بعد محاولات هروب غير قانونية في 4 دول.. هكذا اعتقلت المخابرات التركية الإرهابي "أوجلان"

ميس طاهر أوغلو
17:3623/10/2024, الأربعاء
تحديث: 23/10/2024, الأربعاء
يني شفق
بعد محاولات هروب غير قانونية في 4 دول.. هكذا اعتقلت المخابرات التركية الإرهابي "أوجلان"
بعد محاولات هروب غير قانونية في 4 دول.. هكذا اعتقلت المخابرات التركية الإرهابي "أوجلان"

نفذت الاستخبارات التركية عملية اعتقال مهمة خارج حدود البلاد، وكان الهدف هو الإرهابي عبد الله أوجلان، زعيم تنظيم "بي كي كي" الإرهابي، الذي حاول الفرار من دولة إلى أخرى قبل 25 عامًا تحت ضغط من تركيا.

قبل وقت قصير من انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980، غادر عبد الله أوجلان، زعيم تنظيم بي كي كي الإرهابي، تركيا واستقر في سوريا. وفي المؤتمر الثاني المزعوم الذي انعقد بعد أن قام التنظيم بتوسيع منطقة نشاطه إلى شمال العراق، أصدر الإرهابي أوجلان أوامره بشن هجوم مسلح، ومن ثم بدأت العمليات الإرهابية في منطقة إروه في ولاية سيرت ومنطقة شمدينلي في ولاية هكاري.


وسعى التنظيم الإرهابي لاستهداف المواطنين الأكراد، وحرمانهم من حقوقهم في مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول في تركيا، خاصة في المناطق الريفية، باستخدام العنف والضغط.


مجازر بي كي كي الإرهابي تهز تركيا


وفي السياق، أثار أوجلان غضب تركيا بسبب المجازر الدموية التي أشرف عليها واستمرت خلال التسعينيات. وفي خطابه عام 1991، حرّض على قتل كل من لا يصوّت للحزب الديمقراطي، مما أكسبه لقب "قاتل الأطفال" نتيجة الفظائع التي ارتكبها التنظيم في ذلك الوقت.


القيادة من سوريا

من جهتها، مارست الحكومة التركية ضغوطًا على دمشق لعدم استضافة أوجلان على أراضيها. وأسهم دعم سوريا لتنظيم " بي كي كي" الإرهابي، خلال حكم حافظ الأسد، وتصريحاتها تجاه تركيا في تفاقم الأزمة المستمرة منذ فترة طويلة بين البلدين. وقد قاد أوجلان الأنشطة المسلحة والسياسية للتنظيم الإرهابي من سوريا حتى خريف عام 1998.


الإشارة الأولى للدورة الجديدة

في عام 1998، صرّح الجنرال أتيلا أتيش، قائد القوات البرية التركية آنذاك، بأن بعض الدول المجاورة أساءت فهم حسن نية تركيا وقربها. وقال: "بإيواءهم قطاع الطرق ودعمهم، ورّطوا تركيا في آفة الإرهاب. الحكومة التركية لن تبدي حسن نيتها بعد الآن في هذا الأمر: وأعطى إشارة واضحة لبداية مرحلة جديدة بقوله: "لقد نفذ صبرنا"

ومع تصاعد التوتر، أخذت الأزمة بين البلدين منعطفًا جديدًا، مع تزايد التصريحات التركية والضغط لجلب زعيم الإرهابيين إلى تركيا.


تصريحات ديميريل تتسبب في ترحيل أوجلان من سوريا

وفي إطار التوتر المتصاعد بين البلدين، وجه الرئيس التركي سليمان ديميريل تحذيرًا مباشرًا، مؤكدًا أن تركيا تحتفظ بحق الانتقام من سوريا لدعمها المزعوم لتنظيم "بي كي كي". وقال: 'نحتفظ بحق الرد على سوريا التي لا تزال تتبنى موقفًا عدائيًا تجاه تركيا، رغم مبادراتنا السلمية وتحذيراتنا المتكررة". وأشار إلى أن سوريا تتبع سياسة معادية لتركيا وتواصل دعم التنظيم الإرهابي، مؤكدًا أن صبر تركيا أوشك على النفاد.

وبعد ذلك، قرر حافظ الأسد ترحيل أوجلان في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1998.


التنقل من بلد إلى بلد: اليونان، روسيا، إيطاليا..

وعلى خلفية التطورات، فرّ أوجلان من سوريا في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1998، وانتقل بين اليونان وروسيا وإيطاليا بحثًا عن اللجوء، وبدأت السلطات الإيطالية إجراءات اللجوء لأوجلان وضمنت عدم تسليمه إلى تركيا، لكنها اعتقلته لحمله جواز سفر مزور.



من فيلا في إيطاليا إلى الإقامة في كينيا

وأعلنت وزارة العدل الإيطالية في ذلك الوقت أنه لا يمكن تسليم شخص محكوم عليه بالإعدام، ولذلك خصصت لأوجلان إقامة في فيلا، ما أثار استياء تركيا ودفع مواطنين أتراك إلى تنظيم احتجاجات أمام السفارة الإيطالية في أنقرة. في النهاية، اضطرت روما إلى عدم الترحيب بأوجلان، ما أجبره على مغادرة البلاد.


وغادر أوجلان إيطاليا في 16 يناير/كانون الثاني 1999 إلى روسيا، لكنها لم تمنحه إقامة أكثر من 10 أيام ليضطر مغادرة البلاد إلى اليونان عبر طائرة خاصة.


في تلك الأثناء حاول أوجلان مغادرة اليونان إلى هولندا أو بيلاروسيا، لكن البلدان لم يسمحا لطائرته في الهبوط في 31 يناير/كانون الثاني.


في نهاية المطاف غادر أوجلان اليونان إلى كينيا، حيث خصصت له أثينا إقامة داخل منزل سكني تابع لسفارتها في نيروبي.


الاستخبارات التركية تتحرك

بعد حصول الاستخبارات التركية على معلومات تفيد بأن أوجلان على وشك مغادرة كينيا إلى هولندا عبر طائرة خاصة، سارعت لاستئجار طائرة مماثلة وأجرت عليها تعديلات في الطلاء لتبدو نسخة مطابقة للطائرة التي كان من المفترض أن تقل أوجلان.


لم يكن أحد على علم بهذه الترتيبات سوى اثنين من طاقم الطيران، حيث كان على متن الطائرة عناصر من الاستخبارات التركية متنكرين في هيئة مدنيين، متخذين هوية "تجار موز" في طريقهم إلى مصر وأوغندا لغرض التجارة.



في 15 فبراير/شباط، وبينما كانت طائرة أوجلان الحقيقية متجهة من هولندا إلى كينيا، تحركت الطائرة التابعة للاستخبارات التركية وهبطت في مطار العاصمة نيروبي.


خلال تلك الأثناء، كان أوجلان قد غادر مقر السفارة اليونانية متوجها إلى المطار بدون حراسة، وعند وصوله إلى الطائرة الشبيهة، تولى عناصر الاستخبارات التركية السيطرة عليه، وقيدوه وعصبوا عينيه، ثم انطلقت الطائرة فورًا متجهة إلى تركيا.


كانت أول جملة يسمعها أوجلان بعد انطلاق الطائرة "عبد الله أوجلان، أهلا بك في الوطن"، حيث وصل إلى مطار باندرما العسكري نحو الساعة 3 فجر 16 فبراير/شباط 1999.


أجاويد: عبد الله أوجلان في تركيا

بعد نجاح العملية، التقى رئيس الوزراء آنذاك بولنت أجاويد بقيادات عسكرية واستخباراتية، وأعلن أنه سيخاطب الشعب في مؤتمر صحفي عند الساعة 11 صباحا.


وقال أجاويد: "أصدقائي الصحفيين الأعزاء، لدي أخبار لكم وللمواطنين الأعزاء. اعتباراً من الساعة 3 صباح اليوم، بات زعيم المنظمة الإرهابية الانفصالية عبد الله أوجلان موجودًا في تركيا".


المحاكمة

بدأت محاكمة أوجلان في المحكمة الخاصة التي أنشئت في جزيرة إمرالي في 31 مايو/أيار 1999، وتواصلت على مدار 9 جلسات استماع، ليصدر عليه حكم الإعدام بتهمة "خيانة الوطن" وفق المادة 125 من قانون العقوبات التركي.


لكن بسبب إلغاء تركيا عقوبة الإعدام في تلك الفترة بسبب قوانين "المواءمة مع الاتحاد الأوروبي" تم إلغاء حكم الإعدام إلى السجن المؤبد مع التشديد.


وجاء في قرار المحكمة أن أوجلان لم يكن مؤهلاً للاستفادة من المواد الدستورية المخففة للعقوبات الجنائية، إذ اعتُبر تهديدًا خطيرًا على البلاد نتيجة العنف والجرائم التي أودت بحياة آلاف الأشخاص، بمن فيهم أطفال، ورضّع، وشيوخ، ونساء.


#المخابرات التركية
#عبد الله أوجلان
#تنظيم "بي كي كي" الإرهابي