حينما سألنا الرئيس أردوغان الشهر الماضي خلال زيارته إلى ألبانيا، فيما لو كانت هناك بشرى جديدة حول استخراج الطاقة من البحر الأسود، أجاب قائلًا "كل ما نطمح به يسير بشكل متسق دائمًا مع الأعمال التي تقوم بها وزارة الطاقة والموارد الطبيعية، والمعلومات التي تقدمها الوزارة خاصة فيما يتعلق بعمل سفن المسح الزلزالي".
في الأمس أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز، بدء سفينة الفاتح الخاصة بالتنقيب في رحلتها الاستكشافية الثالثة من أجل تحقيق حلم جديد وزف بشرى جديدة.
تابع الوزير حديثه بالقول "حقل جديد وبشرى جديدة. الآن في حقل "كاراسو-1" بالبحر الأسود. لقد بدأت سفينة الفاتح أعمال التنقيب عن الغاز في حقل صقاريا بالبحر الأسود".
الوزير دونماز أوضح أيضًا أن سفينة الفاتح بدأت أعمال التنقيب على عمق 5 آلاف متر تحت سطح البحر، وستواصل التنقيب طيلة شهرين ونصف.
بعبارة أخرى، من المتوقع "بقوة" خلال الشهرين ونصف القادمين أن تصلنا بشائر جديدة فيما يتعلق باكتشاف كميات جديدة من الغاز الطبيعي في البحر الأسود.
يجب أن أؤكد أن لدينا بعض المبررات القوية التي تدفعنا لاعتبار هذا الاحتمال "قويًا".
لماذا؟ لأن عمليات البحث الزلزالية تشير إلى أن الجزء السفلي من البحر الأسود يتمتع باحتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي.
وكما أشار الرئيس أردوغان، فإن التقارير التي قدمتها سفن البحث الزلزالي تزيد من احتمالية العثور على كميات جديدة من الغاز الطبيعي في هذه المنطقة.
أتيحت لي الفرصة لزيارة سفينة الفاتح حينما كانت تقوم بأعمال التنقيب على بعد 170 كيلومتر من الساحل، أواخر يوليو/تموز العام الماضي، وتحدثت في ذلك الوقت مع المسؤولين الذين كانوا يتولون أعمال التنقيب نيابة عن مؤسسة "تركيا للبترول"، وحصلت على معلومات هامة في هذا الإطار شاركتها هنا.
كان الخبر الأهم في ذلك الوقت هو أنه بفضل خوارزمية جديدة طُوّرت في عمليات البحث الزلزالية، زاد معدل الدقة في توقعات العثور على الغاز الطبيعي إلى 80% بعد أن كان عند حدود 20% فقط.
والمعلومات أو التقارير التي تحدثت عن احتمالية وجود كميات جديدة من الغاز الطبيعي في الجزء السفلي من البحر الأسود، تعتمد على هذه الخوارزمية التي تحدثوا عنها.
وخلال الحديث عن ذلك أوضحوا أنهم خلال عمليات البحث الزلزالية نجحوا في الانتقال من مسح ثنائي الأبعاد إلى مسح ثلاثي الأبعاد. وشبهوا هذه النقلة بالفارق بين التصوير بالأشعة السينية الذي يعتبر قديمًا أو أقل دقة مقارنة مع التصوير بالرنين المغناطيسي أو المقطعي في عالم الطب. بمعنى آخر نجحوا في الانتقال من الأشعة السينية إلى التصوير المقطعي.
من المعلوم أنه في عمليات التنقيب عن الغاز، تقوم سفن البحث الزلزالي أولًا بإجراء مسوحات تضع من خلالها خرائط حول إمكانية وجود الغاز الطبيعي. وبناء على ذلك تنطلق سفن التنقيب للبحث عن الغاز في الأماكن الأكثر احتمالية وفقًا لتلك الخرائط.
من المعلوم أننا نواجه أزمة طاقة عالمية. وبسبب ذلك شهدنا زيادات غير مسبوقة في أسعار الطاقة اعتبارًا من النصف الثاني من العام الماضي 2021. مما جعل البلدان تواجه أزمة غير مسبوقة سواء على صعيد الإمدادات أو التكلفة المالية.
وفي خضم هذه المرحلة أدرك الجميع ما معنى أن يعتمد بلد ما على الخارج في إمدادت الطاقة، وعلى سبيل المثال يمكن النظر إلى أوروبا وقلقها المتزايد فيما يتعلق باحتياجاتها من الغاز الطبيعي الذي تعتمد فيه بشكل كبير على روسيا.
وبالطبع تركيا ليست مستثناة من هذا الوضع.
يجب أن تكون هذه المرحلة كافية حتى يفهم الجميع حجم أهمية أن يكون للبلد موارد طاقة خاصة به، ليس من أجل الثراء الاقتصادي فحسب، لكن من أجل حماية مصالحه الخاصة والحفاظ على سيادته.
على الجانب الآخر ترى بعض أحزاب المعارضة أنه لا جدوى من إنهاك النفس والبلد في عمليات المسح ثم التنقيب وإنشاء السفن وغير ذلك، وتقول "يمكنكم بهذه النقود شراء الغاز الطبيعي الجاهز وكفى"، لكن ألا ينظر هؤلاء إلى الأزمة الأوكرانية الحالية وكيف أصبحت أوروبا بسببها عاجزة أمام روسيا، بسبب اعتماد أوروبا بشكل كبير على الغاز الروسي؟ يجب أن يدفعهم ما يجري لإعادة النظر في هذه الرؤية على الأقل.
كما هو معلوم، فإن تركيا حتى الآن اكتشفت ما مجموعه 540 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في حقلين منفصلين بالبحر الأسود.
هذا الرقم يعني أن تركيا بات لديها من الغاز الطبيعي ما يكفيها لمدة 12 عامًا.
لكن السؤال الأهم متى سيدخل هذا الغاز الطبيعي منازلنا كي نستخدمه؟
حينما أعلن الرئيس أردوغان في يونيو/حزيران العام الماضي عن بشرى ارتفاع كميات الغاز الطبيعي المكتشف بفضل اكتشاف 135 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، قال "أصدقاؤنا يعملون ليل نهار من أجل التمكن من استخدام الغاز الطبيعي المكتشف بحلول عام 2023. ونحن مصممون على إنجاز هذا العمل عبر تسريع أعمال إنشاء البنى التحتية اللازمة لاستخراج الغاز ونقله إلى البر. أكبر هدف لدينا هو تسريع حملات التنمية التي ستساعد تركيا على التخلص من عبء استيراد الطاقة الذي يعتبر العبء الأكبر على عاتق تركيا".
في يناير/كانون الثاني الماضي بدأت الأنابيب التي من المفترض أن تنقل الغاز الطبيعي في حقل صقاريا إلى البر، بالوصول إلى ميناء فيليوس.
وفي غضون بضعة أشهر سيبدأ مد هذه الأنابيب تحت البحر الأسود.
كان من المخطط أن يبدأ استخدام الغاز الطبيعي في منتصف العام القادم 2023، لكن الآن تشير الدراسات والتقارير إلى أن غازنا الطبيعي المكتشف سيدخل منازلنا في الربع الأول من العام القادم.
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة