السيناريو الذي ينتظر تنظيم بي كي كي الإرهابي في سوريا

09:5622/10/2024, الثلاثاء
تحديث: 28/10/2024, الإثنين
يحيى بستان

في المقال السابق الذي نشرته بعنوان "هل سيتخلى تنظيم بي كي كي الإرهابي عن السلاح؟"، أشرت إلى أن القوات المسلحة التركية تشدد قبضتها في العراق، وأن المرحلة التالية ستشمل سوريا. وحددت عدة عوامل مؤثرة على توقيت هذا الانتقال، مثل نتائج الانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر، والمحادثات بين أنقرة وواشنطن، ومصير الحوار بين أنقرة ودمشق. في هذا المقال، سأتناول السيناريو المتوقع لفرع تنظيم بي كي كي في سوريا، أي تنظيم واي بي جي الإرهابي. سيكون هذا التصور مبنياً على وقائع محددة، ولكن قبل أن أخوض في التفاصيل، من الضروري

في المقال السابق الذي نشرته بعنوان "هل سيتخلى تنظيم بي كي كي الإرهابي عن السلاح؟"، أشرت إلى أن القوات المسلحة التركية تشدد قبضتها في العراق، وأن المرحلة التالية ستشمل سوريا. وحددت عدة عوامل مؤثرة على توقيت هذا الانتقال، مثل نتائج الانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر، والمحادثات بين أنقرة وواشنطن، ومصير الحوار بين أنقرة ودمشق.

في هذا المقال، سأتناول السيناريو المتوقع لفرع تنظيم بي كي كي في سوريا، أي تنظيم واي بي جي الإرهابي. سيكون هذا التصور مبنياً على وقائع محددة، ولكن قبل أن أخوض في التفاصيل، من الضروري استعراض الأحداث المهمة التي شهدتها الأيام الماضية.



أولاً، أثيرت تكهنات حول بدء عملية جديدة بعد أن قام زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، بزيارة لمقاعد حزب Dem في البرلمان ومصافحة أعضائه، إلا أننا أوضحنا أن "الدولة لا تطلب من أحد أن يسلم سلاحه". لاحقاً، جاء الرئيس أردوغان وزعيم حزب الحركة القومية ليضعا الأمور في نصابها، مؤكدين أن الموضوع ليس له علاقة بعملية سلام، بل هو جزء من تعزيز الأمن الداخلي في ظل التطورات الإقليمية.


تحركات للتواصل مع برزاني

ثانياً، يتابع التنظيم بقلق نقاشات انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، حيث يبدو أن السياسة الأمريكية ستبقى ثابتة بغض النظر عن نتائج الانتخابات. ففي حال فوز ترامب، قد تتسارع وتيرة الانسحاب، أما إذا فازت هاريس، فقد تتاطئ العملية. وفي نهاية المطاف، سيجد التنظيم نفسه دون راعٍ في سوريا، مما دفعه للبحث عن بدائل، عبر التواصل مع طهران، وفتح قنوات اتصال مع دمشق وموسكو. وكان آخر هذه المحاولات هو التواصل مع برزاني، حيث ذكر الإرهابي عبدي شاهين زعيم واي بي جي الإرهابي أن "بافل طالباني حاول ترتيب لقاء مع برزاني، لكن الأخير رفض". ويبدو أن الولايات المتحدة قد أرسلت إشارة للتنظيم بضرورة التواصل مع تركيا أيضاً.


التركيز على سوريا

ثالثاً، قلنا إن جميع حسابات التنظيم ترتكز على سوريا، وقد جاء التأكيد من حزب Dem، حيث التقى الرئيسان المشاركان، تونجر بكرهان وتولاي حاتيموغلاري، بالصحفيين وصرحوا قائلين: "يجب أن يكون هناك سلام، لكن يجب أن يستند إلى واقع عملي. النقطة المحورية هي شمال شرق سوريا؛ حيث يتحقق السلام هناك، تغيب البنادق والمدافع".

بل تمادى البعض أكثر من ذلك، فالأشخاص الذين نشروا في السابق معلومات خاطئة بأن "أوجلان تواصل مع قنديل"، قالوا هذه المرة إن زيارة نيجيرفان برزاني لتركيا جاءت لنقل رسالة من تنظيم واي بي جي الإرهابي إلى أنقرة، وهذه أيضاً معلومة خاطئة تماماً. فقد نفى الإرهابي عبدي شاهين زعيم واي بي جي الإرهابي هذا الادعاء، مؤكداً أن "برزاني رفض الاجتماع معهم. وأوضح أن زيارة برزاني لتركيا كانت بشأن الانتخابات البرلمانية في شمال العراق، ومكافحة الإرهاب، ومحاولة نقل القوات الأمريكية إلى شمال العراق.


بالمناسبة، خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في شمال العراق نهاية الأسبوع، قام مرشحو حزب طالباني بحملة ضد تركيا. بل إن الإرهابي عبدي شاهين زعيم واي بي جي الإرهابي قال: "لو أتيحت لي فرصة التصويت، لأعطيت صوتي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب طالباني)". لكنهم تعرضوا لهزيمة في الانتخابات.


الحسابات الصغيرة لدى سوريا

رابعا. أحد المعايير الثلاثة التي ذكرتها في بداية المقال قد يخرج من القائمة. فقد يتوقف الحوار مع دمشق عن كونه معياراً أساسياً، على الرغم من أن التطورات تمس وحدة الأراضي السورية بشكل مباشر. ومع ذلك، يتصرف النظام في دمشق بلا مبالاة، رغم التغيرات الكبيرة في الوضع الإقليمي. فعادت الولايات المتحدة إلى موقف الدعم الكامل لإسرائيل، وتقوم بترتيبات دفاعية بمنظومات صواريخ باليستية استعداداً لهجوم محتمل على إيران.

في الوقت نفسه، يشكل التوسع الإسرائيلي تهديداً لسوريا، حيث تسعى إسرائيل إلى إقامة منطقة عازلة في هذه الدولة. كنت قد كتبت قبل ثمانية أشهر بالضبط من أحداث 7 أكتوبر، في مقال بعنوان "الهزات الجيوسياسية" (فبراير 2023)، بأن "هناك أحاديث عن أن إسرائيل تحاول إنشاء منطقة عازلة في جنوب سوريا". في ذلك الوقت، كانت جميع التطورات تشير إلى هذا الاحتمال. واستغلت إسرائيل أحداث 7 أكتوبر لدفع خططها إلى الأمام.


لكن هل لا يرى الأسد ذلك؟ بالطبع يراه، بل إنه قد أرسل رسائل إلى إيران وحزب الله يطلب فيها "عدم استخدام الأراضي السورية لمزيد من الهجمات على إسرائيل". إذا كان يرى هذا الخطر، ألا ينبغي له أيضاً التحدث مع تركيا؟ هنا تتدخل الحسابات الصغيرة. فقد أدلى الرئيس أردوغان مؤخراً بتصريح مهم جداً، قائلاً: "بينما تتولى قوى التحالف (الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا) دور رعاية تنظيم بي كي كي الإرهابي، يجب أن تتخذ روسيا وإيران وسوريا تدابير أكثر فعالية تجاه هذا التنظيم". واستخدم عبارة "يجب تنحية الحسابات الصغيرة جانباً". فهذه الحسابات الصغيرة لا تؤدي إلى تأجيل الخطر، بل تزيده.


خامساً، من المحتمل أن تتخذ تركيا خطوة أحادية الجانب في سوريا، رغم معارضة الولايات المتحدة، التي ترغب في بقاء كيان يرتبط بدمشق ولا يهدد تركيا. لكن هذا الوضع غير مقبول لدى أنقرة، التي تسعى إلى سيناريو يتضمن ثلاثة عناصر رئيسية: انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا، واستكمال مكافحة داعش عبر "شركاء شرعيين"، وتسليم التنظيم أسلحته، وإخراج العناصر التي قدمت من قنديل إلى سوريا. والسؤال الذي يطرح هنا: إلى أين ستنقلهم الولايات المتحدة؟ هذا شأن يعود إلى واشنطن.


وفاة الإرهابي غولن الفعلية بدأـ منذ 15 يوليو/تموز

سادسا توفي الإرهابي غولن في الولايات المتحدة على الرغم من أنه كان "قد مات فعليا" منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز. انهيار "نبوءة المهدي" كان بمثابة الموت لشخص مختل عقليًا مثل غولن. مع ذلك، رغم انهيار وتفكك التنظيم الإرهابي إلا أن وجود غولن الإرهابي كان يحافظ على تماسك قاعدة التنظيم بخيط رفيع. واليوم ستؤدي وفاة غولن إلى تصاعد الصراع الداخلي الذي بدأ في المنظمة الإرهابية منذ بضع سنوات. هذه القضية تتطلب تحليلاً أعمق. أما الآن، فنكتفي بالقول إن "محاسبة جرائمه القذرة وخيانته ومؤامراته والدماء التي سفكها ستبقى مؤجلة إلى يوم الحساب"، ونختم بقول: "نسأل الله أن يجازيه بما يستحق".

#بي كي كي الإرهابي
#غولن الإرهابي
#تركيا
#انسحاب امريكا من سوريا
#واي بي جي الإرهابي