"بدأ الكاتب نيدرت إيرسنال العمل الصحفي عام 1990. ولديه مقالات في العديد من الصحف والمجلات التركية المعروفة كصحيفة سوز وصباح ويني شفق وستار وفوكس. لديه خمسة كتب منشورة."
قال وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس في تصريح له بتاريخ 12 مارس "عندما يفتح أحمد الشرع عينيه في القصر الرئاسي في دمشق كل صباح، سيرى بأن الجيش الإسرائيلي يراقبه من قمة جبل الشيخ"، وهو ما اعتبرته سوريا تهديدًا صريحا.
وليس من قبل دمشق وحسب، بل اعتبرته تركيا أيضاً تهديداً وتحديا واضحا.
وانطلاقًا من هذا السياق، تساءلتُ عبر حسابي على منصة "X": "ليس الشرع وحده من ينظر من دمشق نحو إسرائيل. فماذا عن الآخرين؟؟" ولم يمضِ المساء حتى جاء الرد؛ حيث قام وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، بما يمكن وصفه بـ "تحرك دبلوماسي مكثف" نحو دمشق وفقًا لتوصيف وسائل الإعلام.
كان هذا هو ردّ تركيا على إسرائيل، ولا شك أنهم استوعبوه جيدًا، فحتى الأحمق كان ليفهم الرسالة.
وفي ظل هذه التبادلات الدبلوماسية، من الضروري إعادة التأكيد على أن إسرائيل هي العقبة الكبرى أمام العملية الجديدة التي تتطور في المنطقة، والنظام المستقبلي.
لا داعي للخوض في حالة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب منذ البداية، يمكننا القول إنها "عدائية". والأسباب واضحة؛ فموقف أنقرة الحازم بشأن القضية الفلسطينية وحده كافٍ لإثارة العداء الإسرائيلي. ناهيك عن أن الاتفاق الأخير بين قسد ودمشق كان بمثابة ضربة قاسية لمخططات إسرائيل، إذ رأت فيه انهيارًا لأحد مشاريعها في المنطقة.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن التغييرات في بنية السلطة داخل سوريا أوجدت واقعًا جديدًا فرض على إسرائيل التعامل مع "جار مختلف". وتركيا، بوجودها في شمال سوريا، تفرض على إسرائيل تحديًا لم يسبق لها أن واجهته، يختلف تمامًا عن علاقاتها مع باقي جيرانها أو في محيطها الجغرافي.
وهناك أيضًا جانب آخر يشغل الأذهان ويحتاج إلى تحليل دقيق لم يتم التطرق إليه بشكل كاف حتى الآن، وهو دور الولايات المتحدة في سوريا الجديدة.
أو بالأحرى، دور "أميركا في عهد ترامب"؛ فواشنطن، التي دعمت تنظيم "بي كي كي/واي بي جي" الإرهابي، وأدخلته إلى الجيش السوري عبر "قسد"، تدرك أن هذا الكيان سيتم ابتلاعه داخل المنظومة العسكرية السورية. وبينما بدأت الصحافة التركية بتحليل هذا الدور الأميركي، يبدو أن المواقف خارج تركيا تُعبّر عن هذا الواقع بعبارات أكثر وضوحا.
على سبيل المثال، كتبت صحيفة نيويورك تايمز أن "موقف ترامب أضعف قسد وقلل من قدرتها التفاوضية"، وفي إشارة واضحة إلى دور واشنطن في هندسة التوافق داخل سوريا، أكدت الصحافة التركية أن "هذا الاتفاق لم يكن ليتم دون معرفة الولايات المتحدة"، بل ذهب البعض إلى حد القول إن " قائد قسد نُقل لتوقيع الاتفاق بمروحية عسكرية أمريكية". بينما قدمت صحيفة الغارديان البرطيانية و "بي بي سي"، تحليلات أكثر إيجابية تجاه الاتفاق.
تثير هذه الجدلية تلقائيًا سؤالًا قد يبدو غريبًا بل وجريئًا: هل تدعم الولايات المتحدة في عهد ترامب سياسة تتعارض مع مصالح إسرائيل في سوريا؟
بغض النظر عن الإجابات، فحتى الأسئلة نفسها، التي كانت تُعتبر حتى الآن "غير قابلة للتفكير" بسبب تناقضها مع جوهر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، هل يمكن تجاهلها ببساطة؟
لكن شيئًا مشابهًا تمامًا حدث مع بريطانيا فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، حيث عانت بريطانيا من أزمة كبيرة، رغم كون لندن إحدى العاصمتين الأكثر امتيازًا في علاقاتها مع الولايات المتحدة. وقد تابعنا انعكاسات ذلك على الساحة الدولية بشكل مباشر.
لطالما تعامل الرأي العام التركي بحساسية شديدة تجاه العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لا سيما عندما يكون الأمر مرتبطًا بتنظيمات إرهابية. وهذا مفهوم ومبرر، ولكن لا بد من تحليل ودراسة التطورات الراهنة ضمن إطار أوسع، تحت عنون "تعقيدات ومخرجات ووظائف الانتقال إلى النظام العالمي الجديد".
إن قراءة التقاطع بين الخط البريطاني والأمريكي في سوريا والشرق الأوسط كانت صحيحة في تفسير في المرحلة الافتتاحية، أي عملية تغيير السلطة في دمشق، أي. ولكن إذا بدأنا الموضوع من التسلسل الزمني لمد أنقرة يدها إلى الأسد، على سبيل المثال، فبينما نلاحظ وجود تنافس بريطاني أمريكي، يجب أن نسأل مرة أخرى: "ألا يزال الأمر كذلك في سياق سوريا؟" (في أوروبا، لا يزال الأمر كذلك، لكنه بات أكثر اعتدالًا).
إذا أردنا تبسيط المشهد، فإن هناك خطًّا تركيًا بريطانيًا قطريًا في سوريا، وأمريكا أيضًا موجودة. لكن هل تتصادم خططهم؟ ما يمكن ملاحظته اليوم هو أن تركيا حاضرة بقوة ضمن كلا المسارين، ما يجعلها العنصر المشترك الوحيد في هذه المعادلة المعقدة.
في النهاية، نحن نَصِف "الظاهر"، وهناك الكثير مما لا يظهر في هذه الجغرافيا. وهذا هو السبب في أن كلمة "الحذر" هي الأكثر شيوعاً حاليًا فيما يتعلق بسوريا. فلنناقش ذلك. ولكن الأكثر خطورة هو "التغاضي". ولهذا فإن "ما يظهر" الآن هو الأكثر قيمة.
إن المشهد الظاهر اليوم هو الوضع الراهن أيضًا. أما الانتقادات اللاذعة للعملية والسياسات التي تنتهجها تركيا فهي موجهة نحو المستقبل، أي أنها تفتقر إلى الوضوح واليقين، كما تفتقد إلى القراءة العميقة والتقييم الموضوعي والمعرفة الحقيقية. إنها أقرب إلى الأماني والتكهنات.
وبهذه المناسبة، دعونا نوجّه كلمةً إلى كلّ أنواع المعارضة الداخليّة.
نحن أمام عملية هشة للغاية تُدار في ظل ظروف غاية في التعقيد، حيث إن عدد المتغيرات فيها هائل، ما يفرض تحديثًا مستمرًا ومتابعة دقيقة على جميع المستويات.
من يقوم بهذا؟
إسرائيل وإيران والعراق وسوريا والعالم العربي وتوازنات البحر الأبيض المتوسط، كلها جبهات تنتج أزمات متشابكة من مصدر واحد، فضلًا عن الضغوط التي تمارسها القوى العظمى مثل روسيا والولايات المتحدة، والتي قد تنسف أي خطط قائمة.
من يدير هذا؟
في ظلّ الحرب في أوكرانيا، والتي أدت إلى تحولات كبرى على بريطانيا والدول الأوروبيّة، فإنّ تركيا تشارك في هذه التطورات الضخمة وتُحاول إدارتها بنفس الوقت. فهل يمكننا أن نتجاهل محاولات التوفيق بين البنية الأمنية الأوروبية وديناميكيات الشرق الأوسط؟!
من يتابع ذلك؟
المشهد يعج بعدد هائل من اللاعبين، لكن الأهم من ذلك أنه يفيض بعدد لا يُحصى من السيناريوهات المحتملة. نحن نتحدث عن عشرات الدول المتداخلة بمصالح متشابكة، حيث يمكن لأي حدث استثنائي في هذا العالم المضطرب أن يقلب الموازين في لحظة واحدة.
فمن يتحمل عبء هذه المواجهة؟
هناك آلاف الخبراء في وزارة الخارجية التركية، ووزارة الدفاع، وأجهزة الاستخبارات، يبذلون جهودًا مضنية لمواجهة هذه التحديات. فهل علينا أن نزيد الحمل عليهم بمزيد من الجدل العقيم؟ الإعلام يغرقنا يوميًا بفيض من اللغط والتكهنات، بينما المعارضة بمختلف أطيافها لا تكف عن إذكاء النيران، بحثًا عن أي ثغرة يمكن استغلالها.
أما بالنسبة لتركيا خالية من الإرهاب، فلم يعد هذا مجرد هدف داخلي، بل تجاوزناه منذ زمن. فخلق منطقة خالية من الإرهاب على مستوى الإقليم سيمنحنا "كنزًا استراتيجيًا" لا يُقدَّر بثمن، في عالم جديد لم يعد يقبل بالعودة إلى الوراء.
والسؤال الأهم: لمن يُبذل كل هذا الجهد؟ ومن المستفيد من هذا الكنز؟
مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.
كن أول من يترك تعليقًا.
انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.
بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة