يني شفق

إعلان "القسام" مقتل الضيف ورفاقه.. فقه التوقيت والدلالة

14:0831/01/2025, الجمعة
الأناضول
إعلان "القسام" مقتل الضيف ورفاقه.. فقه التوقيت والدلالة
إعلان "القسام" مقتل الضيف ورفاقه.. فقه التوقيت والدلالة

- "كتائب القسام" أعلنت الخميس، مقتل قائدها العام محمد الضيف و6 من أعضاء مجلسها العسكري بفترة الإبادة مدير مركز "يبوس للدراسات الاستراتيجية"، سليمان بشارات: - القسام أرادت إرسال رسائل طمأنة وتوحيد مواقف وتعزيز ثقة ومبايعة للمجتمع الفلسطيني - القسام نجحت بمنع حصول إسرائيل على صورة النصر عبر عدم تأكيد معلومات استشهاد قادتها مدير مؤسسة فيميد الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون: - القسام لم تتأثر بشكل جوهري على الصعيد العسكري وواصلت إدارة العمليات بنفس الفاعلية بعد استشهاد قادتها - القسام منظومة متينة لا تعتمد على الأفراد ويُعتقد أنها اختارت قادة الألوية والكتائب والسرايا الجدد ليحلوا محل الشهداء الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني نضال أبو زيد: - هذا الإعلان ضمن الحرب الإعلامية التي تجري خلف الأضواء بين المقاومة وأجهزة استخبارات الاحتلال - الإعلان يشكل تحدياً كبيراً أمام المقاومة لكنها تجاوزته والإعلان جاء بعد استكمال الترتيبات والإجراءات


بعد نحو أسبوعين من سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، أعلنت "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس" الخميس، مقتل قائدها العام محمد الضيف و6 من أعضاء مجلسها العسكري.

هذا الإعلان جاء بعد أشهر طويلة من حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها تل أبيب بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، وحملت شكوكا حول مصير هؤلاء القادة مع إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال بعضهم بأوقات سابقة، دون تعقيب فوري من "القسام" على ذلك.

وأظهرت حالات سابقة كذب الرواية الإسرائيلية حول مقتل قادة من "القسام" مثل حسين فياض، قائد كتيبة "بيت حانون" الذي ادعى الجيش مقتله قبل 8 أشهر، ليظهر مع أول أيام سريان الاتفاق في فيديو من غزة، ما اضطر الجيش لاحقا للتراجع عن روايته والاعتراف بـ"وجود خلل استخباري" في معلوماته حول مصير فياض.

وبذلك، تكون "القسام" مصدر الرواية الوحيد الذي يتمتع بـ"مصداقية" ويتحكم بمجريات الميدان بما يضيف إليها تفوقا على صعيد صراع الرواية، وفق قول محللين للأناضول.

كما أسقط إعلان الأمس صورة النصر التي أرادتها إسرائيل، فإعلان "القسام" في لحظة الاغتيال كان سيعزز هذه الصورة لكن الفارق الزمني بين الإعلانين أفشل ذلك.

** تعزيز الحاضنة الشعبية

مدير مركز "يبوس للدراسات الاستراتيجية"، سليمان بشارات، قال للأناضول إن المقاومة الفلسطينية أرادت من خلال الإعلان أن تقول لحاضنتها الشعبية والمجتمعية أنها وقادتها (من الصف الأول) جزء منهم وكانوا حاضرين في الميدان واستشهدوا باستهدافات إسرائيلية.

واعتبر أن هذا الأمر "يضر الرواية التي كانت دائما تتهم قيادة المقاومة بالاختباء مع عائلاتها والابتعاد عن مسرح العمليات المباشرة حيث كان الاحتلال يستغل ذلك لشيطنة المقاومة والتأثير على حاضنتها الشعبية وإفقاد المجتمع الثقة بقادتها".

إلى جانب ذلك، أرادت "القسام" تعزيز احتضانها من المجتمع الفلسطيني، حيث أن "حركات المقاومة التي تقدم قياداتها شهداء ضمن معارك المواجهة تحظى دائما باحتضان ودعم وثقة كبيرة من المجتمع".

** رسالة طمأنة

بشارات قال إن المقاومة التي فقدت كل هذه القيادات من الصف الأول في أوج المعركة واستطاعت أن تصل لـ"بر الأمان"، عبر اتفاق وقف إطلاق النار، توصل رسالتها بأنها "قادرة على إدارة أي تحديات مستقبلية".

وأضاف أن المقاومة التي ذهبت لتنفيذ هذا الاتفاق وصفقة التبادل بهذا الشكل وتحكمها بمساراتها السياسية والميدانية تريد أن تقول للشعب الفلسطيني إن "التحديات القادمة يمكن التغلب عليها ولا خوف من قدرتها على مواجهة أي تهديدات مستقبلة".

واعتبر بشارات إعلان القسام بمثابة رسائل "طمأنة وتوحيد مواقف وجهود وتعزيز ثقة ومبايعة للمجتمع الفلسطيني".

** دلالات التوقيت

وعن دلالات التوقيت، قال إن تأخير إعلان القسام استشهاد قادته جاء للحفاظ على الحالة النفسية للحاضنة الشعبية وتماسكها.

وأضاف: "لو تم الإعلان خلال الحرب كان سيشكل ضغطا نفسيا على الحاضنة والمجتمع الفلسطيني".

كما أن "القسام" تهدف من تأخير الإعلان "سحب ورقة الانتصار من الاحتلال الإسرائيلي ولو كان بشكل مؤقت"، وفق بشارات.

وتابع: "المقاومة في ظل الحرب كان لديها من التدابير والهيكلية الكثير من الأمور التي قد تجعلها من الصعب أن تعلن بكل تفاصيل من اُستهدف، لذا أرادت أن تؤخر الإعلان حتى لا يستخدم الإعلان في ذلك الوقت كورقة انتصار للاحتلال على المقاومة".

إلى جانب ذلك، فإن هذا الإعلان يحافظ ويعزز "مصداقية القسام" التي كان بإمكانها إخفاء إعلان استشهاد قيادييها لسنوات قادمة حيث لا تستطيع أي جهة إثبات ذلك، وفق قوله.

واستكمل قائلا: "قدمت هذا الإعلان لتقول إنني صادقة مع الشارع الفلسطيني في اللحظة التي أمتلك فيها المعلومة المؤكدة والكاملة".

وعد بشارات "مصداقية رواية القسام" واحدة من السرديات التي لم يستطع الاحتلال كسرها خلال حرب الإبادة، لافتا إلى أن الكتائب نجحت على مدار العقود الماضية في بناء ثقة كبيرة بخطابها الذي يقدم للفلسطينيين والإسرائيليين على السواء.

** التحكم بمجريات الميدان

وعن الرسالة التي يحملها الإعلان للجانب الإسرائيلي، فإن بشارات يرى أنها تؤكد فيها القسام على امتلاكها للتفاصيل بما يمكنها من التحكم بمجريات الواقع.

وأوضح أن القسام نجحت في منع حصول إسرائيل على صورة النصر عبر عدم تأكيد معلومات عن استشهاد قادتها بما يجعل الأمر مشككا به.

وتابع: "المقاومة قادرة على التحكم وإخفاء المعلومات وفق ما يقتضيه الميدان وبما يساعدها في التحكم بمجرياته".

** قدرة على التماسك

يقول بشارات إن "حماس" وخلال كافة المحطات التي تعرضت لها منذ انطلاقتها عام 1987 كانت قادرة على إعادة ترتيب صفوفها مع كل ضربة تعرضت لها.

وذكر أن الحركة لديها خبرة وتجربة تؤهلها للتعاطي مع كافة السيناريوهات التي تواجهها، وخاصة أنها لا تعتمد على الأفراد والشخوص إنما "هياكل متكاملة وكبيرة يمكن أن يُسد فيها الفراغ بشمل مباشر وتلقائي".

وبيّن أن اغتيال قادة المكتب السياسي للحركة أولا إسماعيل هنية ومن ثم خليفته يحيى السنوار، "لم يؤثر على قدرة الحركة على اتخاذ القرار وسط استمرار هيكليتها بشكل اعتيادي"، وكذلك على المستوى العسكري.

** منظومة متينة

من جانبه، قال مدير مؤسسة فيميد الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون، إن "القسام لم تتأثر بشكل جوهري على الصعيد العسكري حيث واصلت إدارة العمليات بنفس الفاعلية بعد استشهاد قادتها".

ويعتقد في حديث للأناضول، أن القسام "أعادت ترتيب صفوفها، وترميم هياكلها القيادية"، لافتا إلى أنه من المرجح أن تكون الكتائب قد "اختارت قادة الألوية والكتائب والسرايا الجدد ليحلوا محل الشهداء".

وأوضح أن "القسام تتمتع بوفرة في المقاتلين والقيادات، مما يجعلها قادرة على تجاوز خسارة أي قائد، حتى لو كان من المؤسسين"، مضيفا إن حماس منظومة "لا تعتمد على الأفراد بل على بناء متين قادر على الصمود".

وأرجع تأخر إعلان القسام عن "استشهادهم"، إلى ما يسببه من "ضرر معنوي ونفسي بالمقاتلين"، لافتا إلى أن هذه الخطوة جاء بعد "ترتيب الصفوف".

**حرب إعلامية

بدوره، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني نضال أبو زيد، أن إعلان القسام عن استشهاد قادتها يأتي ضمن "الحرب الإعلامية التي تجري خلف الأضواء بين المقاومة في غزة وأجهزة استخبارات وإعلام الاحتلال".

وتابع في حديثه للأناضول: "تتجسد الدلالات الزمانية بأن الإعلان يأتي في سياق محاولات التخفيف من حدة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، ومحاولة لإعطاء (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو ورقة يمكن أن يناور بها أمام التيار المتشدد الذي يقوده سموتريتش والداعي للعودة للقتال وعدم الانتقال للمرحلة الثانية من المفاوضات".

واعتبر أبو زيد، أن الإعلان أشار إلى تجاوز تحديات كبيرة أمام المقاومة، مبينا أنها "نجحت بتجاوز أزمة البنية التنظيمية، وعلى ما يبدو تم إحلال القيادات في المواقع الشاغرة".

ويعتقد أن "اغتيال الضيف كان حينما تم استهداف منطقة المواصي غرب خان يونس، وأعلن حينها الاحتلال عن اغتياله، وكان برفقته رافع سلامة قائد لواء خان يونس، إلا أن المقاومة أكدت حينها أنه حي؛ لأسباب أمنية تندرج في إطار الترتيبات الميدانية والاستخبارية حينها".

ويبقى الأهم في هذا الجانب هو مواصلة "المقاومة" قتالها طيلة الفترة الماضية رغم اغتيال قادتها ما يشير إلى قدرتها على إعادة "إنتاج الهيكل التنظيمي الذي يعمل بنظام أفقي وليس عمودي، وهذا النوع من الهياكل يسهّل على أي فصائل مسلحة اعادة انتاج نفسها"، وفق قوله.

وعلى مدى سنوات، نفذت إسرائيل محاولات عديدة لاغتيال الضيف، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، رغم إصابته في إحدى تلك المحاولات.

وآخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي "منطقة آمنة"، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.

لكن "القسام" نفت آنذاك صحة اغتياله، قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة".

#الأردن
#الضيف
#القسام
#حرب إعلامية
#حماس
#صورة النصر
#فلسطين
#قادة
#منظومة هيكلية
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية