لي مردخاي وثق في دراسته "الشهادة على حرب إسرائيل وغزة": - إسرائيل حاولت التسبب بموت المدنيين باستخدام سلاح المجاعة أو استهداف النظم الصحية والبنى التحتية - الأدلة التي وثقتها بدراستي تثبت أن تحرير الأسرى لا يشكل أولوية لحكومة نتنياهو مقارنة بالتطهير العرقي - الاهتمام العالمي بغزة وأحيانا بلبنان وإيران وسوريا أدى لصرف الانتباه عن الضفة التي شهدت تطهيرا عرقيا - الخطاب الإسرائيلي العنصري عمل على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين - الأدلة التي جمعتها تثبت أن الخطاب حول التطهير العرقي كان واضحاً منذ بداية العملية العسكرية شمال غزة
قال مؤرخ إسرائيلي في دراسة أعدها عن الوضع بقطاع غزة إن الكم الهائل من الأدلة التي وثقها "كانت كافية" بالنسبة له للاعتقاد بأن تل أبيب ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
واستند المؤرخ لي مردخاي، في دراسته المؤلفة من 124 صفحة، تحت عنوان "الشهادة على حرب إسرائيل وغزة" وحصلت الأناضول على نسخة منها إلى "آلاف المراجع التي تدعم التقييم الذي خلص إليه".
ولي مردخاي (42 عاماً) ضابط سابق بسلاح الهندسة بالجيش الإسرائيلي، وهو الآن محاضر أول في التاريخ بالجامعة العبرية في القدس.
ومعرفا بنفسه، قال: "أنا لي مردخاي، مؤرخ محترف ومواطن إسرائيلي، أشهد بهذه الوثيقة على الوضع في غزة مع تطور الأحداث".
وأضاف أن "الكم الهائل من الأدلة التي رأيتها، والتي تمت الإشارة إلى الكثير منها لاحقًا في هذه الوثيقة، كانت كافية بالنسبة لي للاعتقاد بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد السكان الفلسطينيين في غزة".
وردا على التبريرات التي تسوّق لها إسرائيل بشأن حرب الإبادة، اعتبر مردخاي أن "الرد الإسرائيلي على عملية حماس في 7 أكتوبر غير متناسب وإجرامي تماما".
وقال: "في جميع الأحوال، لا تبرر المظالم والفظائع التاريخية ارتكاب فظائع إضافية في الوقت الحاضر".
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شنت فصائل فلسطينية، بينها حماس و"الجهاد الإسلامي"، هجوما على مستوطنات محاذية لقطاع غزة، أسرت وقتلت خلاله عددا من الإسرائيليين، رداً على الاعتداءات بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف مردخاي: "على مدار العام الماضي، ارتكبت إسرائيل مذابح متكررة بحق الفلسطينيين في غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 44 ألف فلسطيني - 60 بالمئة منهم على الأقل أطفال ونساء وكبار بالسن - كما أصيب ما لا يقل عن مائة ألف آخرين وما زال أكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين".
وتابع: "هناك أدلة كافية على الهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي شنتها إسرائيل طوال الحرب، فضلاً عن العديد من الأمثلة على المذابح وعمليات القتل الأخرى".
ولفت المؤرخ الإسرائيلي إلى أن تل أبيب "حاولت بشكل نشط التسبب في موت السكان المدنيين في غزة".
سلاح المجاعة
وقال: "لقد أحدثت إسرائيل المجاعة في غزة كسياسة فعلية واستخدمتها كسلاح حرب، مما أدى إلى وفاة عشرات المدنيين (معظمهم من الأطفال) بسبب الجوع".
وأضاف: "تسببت إسرائيل أيضا بنقص في المياه والأدوية والكهرباء. كما فككت النظام الصحي والبنية التحتية المدنية في غزة، ونتيجة لذلك، يموت مزيد من الناس من حالات قابلة للعلاج وإجراءات طبية صعبة مثل البتر والولادة القيصرية التي يتم إجراؤها بدون تخدير".
وشدد في دراسته على أن "الوفيات الإجمالية في غزة غير معروفة، ولكنها بالتأكيد أعلى بكثير من حصيلة القتلى الرسمية".
ومهاجما الخطاب الإسرائيلي العنصري، ذكر مردخاي أن ذلك الخطاب "عمل على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين إلى الحد الذي جعل الغالبية العظمى من اليهود الإسرائيليين يؤيدون التدابير(ضد الفلسطينيين)".
وقال: "لقد قاد أعلى المسؤولين في الدولة الإسرائيلية حملة نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، ولا يزال مدعوما من قبل الدولة والجيش".
وأضاف: "كما أن نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين منتشر على نطاق واسع في المجتمع المدني الأوسع. إن التحدث عن الفلسطينيين بلغة إبادة جماعية أمر مشروع في الخطاب الإسرائيلي".
وتابع: "إن نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين المعتقلين والمدنيين في غزة يؤدي إلى انتشار الإساءة والعنف ضدهم وممتلكاتهم، وكل هذا دون عواقب تذكر، والواقع أن الغالبية العظمى من المحتوى الذي ينزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين المعتقلين والمدنيين في غزة يشاركه الإسرائيليون أنفسهم، وهو ما تؤكده شهادات الفلسطينيين عن تجاربهم".
تطهير غزة عرقيا هدف لإسرائيل
ولفت المؤرخ إلى "أن الأدلة التي رأيتها وناقشتها تشير إلى أن أحد الأهداف المحتملة للغاية لإسرائيل هو تطهير قطاع غزة عرقياً، سواء جزئياً أو كلياً، من خلال إبعاد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين".
وقال: "لقد أدلى أعضاء رئيسيون بالحكومة الإسرائيلية بتصريحات تؤكد هذه النية، كما خططت العديد من الوزارات الإسرائيلية أو عملت على تسهيل مثل هذه الغاية، وأحياناً من خلال إقناع أو الضغط على دول أخرى".
وأضاف: "لقد قامت إسرائيل بالفعل بتطهير أجزاء كبيرة من قطاع غزة من خلال الهدم والتجريف، كما حاولت تدمير نسيج المجتمع الفلسطيني من خلال استهداف المؤسسات المدنية عمداً مثل الجامعات والمكتبات والأرشيفات والمباني الدينية والمواقع التاريخية والمزارع والمدارس والمقابر والمتاحف والأسواق".
وأشار إلى أنه "تم حتى الآن تدمير أو إتلاف ما يزيد عن 60 بالمئة من المباني في قطاع غزة".
وذكر مردخاي إن "أحد أهداف الحرب، وفقاً للحكومة الإسرائيلية، هو إطلاق سراح الرهائن، الذين لا يزال نحو مائة منهم في أسر حماس".
واستدرك: "تثبت الأدلة أن هذا الأمر لا يشكل أولوية كبيرة بالنسبة للحكومة الإسرائيلية مقارنة بالتطهير العرقي".
وقال: "لقد أدى الاهتمام العالمي بغزة، وفي بعض الأحيان بلبنان وإيران وسوريا، إلى تحويل الانتباه بعيداً عن الضفة الغربية".
وأردف: "فهناك (الضفة) أسفرت العمليات التي نفذتها إسرائيل من خلال جيشها أو مستوطنيها منذ بداية الحرب عن مقتل أكثر من سبعمائة فلسطيني، والتطهير العرقي لعشرين مجتمعاً محلياً على الأقل، فضلاً عن زيادة حادة في مستويات العنف والإساءة وإذلال الفلسطينيين من قِبَل الدولة الإسرائيلية والمستوطنين اليهود".
وأضاف: "لقد أصبح كل ما سبق ممكناً بفضل الدعم القوي من جانب أغلب وسائل الإعلام السائدة في إسرائيل وكذلك الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا".
وتابع مردخاي: "تظل وسائل الإعلام والخطاب الإسرائيلي مؤيدين للحرب بشكل أساسي وغير نقدي، مع فرض العديد من المؤسسات والأفراد للرقابة الذاتية. وتشارك وسائل الإعلام السائدة في الولايات المتحدة في الكثير من هذا النهج".
وأشار مردخاي إلى أنه "كانت الأدلة التي رأيتها ووصفتها أدناه كافية بالنسبة لي للاعتقاد بأن ما تفعله إسرائيل حاليًا بالسكان الفلسطينيين في غزة يتوافق مع تعريف الإبادة الجماعية كما أفهم".
وقال: "إن الأدلة التي جمعتها تثبت أن الخطاب حول التطهير العرقي كان واضحاً منذ بداية العملية العسكرية الحالية في شمال غزة في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2023".
وأضاف: "استناداً إلى الأدلة التي جمعتها، فإن إسرائيل تقوم بتطهير شمال غزة عرقياً، ومن المفترض أن بعض المجموعات في إسرائيل تخطط لإعادة توطينها هناك".
وتحتوي الدراسة على أكثر من 1400 حاشية تشير إلى آلاف المصادر، بما في ذلك تقارير شهود العيان، ولقطات الفيديو، والمواد التحقيقية، والمقالات والصور الفوتوغرافية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 150 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.