- إسرائيل تسعى لفرض السيادة على الضفة المحتلة من خلال الحواجز والبوابات وتعزيز فكرة الضم - عضو منظمة التحرير واصل أبو يوسف: إسرائيل تفصل القدس بالاستيطان واليوم تحول الضفة إلى معازل - مسؤول بهيئة مقاومة الجدار: لا يوجد محافظة فلسطينية أو مدينة أو قرية متصلة مع أخرى بالضفة
بات الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة يشعرون بنتائج سياسة الضم الإسرائيلية، بعد تحويل مدنهم وبلداتهم إلى مناطق عازلة، بالإضافة إلى التوسع الاستيطاني وسياسة الإغلاقات التي تنتهجها تل أبيب.
مسؤول بمنظمة التحرير الفلسطينية قال للأناضول إن مخطط السيطرة على الضفة الغربية ليس جديدا بل متجذر، وتسعى إسرائيل اليوم لتطبيقه، فيما أشار مسؤول آخر بالمنظمة إلى أن تل أبيب نصبت 160 بوابة جديدة منذ بدء الإبادة الجماعية بقطاع غزة.
فيما قال خبير فلسطيني إن إسرائيل تسعى إلى تحويل الأراضي الفلسطينية إلى جيوب صغيرة، سعيا منها لتصفية القضية.
وفي 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم إدراج قضية ضم الضفة ضمن جدول أعمال حكومته، بعد تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهامه في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وبالنظر إلى خريطة الضفة الغربية، تبدو إسرائيل مسيطرة على غالبية أراضيها، وتقسم المناطق الفلسطينية إلى معازل عبر كتل استيطانية وبوابات وحواجز.
وفي 19 يوليو/ تموز الماضي شددت محكمة العدل الدولية على أن للفلسطينيين الحق في تقرير المصير، وأنه يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة.
وأضافت أن السياسات والممارسات الإسرائيلية ترقى لضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأنها غير مقتنعة بأن توسيع القانون الإسرائيلي ليشمل الضفة والقدس الشرقية "له ما يسوغه".
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، قال إن "الاحتلال الإسرائيلي يقوم حاليا بكل ما من شأنه تهجير الشعب الفلسطيني، وتحويل أماكن سكنه إلى معازل".
وأشار أبو يوسف إلى أن "القرار سياسي اتخذ في إسرائيل وأعطي الضوء الأخضر والدعم لعصابات المستوطنين (الإسرائيليين) لفرض وقائع جديدة عبر السيطرة على الأراضي والقتل والتدمير والتنكيل، لتنفيذ المخطط الصهيوني الاستعماري".
وبشأن تقطيع أوصال الضفة، أكد المسؤول الفلسطيني أن "إسرائيل عملت على قطع التواصل الجغرافي بالضفة، وفرضت عليها الحصار، إما بالمستوطنات أو بالحواجز العسكرية والبوابات".
وأشار إلى أن إسرائيل "ارتكبت جريمة تطهير عرقي في المناطق البدوية، عبر طرد البدو وتجمعاتهم بهدف السيطرة عليها".
وتهدف إسرائيل، بحسب أبو يوسف، إلى تصفية القضية الفلسطينية وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وتقويض عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وضرب التمثيل الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير، بهدف منع إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.
واعتبر أن "مخطط السيطرة على الضفة الغربية وتحويل حياة الفلسطيني إلى معازل مخطط إسرائيلي قديم جديد".
وفيما يتعلق بخطوات المخطط، أوضح أبو يوسف: "عملت إسرائيل على فصل القدس عن الضفة الغربية، عبر بناء تجمعات استيطانية في محيطها، واليوم تحول الضفة إلى معازل".
في السياق، قال مدير التوثيق بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير أمير داوود، إن إسرائيل ومنذ اليوم الأول لاحتلالها الضفة الغربية بدأت بعملية الضم الفعلي.
وأضاف أن كل الإجراءات على الأرض تؤشر الى أن عملية الضم لم تتوقف، بالإضافة إلى عمليات التوسع ومصادرة الأراضي، وفرض الإجراءات الإسرائيلية وآخرها تكثيف منظومة الإغلاق".
وأشار داوود إلى أن "منظومة الإغلاق الإسرائيلية بالضفة لا تتوقف عن التحكم في كل مفاصل الحياة اليومية، من اقتصادية واجتماعية ومعيشية، وترسم حدودا جديدة".
وهذا ما يهدف إلى "تحويل الوجود الفلسطيني إلى معازل كانتونات، إذ لا توجد محافظة فلسطينية أو مدينة أو قرية متصلة مع أخرى، وفي كل محافظة تم تصميم منظومة إغلاق خاصة بها، ما جعل الوجود الفلسطيني مقسما إلى معازل"، وفق داوود.
المسؤول الفلسطيني أوضح أنه "بنظرة على خريطة الضفة تدرك فكرة الكانتونات التي تضاف إليها مصادرة الأراضي وتمهد لبناء استيطاني".
وفيما يتعلق بالتداعيات، قال داوود: "بتنا نعيش النتائج في الضفة الغربية، المحافظات عبارة عن جزر معزولة، وإسرائيل تسيطر على المواقع الاستراتيجية بالضفة".
وعن التصريحات الإسرائيلية بشأن ضم الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، أضاف: "كل القوانين والمشاريع التي تناقش وتعتمد في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) تؤدي إلى الضم بشكل أو بآخر".
وفي ذات الإطار، لفت داوود إلى أن "السلطات الإسرائيلية ومنذ 20 عاما لم تلغ فكرة الحواجز العسكرية في الضفة الغربية، وأبقت على البوابات الحديدية رغم فتحها".
وعن بدء الإبادة الإسرائيلية بغزة، قال داوود: "بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 زادت الحواجز العسكرية والبوابات بشكل كبير، أُضيفت 160 بوابة جديدة، وما يجري اليوم هو تشديد وتكثيف لما هو موجود سابقا".
وأكد أن "هذا يعني أن الضفة الغربية باتت محكومة بسياسة الإغلاق الإسرائيلية، والحواجز ليست فقط للتحكم بحياة الناس، بل تفرض معان جديدة للسيطرة على مناحي الحياة، وخلق منظومة جغرافية جديدة، ألا وهي المعازل".
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية)، فإن عدد الحواجز الدائمة والمؤقتة من بوابات وحواجز عسكرية أو ترابية التي تقسم الأراضي الفلسطينية وتفرض تشديدات على تنقل الأفراد والبضائع، بلغت 872 حاجزا.
أما الخبير الفلسطيني بشؤون السياسة والاستيطان إسحاق جاد، فقال إن إسرائيل "تنفذ خطة لتقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى جيوب صغيرة، وتنتظر وصول ترامب للحكم لضم الضفة كاملة أو مساحات كبيرة منها".
وأضاف جاد، وهو مدير معهد "أريج" للأبحاث، أن "إسرائيل تطبق في الضفة خطة لحسم الصراع وليس إدارته، وباتت تسيطر على 80 بالمئة من المنطقة "ج"، والتي تبلغ 61 بالمئة من مساحة الضفة".
وصنفت اتفاقية "أوسلو 2" عام 1995 أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" ويفترض أن تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، وتقدر بنحو 21 بالمئة من إجمالي مساحة الضفة، و"ب"، وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، وتُقدر بنحو 18 بالمئة من مساحة الضفة، بينما تخضع المنطقة "ج" لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، ويُحظر على الفلسطينيين إجراء أي تغيير أو بناء فيها إلا بتصريح رسمي إسرائيلي.
ورجح الخبير استمرار الحكومة الإسرائيلية الحالية بمحاولة إلغاء القضية الفلسطينية، وتحويل المناطق إلى جيوب صغيرة فيها سكان بدون أرض.
وفي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش إنه أصدر تعليماته لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية (تتبعان وزارة الدفاع) لبدء "عمل أساسي مهني وشامل لإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة" على الضفة الغربية.
وتعهد سموتريتش، بأن يكون "2025 عام السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وبموازاة الإبادة بغزة منذ 7 أكتوبر 2023، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل 805 فلسطينيين وإصابة نحو 6 آلاف و450، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
فيما خلّفت الإبادة الإسرائيلية بغزة بدعم أمريكي أكثر من 150 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.