ـ وزير الثقافة المغربي المهدي بنسعيد دعا منتصف يناير الجاري إلى تشكيل "تكتل عربي موحد" للتفاوض مع الشركات الرقمية الكبرى للدفاع عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية الباحث التقني المغربي حسن خرجوج، للأناضول: - المبادرة تكتنفها عدة صعوبات أبرزها نقص الفرص الرقمية الكبيرة عربيا - نجاح المبادرة يتطلب إنشاء لوبي تقني وتطوير البنية الرقمية وتأهيل الموارد البشرية - إذا بدأت الدول العربية الاستثمار في الموارد البشرية حاليا قد يتطلب نجاح المبادرة عقد أو اثنين
للدفاع عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، دعا وزير الثقافة المغربي المهدي بنسعيد، منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري، إلى تشكيل "تكتل عربي موحد" للتفاوض مع كبرى الشركات الرقمية.
هذه المبادرة تم الكشف عنها خلال الدورة الـ24 لمؤتمر وزراء الشؤون الثقافية بالوطن العربي في الرباط، بالتزامن مع استمرار منصات التواصل الاجتماعي في حذف وتقييد المحتوى الرقمي المرتبط بفلسطين.
وتصاعد الجدل والانتقادات لسياسات معظم منصات التواصل الاجتماعي على خلفية حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل بدعم أمريكي على غزة.
وجاءت الدعوة المغربية في ظل صراع بين بعض الدول والشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي، ومنها حظر الولايات المتحدة منصة "تيك توك" المملوكة لشركة "بايت دانس" الصينية.
وبزعم تهديده الأمن القومي، مرر الكونغرس في أبريل/ نيسان 2024 قانونا ينص على حظر تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة الذي يستخدمه 170 مليون أمريكي، إلا إذا باعت الشركة المنصة لـ"طرف محايد" بحلول 19 يناير الجاري.
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر، في أول يوم لتوليه منصبه في 20 يناير الجاري، تأجيل تطبق القرار لمدة أقصاها 75 يوما.
** تكتل رقمي عربي
وفي المؤتمر الوزاري العربي بالرباط، اقترح الوزير المغربي تشكيل "تكتل عربي موحد" للتفاوض مع الشركات الرقمية الكبرى في مجال التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن هذا المقترح يهدف إلى "إبراز المحتوى الرقمي العربي، ومحاربة الأخبار الزائفة ومختلف أشكال التطرف والانفصال".
كما يهدف إلى "إبراز التنوع الثقافي العربي، وتعزيز المحتوى بما يخدم القضايا العربية المشتركة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية"، وفق بنسعيد.
ولفت الوزير بنسعيد إلى أن مقترحه يأتي بينما "يواجه الوطن العربي تحديات تكنولوجية ورقمية، خصوصا مع تطور استعمال الذكاء الاصطناعي، والمنصات الرقمية العالمية، ما يطرح تحديات مرتبطة بالمحتوى الرقمي العربي".
ولعبت منصات التواصل الاجتماعي دورا مهما في وصول تفاصيل الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة إلى الرأي العام الدولي، ما انعكس في احتجاجات وتحركات مؤيدة لحقوق الفلسطينيين.
إلا أن خوارزميات هذه المنصات تعمل على حذف وتقييد المعلومة المرتبطة بفلسطين، وأحيانا حظر الحسابات التي تنشر هذه المعلومات لمدة معينة أو حذفها تماما.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية في غزة، بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، نحو 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
** تعاون مشترك
وقال الباحث المغربي في المجال التقني حسن خرجوج، للأناضول، إن "هناك إمكانية للتحالف الرقمي بين الدول العربية، خاصة مع إرادة سياسية قوية نابعة من أهمية التعاون المشترك".
ودعا إلى "التوافق عربيا بشأن القضية الفلسطينية ودعمها رقميا، رغم عدم التوافق على قضايا أخرى".
وشدد على "ضرورة توفير بيئة عمل لفائدة خبراء العالم الرقمي بالمؤسسات والمعاهد الكبيرة على المستوى العربي والإسلامي".
وتابع خرجوج أن "الدفاع عن القضايا العربية، بما فيها القضية الفلسطينية، يتطلب إنشاء لوبي تقني، وتطوير البنية الرقمية بالدول العربية التي تختلف من دولة لأخرى".
وتأتي مطالب دعم القضية الفلسطينية على المستوى الرقمي في ظل استمرار تقييد وحذف المحتوى المرتبط بها.
ووفق تقرير لمركز "صدى سوشال" (أهلي)، في مايو/ أيار 2024، ارتكبت منصات التواصل أكثر من 5 آلاف و450 انتهاكا للمحتوى الرقمي الفلسطيني خلال الأشهر الأربعة الأولى من ذلك العام.
وأفاد المركز بأن 32 بالمئة من إجمالي الانتهاكات كانت بمنصة إنستغرام، و26 بالمئة على فيسبوك، و16 بالمئة على واتساب، و14 بالمئة على تيك توك، فيما بلغ حجم الانتهاكات في "إكس" 12 بالمئة.
** تحديات رقمية
ورأى خرجوج أن "عدم امتلاك مجموعة من الدول العربية لبنيات رقمية قوية، خاصة على مستوى الكوادر البشرية غير المؤهلة، يُصعِّب من تحقق هذه المبادرة".
وتابع: "تحقق هذه المبادرة تكتنفه صعوبات، نظرا لنقص الفرص الرقمية الكبيرة على المستوى العربي، سواء ببيئة العمل القوية التي تتيح التطور أو بيئة العمل التي توفر الحد الأدنى من العيش الكريم".
وشدد على "أهمية الفكرة من الناحية النظرية"، موضحا أن "تنفيذها يتطلب ضرورة التغلب على مجموعة من التحديات".
** وصفة للنجاح رقميا
خرجوج قال إن نجاح المبادرة المغربية يتطلب اتباع أبرز مقومات معادلة النجاح الرقمي في التجارب العالمية.
وأوضح أن "الدول الكبرى التي تملك شركات قوية استثمرت في الموارد البشرية كمقدمة للاستثمار في قطاع التكنلوجيا الحديثة، بما فيها منصات التواصل الاجتماعي".
ودعا الباحث المغربي إلى "تأهيل الموارد البشرية في العالم العربي لضمان نجاح هذا التكتل العربي المرتقب".
وشدد على "صعوبة التعاطي أو التفاوض مع هذه الشركات الكبرى، خاصة في غياب بيئة رقمية قوية وبدائل رقمية (عربية)، على غرار الصين وروسيا".
وبخصوص الإطار الزمني المتوقع لنجاح المبادرة، أفاد خرجوج بإمكانية ذلك "بعد عقد أو عقدين، إذا بدأت الدول العربية الاستثمار في الموارد البشرية حاليا".
وبحسب الباحث، تعد الأسواق العربية والإفريقية من الناحية الرقمية "صغيرة" مقارنة بحجم نظيراتها الأوروبية والأمريكية أو الآسيوية، فضلا عن "التفاوت على المستوى التقني أو البنيات الرقمية".
واقترح خرجوج "إطلاق مبادرات لتقوية البنية التقنية من جهة، وتقوية الموارد البشرية من جهة ثانية".
وشدد على "ضرورة تقوية التعليم وإدخال التقنية في المناهج التعليمية، والعمل على بناء الإنسان".
مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.
كن أول من يترك تعليقًا.