لم تسقط حلب وحدها بل سقطت أقنعة العنصريين أيضاً

08:214/12/2024, Çarşamba
تحديث: 4/12/2024, Çarşamba
حسين ليكوغلو

شهدت الساحة السورية تطورات هائلة منذ اندلاع الحرب فيها. فقد تمكنت المعارضة السورية مؤخرا من تحرير مدينة حلب، التي تعد من أبرز المدن السورية، وربما أكثر أهمية من دمشق نفسها. ومع هذا الإنجاز، بدأ السوريون الذين اضطروا للعيش بعيدًا عن منازلهم وأسرهم لما يقارب عقدًا من الزمن في العودة إلى وطنهم. تحرير حلب يحمل رمزية كبيرة وتأثيرًا عميقًا على المنطقة بأكملها. فقد يمثل نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة عشر عامًا. ويبقى السؤال حول الكيفية التي ستتطور بها الأمور في

شهدت الساحة السورية تطورات هائلة منذ اندلاع الحرب فيها. فقد تمكنت المعارضة السورية مؤخرا من تحرير مدينة حلب، التي تعد من أبرز المدن السورية، وربما أكثر أهمية من دمشق نفسها. ومع هذا الإنجاز، بدأ السوريون الذين اضطروا للعيش بعيدًا عن منازلهم وأسرهم لما يقارب عقدًا من الزمن في العودة إلى وطنهم.

تحرير حلب يحمل رمزية كبيرة وتأثيرًا عميقًا على المنطقة بأكملها. فقد يمثل نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة عشر عامًا. ويبقى السؤال حول الكيفية التي ستتطور بها الأمور في المرحلة المقبلة.

وإلى جانب الأهمية العسكرية والاستراتيجية لحلب، يبرز جانب آخر يمس تركيا بشكل مباشر، إذ مع اندلاع الحرب الأهلية السورية فتحت تركيا أبوابها أمام النازحين الهاربين من بطش النظام وهجماته الوحشية، متبنية ما أُطلق عليه حينها سياسة "الباب المفتوح"، لتقف بموقف إنساني داعم إلى جانب اللاجئين السوريين، مما جعلها سندًا لهم في محنتهم تحت مبدأ "المهاجرين والأنصار".


الولايات المتحدة والغرب يتغاضيان عن مجازر الأسد


منذ بداية الحرب، أكدت تركيا على ضرورة إنشاء منطقة آمنة على حدودها مع سوريا، وأصرت على فرض منطقة حظر طيران. ومع ذلك، غضت الولايات المتحدة والغرب الطرف عن هذه المطالب، إما بسبب عدم إدراكهما لخطورة الوضع أو عن قصد، مما أتاح للنظام السوري ارتكاب المجازر بحق شعبه.


تحت وطأة هجمات النظام السوري الوحشية، لجأ السوريون إلى تركيا بحثًا عن الأمان. ولم يكن فرارهم مقتصرًا على هجمات النظام فقط، بل أجبرت هجمات تنظيم "بي كي كي" الإرهابي وتنظيم داعش العديد منهم على مغادرة وطنهم. لقد استقبلت تركيا حوالي خمسة ملايين لاجئ سوري، فيما تجاوز عدد اللاجئين إلى أوروبا والدول المجاورة الأخرى ستة إلى سبعة ملايين.


مع استمرار الحرب، ارتفع عدد اللاجئين الذين أجبروا على ترك بلادهم، وبدأت الدول المضيفة تواجه تحديات متزايدة. في تركيا، بدأت مشاعر الكراهية تجاه الأجانب تظهر تدريجيًا.


وعقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز، وبدء تطهير القوات المسلحة التركية من العناصر التابعة لتنظيم "غولن" الإرهابي، قررت تركيا التحرك بشكل مستقل. وفي أغسطس 2016، أطلقت عملية درع الفرات ضد تنظيم داعش، مما أدى إلى إبعاد التنظيم عن حدودها. ثم انطلق مسار أستانا، الذي ساهم بشكل كبير في تهدئة الاشتباكات في سوريا.


واصلت تركيا عملياتها العسكرية عبر الحدود، وتمكنت من إنشاء منطقة آمنة على أرض الواقع. أدى ذلك إلى وقف تدفق اللاجئين من سوريا، وبدأت تدريجيًا عودة البعض إلى ديارهم. وفي الوقت ذاته، تفشى خطاب كراهية الإسلام والأجانب، الذي كان قد بدأ في أوروبا، ليصل إلى تركيا.


استغل أعداء الإسلام وكارهو الأجانب قضية اللاجئين السوريين كذريعة للتحريض ضدهم. ومع مرور الوقت، تصاعدت هذه التحريضات، لتصل إلى إثارة اضطرابات اجتماعية وأحداث استفزازية تهدف إلى زعزعة الاستقرار.


سقوط أقنعة العنصريين الفاشيين المعادين للإسلام!

دأب العنصريون الفاشيون المعادون للإسلام على ترديد الأكاذيب المألوفة عن اللاجئين السوريين، قائلين: "هربوا ولم يدافعوا عن وطنهم. يعيشون هنا مستمتعين بتدخين النرجيلة. شعبنا أصبح عاطلًا بسببهم."

لم تقف عنصريتهم عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك لتطال قطاع السياحة، حيث عمدوا إلى تشويه صورة البلاد عبر الاعتداءات اللفظية والجسدية على السياح العرب. استهدفوا رجال الأعمال المسلمين بالإهانات، ووصل الأمر إلى شتم كل سائح مسلم بزعم أنه سوري.


ثم جاء اليوم الذي تحررت فيه مدينة حلب، التي تعد موطنًا للعديد من اللاجئين السوريين، على يد المعارضة. هؤلاء الذين اتُهموا بعدم الدفاع عن وطنهم وصُوِّروا كخونة، عادوا ليخوضوا المعركة من أجل أرضهم ومدنهم ومنازلهم، ولكنهم وُصفوا مرة أخرى بـ"الإرهابيين" من قِبل نفس العنصريين الفاشيين.


وعندما رفع بعض أفراد المعارضة العلم التركي على قلعة حلب بعد تحريرها، أثار ذلك غضب العنصريين. حلب، المدينة ذات الأغلبية العربية والتركمانية، شاركت في تحريرها مجموعات مقربة من تركيا كانت في الصفوف الأمامية. فهل يُعد رفع العلم التركي في هذه الحالة أمرًا معيبًا؟


لقد غضضتم الطرف عن وجود علم الولايات المتحدة تحت مظلة تنظيم "بي كي كي" الإرهابي، ولم تُزعجكم أعلام إيران المنتشرة في حلب، ولا أعلام بريطانيا وفرنسا، وحتى العلم الروسي لم يثر حفيظتكم. فلماذا استهدفتم العلم التركي وحده؟


يبدو أن ما سقط في حلب لم يكن النظام وحده، بل سقطت معه أقنعة العنصريين الفاشيين المعادين للإسلام وأعداء تركيا، كاشفةً عن وجوههم الحقيقية



#تركيا
#العنصرية
#تحرير حلب
#حلب
#النظام السوري