من يتخذ القرارات في الولايات المتحدة؟

09:4922/12/2024, الأحد
تحديث: 26/12/2024, الخميس
عبدالله مراد أوغلو

صرّح المتحدث باسم البنتاغون، اللواء بات رايدر، يوم الخميس الماضي، في مؤتمر صحفي أن عدد الجنود الأمريكيين في سوريا يبلغ 2000 جندي. هذا الرقم يتعارض مع التصريحات السابقة التي ذكرت أن العدد "900" جندي فقط. ولم يقدم رايدر أي تفسير مقنع لهذا التضارب، مما أثار الشكوك حول مصدر هذه المعلومات. بدا وكأن رايدر "اكتشف" هذا الرقم الجديد بشكل مفاجئ. وأشار الجنرال رايدر إلى أن 1100 جندي كانوا موجودين في سوريا قبل سقوط نظام بشار الأسد، لكنه لم يوضح متى تم إرسال هؤلاء الجنود تحديدًا. وأكد أن وزير الدفاع لويد أوستن

صرّح المتحدث باسم البنتاغون، اللواء بات رايدر، يوم الخميس الماضي، في مؤتمر صحفي أن عدد الجنود الأمريكيين في سوريا يبلغ 2000 جندي. هذا الرقم يتعارض مع التصريحات السابقة التي ذكرت أن العدد "900" جندي فقط. ولم يقدم رايدر أي تفسير مقنع لهذا التضارب، مما أثار الشكوك حول مصدر هذه المعلومات. بدا وكأن رايدر "اكتشف" هذا الرقم الجديد بشكل مفاجئ.


وأشار الجنرال رايدر إلى أن 1100 جندي كانوا موجودين في سوريا قبل سقوط نظام بشار الأسد، لكنه لم يوضح متى تم إرسال هؤلاء الجنود تحديدًا. وأكد أن وزير الدفاع لويد أوستن على علم بهذه الأرقام، لكنه أضاف أنه لم يناقش الأمر مع قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) الجنرال مايكل كوريلا.


وفيما يتعلق بما إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن على علم بهذا الرقم الجديد، تجنب رايدر الإجابة المباشرة، قائلاً إنه لا يتحدث باسم البيت الأبيض. ولم يصدر أي تعليق من البيت الأبيض على تصريحات رايدر، مما أثار تكهنات بأن بايدن قد لا يكون على دراية بهذه الأرقام. وباختصار، تصريحات رايدر أثارت مزيدًا من الأسئلة بدلاً من تقديم إجابات واضحة.


كما هو الحال في فترة رئاسته الأولى، يُظهر دونالد ترامب الآن إشارات جدية على نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا. ففي عام 2018، أدت قرارات ترامب بشأن الانسحاب إلى استقالة وزير الدفاع آنذاك، جيمس ماتيس، احتجاجًا على هذا القرار. كما استقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، بريت ماكغورك، بعد ماتيس.


ترامب دافع عن قراره قائلاً إن الولايات المتحدة أنهت مهمتها العسكرية في سوريا، بينما عارض كل من ماتيس وماكغورك هذا الرأي، معتبرين أن المهمة لم تكتمل بعد.

صرّح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال ولايته قائلاً: "هزمنا داعش، وهو السبب الوحيد الذي دفعنا إلى التواجد في سوريا." وفي تعليق آخر عبر عن استيائه قائلاً: "لو أعلن أي شخص آخر غير دونالد ترامب أنه سيعيد جنودنا إلى الوطن (سعداء وبصحة جيدة) بعد القضاء على داعش في سوريا، لكان ذلك الشخص أعظم بطل شعبي في أمريكا."

قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا أثار انتقادات واسعة، ليس فقط من الديمقراطيين، بل أيضًا من الجمهوريين. وكان من أبرز المنتقدين السيناتوران الجمهوريان المتشددان ماركو روبيو وليندسي غراهام. والآن، يُثار تساؤل حول موقف روبيو، الذي رشحه ترامب سابقًا لمنصب وزير الخارجية، تجاه مسألة انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

جدير بالذكر أن بريت ماكغورك، الذي استقال من منصب "المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا" احتجاجًا على قرار ترامب، تم تعيينه لاحقًا في يناير 2021 من قبل الرئيس جو بايدن كمنسق لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ورغم إعلان ترامب عن سحب جزء من القوات الأمريكية من سوريا، إلا أنه تبين لاحقًا أنه تعرض للتضليل بشأن العدد الفعلي للقوات المتبقية. ففي تصريح أدلى به جيمس جيفري، الذي خلف بريت ماكغورك، بعد خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، قال: "كنا نتعمد التلاعب بالمعلومات حتى لا تتمكن الإدارة من معرفة العدد الحقيقي لقواتنا في سوريا." وأوضح جيفري أن ترامب كان يعتقد أن العدد الإجمالي للقوات في سوريا يبلغ "200" فقط، بينما الرقم الحقيقي كان أكبر من ذلك بكثير.

يُشار إلى أن القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) لعبت دورًا محوريًا في استمرار وجود القوات الأمريكية في سوريا. ومن الجدير بالذكر أن جيمس ماتيس، الذي كان قائدًا لسنتكوم حتى تقاعده في عام 2013، تم تعيينه وزيرًا للدفاع من قبل ترامب في يناير 2017. أما لويد أوستن، وزير الدفاع الحالي، فقد شغل أيضًا منصب قائد سنتكوم قبل تقاعده في عام 2016.

يمكننا القول إن ترامب يواصل إلى حد كبير سياسته السابقة تجاه سوريا منذ عام 2018. إلا أنه يجب الانتباه إلى الرسائل الضمنية التي تحملها تصريحات كبار مسؤولي الأمن القومي والدفاع في إدارة بايدن.


تشير هذه الرسائل إلى أن الولايات المتحدة تعتزم الإبقاء على وجود قواتها في سوريا دون تحديد مدة زمنية واضحة. وحتى الآن، لم تقدم واشنطن أي بيان صريح يوضح المدة التي ستبقى فيها قواتها هناك أو الشروط التي قد تؤدي إلى إنهاء وجودها. ورغم التحولات الجذرية التي شهدتها الظروف داخل سوريا، تواصل القوات الأمريكية البقاء في المنطقة.

قراءة بين السطور لهذه التصريحات تشير إلى أن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا قد تحول إلى غاية بحد ذاته، بينما يبدو أن كل المبررات الأخرى ما هي إلا محاولات لإضفاء الشرعية على هذا الهدف وإقناع الرأي العام بضرورته.




#ترامب
#انسحاب القوات الأمريكية من سوريا
#سوريا