكثر من مرة، وكذلك السعي لاستيفاء الشروط اللازمة، ولكن من المهم أيضا وضع خطة بديلة والبحث عن وظيفة أخرى لتوفير النفقات اليومية".