نازحات فلسطينيات من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة في أحاديث: - آمنة حسين: خرجنا مجبورين مقهورين تاركين خلفنا رجالنا قيد التحقيق لدى الجيش الإسرائيلي - إيمان المصري: على طريق النزوح احتجز الجيش نساء وأطفال لنحو ساعتين والجنود شتمونا وأرعبونا - نغم البسيوني: أيام الحصار كانت قاسية جدا عانينا من قلة الماء والطعام، ورغم ذلك قررنا الصمود
على وقع قصف إسرائيلي وإبادة جماعية وتجويع وحصار، اضطر آلاف الفلسطينيين ببلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة للنزوح بعد اقتحام الجيش آخر مراكز الإيواء واشتداد العملية العسكرية المستمرة منذ 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
المواطنون خرجوا من البلدة عبر حاجز نصبه الجيش الإسرائيلي، وهناك اعتقل الشبان والرجال الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاما واقتادهم التحقيق، فيما واصلت النساء والأطفال طريقهم إلى مدينة غزة، قاطعين مسافة تزيد عن 10 كيلومترات مشيا على الأقدام.
وطوال شهرين، صمد المواطنون شمال القطاع تحت القصف والقتل والتجويع، ورفضوا الانصياع لأوامر الجيش بالنزوح والتهجير، لكن الأهوال والفظائع التي مروا بها أجبرت الآلاف منهم على مغادرة المنطقة.
وحتى الاثنين، وخلال 60 يوما من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي قتل وفقد أكثر من 3700 فلسطيني شمال القطاع، فضلا عن إصابة نحو 10 آلاف واعتقال 1750، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
تهجير قسري
الفلسطينية آمنة حسين، نزحت برفقة 4 من أطفالها إلى مدينة غزة، تقول للأناضول: "خرجنا مجبورين مقهورين تاركين خلفنا رجالنا قيد التحقيق لدى الجيش الإسرائيلي".
وتضيف: "اضطررنا للنزوح بعدما حاصرتنا الدبابات الإسرائيلية وصعدت من قصفها تجاهنا في مراكز الإيواء والمنازل المحيطة بها".
وتوضح حسين أن "معظم من تبقى شمال قطاع غزة تجمع خلال الأيام الماضية في مجمع مدارس أبو تمام ببلدة بيت لاهيا كملاذ أخير للنزوح".
ولكن "الجيش الإسرائيلي استغل تجمع الناس في تلك المدارس وتقدم نحوهم ليلاً وأجبرهم على النزوح قسرياً مع بزوغ صباح الأربعاء"، بحسب آمنة.
والأربعاء، قال شهود عيان للأناضول إن الجيش الإسرائيلي أنذر الفلسطينيين بإخلاء فوري لمدارس أبو تمام التي تؤوي نازحين، وذلك عبر مكبرات صوت مثبتة على طائرات مسيرة من نوع "كواد كابتر"، مهددا بإخلاء المدارس بالقوة.
وأوضح الشهود أن آلاف النازحين بدأوا بإخلاء المدارس تحت تهديد القصف الإسرائيلي، ما أثار حالة ذعر وخوف بصفوفهم.
وفي 5 أكتوبر الماضي اجتاح الجيش الإسرائيلي مجددا شمال القطاع، فيما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب باحتلاله وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
اعتقال وترهيب إسرائيلي
من جهتها، تقول الشابة إيمان المصري التي وصلت برفقة عائلتها إلى مدينة غزة نازحة من بيت لاهيا، إنهم خرجوا مكرهين من منزلهم القريب من مراكز الإيواء.
وتوضح للأناضول أن جيش الاحتلال اعتقل والدها وأشقاءها الثلاثة للتحقيق والفحص، وحتى الآن لا يعلمون شيئاً عن مصيرهم.
وتضيف: "أنا وأمي وشقيقاتي قلقات جداً على مصيرهم. مضى على احتجازهم مع مئات النازحين عدة ساعات ولم نسمع عنهم خبرا إلى الآن".
وتتابع: "في طريق النزوح احتجز الجيش الإسرائيلي النساء والأطفال لنحو ساعتين، وقام الجنود بشتمنا وأطلقوا النار في الجو بكثافة لكي يخيفونا".
وتردف إيمان: "بعد ذلك سمحوا لنا بالمغادرة من أمام الآليات الإسرائيلية، كان الوضع صعباً والطريق سيئة والجميع يبكي قهراً وخوفاً".
جوع وعطش ونزوح
وعائلة البسيوني المكونة من 8 أفراد عاشت الجوع والعطش، متنقلة من مركز إيواء إلى آخر رافضة النزوح منذ 60 يوما.
لكن العائلة اضطرت أخيرا للنزوح بعد أن اعتقل الجيش الإسرائيلي الأب والأبناء واقتادهم للاحتجاز والمصير المجهول.
نغم البسيوني تقول للأناضول: "أيام الحصار كانت قاسية جداً، عانينا فيها من قلة الماء والطعام وكنا نخاف أن نموت جوعا".
وتردف: "رغم كل ذلك قررنا الصمود، لكن ما حصل اليوم والليلة (الأربعاء) لا يحتمل، والاستهدافات كانت أكثر من كل مرة وخطيرة جدا".
وتزيد: "اضطررنا للخروج على وقع القصف وإطلاق النار وحصار الآليات"، مبينةً أن الجيش الإسرائيلي الذي يدعي الإنسانية يتعمد إذلال الناس والنازحين في طريقهم، ويوجه الشتائم للنساء ويعتدي على الرجال دون مراعاة للقوانين الدولية.
ودعت نغم "العالم إلى التحرك تجاه أفعال الجيش الإسرائيلي ووقف كل أعمال القتل والإجرام التي يمارسها بحق الفلسطينيين في شمال قطاع غزة".
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 150 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.