صادق مجلس الوزراء الجزائري، مؤخرا، على مشروع قانون المحروقات، وسط مخاوف من إهداره الثروة النفطية لصالح الشركات الأجنبية، ومطالبات بإرجاء الموافقة عليه لحين انتخابات مؤسسات ذات شرعية مستدامة.
ونظم جزائريون احتجاجات مناوئة لمشروع القانون، في مناطق متفرقة من البلاد مطالبين بإرجاء الموافقة عليه لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد في 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وطرحه للنقاش قبل المصادقة عليه.
وبرأي المحتجين، فإن الحكومة الحالية جاءت لتصريف الأعمال، ولا يحق لها الفصل في قضية مصيرية مثل قانون المحروقات.
بينما اتهم معارضو تعديل القانون، الحكومة، "بمحاولة بيع مقدرات البلاد من النفط والغاز للشركات الأجنبية".
بدوره، أعلن رئيس الحكومة السابق والمرشح الرئاسي، علي بن فليس، في بيان صحفي رفضه لطرح قانون وملف المحروقات، دون حوار شامل واستشارات موسعة مع كل الفعاليات المكونة للشعب، لأنه "ملف استراتيجي ومصيري بالنسبة إلى الشعب وللبلد".
** القانون الجديد
تضمن نص مشروع القانون الجديد الذي اطلعت "الأناضول" على نسخة منه، تسهيلات وإعفاءات ضريبية للشركات المستثمرة في نشاط المنبع (مرحلة البحث والاستكشاف).
وألغى القانون، ضريبة الرسم على القيمة المضافة (تقدر بـ 19 بالمائة) على الشركات خلال مرحلة البحث والاستكشاف، وأسقط عنها ضريبة الرسم على النشاط المهني، كما أعفاها من الرسوم والضرائب والحقوق الجمركية على واردات السلع والتجهيزات.
وحذف القانون الرسوم البنكية المتعلقة بعمليات استيراد خدمات وسلع موجهة لأنشطة المنبع (الاستكشاف والبحث والتنقيب).
وحافظ القانون على قاعدة 51/49 المتعلقة بالشراكة الأجنبية، ومنح الحق للدولة الجزائرية من خلال شركة سوناطراك بممارسة حق الشفعة لإبطال عمليات بيع أو نقل أصول وحصص شركات الأجنبية في عقود نفطية وغازية، لصالح شركات أخرى أجنبية.
وحق الشفعة في الجزائر، قانون أقر قبل عقد، يتيح للدولة التدخل ومنع بيع أصول شركات أجنبية أو محلية لجهات أخرى أجنبية أو محلية خاصة، ويمنح الحق للدولة بشرائها.
وتضمن القانون، تمديدا لآجال البحث والاستكشاف من 2 إلى 7 سنوات، بينما تصل فترة استغلال الحقوق 32 سنة للنفط و35 للغاز، ما بين مراحل البحث والاستكشاف والتطوير وصولا إلى الاستغلال.
ووردت بنود ضمن القانون، تفتح الباب أمام رفع أسعار الوقود (ديزل وبنزين)، بخلاف ما دأبت عليه الحكومة منذ عقود، ما جعل سعر الوقود في الجزائر من بين الأقل ثمنا في العالم.
ونص القانون على الأولوية في منح عقود المناولة (عقود فرعية بالمشاريع النفطية والغازية)، لشركات محلية جزائرية، إضافة إلى أولوية التوظيف لليد العاملة المحلية خصوصا نشاط البحث والاستكشاف.
** تطمينات حكومية
ودافع وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب عن مشروع القانون، مؤكدا أنه "يمثل ثمرة خبرات وطنية 100 بالمئة وليس هناك أي تخوف على اقتصاد البلاد".
وقال في تصريحات صحفية، إن مشروع القانون "يحافظ على سيادة الدولة على قطاع المحروقات خصوصا انه أبقى على قاعدة 51/49 للشراكة مع الأجانب".
** مشكلة التوقيت
ويرى كمال رزيق، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد (جزائري)، أن ما ساهم في هذا الجدل الذي تعيشه الجزائر، هو توقيت طرح القانون للتعديل، رغم أنه يتعلق بأهم قطاع في البلاد على الإطلاق الذي يمثل 94 بالمائة من الإيرادات المالية الأجنبية.
ويقول رزيق للأناضول: "كان من الأفضل إرجاء القانون لما بعد الانتخابات الرئاسية".
وترى الحكومة الحالية أن الرئيس المقبل للبلاد، سيستغرق وقتا لاعتماد القانون بالنظر للأجندة السياسية والتغييرات التي سيباشرها عقب انتخابه، ومن غير الممكن أن تنتظر شركة سوناطراك سنة أو سنتين لإقرار النص الجديد.
ويشير الخبير الاقتصادي، إلى وقوع الحكومة في مشكلة أخرى وهي "عدم اعتماد استراتيجية تواصل كافية حول هذا القانون، رغم حساسيته وأهميته الكبرى".
"الحكومة لم تتواصل بالشكل المطلوب حول هذا القانون في وسائل الإعلام، ولم تنظم نقاشات حوله مع الخبراء والمختصين".
واعتبر رزيق أن هناك أطرافا (لم يسمها)، بعد أن فشلت في حشد الدعم لمقاطعة الانتخابات وجدت فرصة سانحة من خلال هذا القانون للترويج لمعلومات خاطئة انتشرت على نطاق واسع عبر الشبكات الاجتماعية.