ضربة إيران الثانية للاحتلال.. تأثيرها واختلافها عن سابقتها

12:3010/10/2024, الخميس
الأناضول
حسن الدعجة أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال
حسن الدعجة أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال

حسن الدعجة أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال بالأردن: - إيران اتبعت في الضربة الثانية على إسرائيل مسارا أكثر تعقيدا مقارنة بالأولى - طهران تهدف من هذه الضربات لتعطيل قدرة إسرائيل على الردع العسكري الفوري اللواء الطيار المتقاعد سليمان منيزل: - الرد الإسرائيلي قادم لا محالة وأرجح أن يكون عبر الصواريخ بالدرجة الأولى - أرجح أن يكون الرد الإسرائيلي محدودا وأستبعد فكرة الأهداف النووية في الهجوم


يترقب العالم هجوما من تل أبيب على إيران بعد أن شنت الأخيرة هجوما صاروخيا على إسرائيل مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري انتقاما لاغتيال إسماعيل هنية وحسن نصرالله، ويعتقد مراقبون أن الأمر بات قريبا وسط تأكيدات من تل أبيب بحتميته.

وفي الأول من أكتوبر الجاري شنت إيران هجومها الثاني على إسرائيل خلال العام 2024، واستخدمت فيه أكثر من 180 صاروخا، وذلك ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية بطهران، والأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في بيروت ومجازر إسرائيل بغزة ولبنان.

وكان الهجوم الأول في 13 أبريل/ نيسان الماضي، حيث شنت إيران أول هجوم مباشر في تاريخها على إسرائيل، حمل اسم "الوعد الصادق"، أطلقت خلاله مسيرات وصواريخ بالستية من أراضيها، ردا على استهداف قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق، أسفر عن مقتل قادة وأفراد بالحرس الثوري مطلع الشهر ذاته.

وفي 19 أبريل أعلنت إيران أن انفجارات وقعت وسط البلاد، فيما تحدث مسؤولون أمريكيون كبار عن هجوم إسرائيلي ردا على الهجوم الإيراني غير المسبوق ضد إسرائيل وقللت طهران آنذاك من تأثير الانفجارات دون أن توجه اتهاما مباشرا لإسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها عنها.

وأثار الهجوم الإيراني الثاني جدلا واسعا بين أوساط المحللين العسكريين والسياسيين، حول مدى تأثيره على المواقع التي استهدفها.

لكن التساؤل الأبرز هو ما آثاره أصحاب الرأي المتمثل باختلاف الهجوم عن سابقه في أبريل، وذلك على صعيد المسارات والأهداف والنتائج وغيرها من النقاط التقنية.

وتعليقاً على ذلك، استطلع مراسل الأناضول رأي خبير استراتيجي، وآخر عسكري، عن ماهية تفاصيل الضربة، وشكل الرد الإسرائيلي المتوقع.

مسار أكثر تعقيدا

حسن الدعجة، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال بالأردن (حكومية) قال: "إن إيران اتبعت في الضربة الثانية مسارا أكثر تعقيدا مقارنة بالأولى، باستخدام صواريخ بعيدة المدى ودقيقة التوجيه، من الناحية العملياتية".

وأضاف: "التقارير تشير إلى أن الصواريخ أطلقت من عدة مواقع داخل إيران وخارجها، عبر وكلاء في المنطقة مثل حزب الله اللبناني أو الفصائل العراقية، مما يعكس تنسيقا عسكريا أكبر وتوسيع نطاق المواجهة".

واستدرك الدعجة: "هذا الانتشار في الإطلاق يعقد الدفاعات الإسرائيلية، ويظهر أن إيران باتت أكثر براعة في استخدام أدواتها العسكرية عبر المنطقة".

وبيّن أن "الأهداف في الضربة الثانية كانت أكثر دقة وتركيزا على مواقع عسكرية حساسة بالنسبة لإسرائيل، مثل أنظمة الدفاع الجوي، محطات الرادار، ومراكز القيادة والسيطرة".

ولفت إلى أن "هذا التحول يعكس استراتيجية جديدة من جانب إيران، التي تسعى الآن إلى إلحاق ضرر مباشر بالبنية التحتية العسكرية الحيوية لإسرائيل بدلاً من استهداف أهداف رمزية أو أقل أهمية".

تعطيل الردع الفوري

واعتبر أن "إيران تهدف من خلال هذه الضربات إلى تعطيل قدرة إسرائيل على الردع العسكري الفوري، مما يعزز قدرتها على التأثير في مسار الصراع".

وأوضح الدعجة أنه "رغم نجاح الدفاعات الإسرائيلية في اعتراض بعض الصواريخ، كشفت الضربة الصاروخية الثانية عن نقاط ضعف جوهرية في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، خصوصا فيما يتعلق بسرعة استجابته لهجمات متعددة الاتجاهات وفي وقت متزامن".

ورأى أن "هذا الأمر يزيد من القلق داخل الدوائر الإسرائيلية حول قدرتها على التعامل مع هجمات مستقبلية مماثلة، مما يُضعف فعالية الردع الإسرائيلية ويفتح المجال أمام تصعيد أكبر في الصراع".

وأردف: "على الجانب الآخر، عززت إيران من موقعها كقوة إقليمية قادرة على توجيه ضربات معقدة ودقيقة، معتمدة على تنسيق مع حلفائها الإقليميين وتبني استراتيجيات غير تقليدية لإضعاف قدرات خصومها بصورة ملحوظة".

حفظ المصالح

من جانبه، يقول اللواء الطيار المتقاعد سليمان منيزل، إن "إيران كانت مجبرة على الرد لحفظ ماء الوجه"، مشيراً إلى أن "الحديث الإسرائيلي عن اعتراض الصواريخ كان مبالغا فيه".

وأكد على ما أسماه "وجود تعتيم إعلامي إسرائيلي لأثر الهجوم"، مبينا أن "عدم سقوط قتلى يعود إلى التزام الإسرائيليين بتعليمات حكومتهم والاختباء بالملاجئ وقت الهجوم".

وعن مسارات الصواريخ واختراقها أجواء دول عدة بالمنطقة قال منيزل وهو سفير أردني سابق: "إسرائيل وإيران لا يأبهان لذلك، ولا ينتظران إذنا من أحد، فتل أبيب وطهران يهدفان بالدرجة الأولى للدفاع عن مصالحهما".

وشدد منيزل على أن "الرد الإسرائيلي قادم لا محالة"، مرجحاً أن يكون "عبر الصواريخ بالدرجة الأولى، إضافة إلى احتمالية استخدام الطيران فيه".

إلا أنه "استبعد فكرة الطيران"، مرجعا ذلك إلى أنه "يحتاج إلى الاستعانة بدولة عربية للقيام بذلك، وهو ما لن يسمح به من أي طرف عربي".

وعن نظام الدفاع الجوي في إسرائيل أوضح منيزل أنه "مضبوط أوتوماتيكا؛ أي أن دفاعاتها لا تحتاج إلى كبسة زر، وإنما تنطلق فورا عبر حساسات".

وأكد أن إسرائيل "هي من تصدت لبعض الصواريخ الإيرانية عبر مضاداتها، وشاركهم الأمريكيون من البحر المتوسط، وهو أمر لا يحتاج أو لا يرتبط بمجالات جوية، ولكن بدرجة حرارة الأجسام الطائرة".

رد إسرائيلي محدود

ورجح الخبير العسكري أن "يكون الرد الإسرائيلي محدودا، وسيكون بدور أمريكي استخباراتي يحدد لها الأهداف"، متوقعا أن يكون ذلك "جزئية تختلف عليها واشنطن وتل أبيب وسط طموح كبير للأخيرة".

وقلل من فكرة "الأهداف النووية" في الهجوم، معتبرا أن "المخاطر ستطال الاقتصاد العالمي بأكمله إن تم استهداف المنشآت النفطية، لا سيما مع ضغوطات تعيشها واشنطن مع أوروبا في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة مع حلول فصل الشتاء وحاجتهم للطاقة".

وانطلق بذلك إلى ما وصفه بـ"سياسة أمريكا في المنطقة هي عملية احتواء للأزمات وإداراتها، وكل من تل أبيب وإيران تعرفان حدودهما، وليس من مصلحتهما حدوث حرب إقليمية شاملة".

وتشهد منطقة الشرق الأوسط، توترات متصاعدة منذ إعلان إيران شن هجومها الثاني بالصواريخ على أهداف حيوية إسرائيلية مطلع أكتوبر.

وكانت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية قالتا في حينه إنهما تمكنتا من اعتراض غالبية الصواريخ والمسيرات التي أطلقتها إيران.

وتقول تل أبيب إنها تعتزم توجيه ضربة عسكرية لإيران بعد الهجوم الصاروخي، وسط دعوات لضبط النفس وعدم توسيع نطاق الحرب.

والثلاثاء، طالبت المعارضة الإسرائيلية حكومة بنيامين نتنياهو بمهاجمة البرنامج النووي ومنشآت النفط الإيرانية.

وسبق أن توعدت الحكومة الإسرائيلية بشن "هجوم قوي" على إيران "قريبا"، لكنها لم تحدد موعده أو الأهداف التي سيطولها.

وثمة مخاوف في إسرائيل والعالم من أن يؤدي الرد على إيران إلى حرب إقليمية واسعة.

يأتي ذلك بينما تشن إسرائيل عدوانا على لبنان، حيث قتلت 2141 شخصا وأصابت 10 آلاف و99 منذ بداية القصف المتبادل مع "حزب الله" في 8 أكتوبر 2023 إسنادا لقطاع غزة، بينهم 1323 قتيل و3698 جريحا وأكثر من 1.2 مليون نازح، منذ أن بدأت تل أبيب حربها على لبنان في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي وحتى مساء الأربعاء.

ويرد "حزب الله" يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 139 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وآلاف المفقودين، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

#إسرائيل
#إيران
#غزة
#لبنان