الصهاينة.. تجسيد للاستعمار العدواني

08:4514/11/2024, الخميس
تحديث: 14/11/2024, الخميس
سلجوك توركيلماز

على مدى قرن كامل، واجه الفلسطينيون العدوان الإسرائيلي المدعوم من بريطانيا والولايات المتحدة، واستطاعوا تحويل فلسطين إلى قضية عالمية. وبتعبير أدق بدأت القضية الفلسطينية كحركة مقاومة ضد الاستعمار البريطاني وتطوّرت بفعل هذه المقاومة عبر الزمن. ورغم تغير مصادر التحفيز والدوافع بمرور الزمن، انتقلت روح المقاومة من جيل إلى آخر، مما أسهم في تحويل فلسطين إلى قضية عادلة بعد رحيل الشخصيات المؤسسة مثل الحاج أمين الحسيني وعز الدين القسام، استلهم المناضلون الفلسطينيون الأفكار القومية والماركسية، حيث اتخذوا

على مدى قرن كامل، واجه الفلسطينيون العدوان الإسرائيلي المدعوم من بريطانيا والولايات المتحدة، واستطاعوا تحويل فلسطين إلى قضية عالمية. وبتعبير أدق بدأت القضية الفلسطينية كحركة مقاومة ضد الاستعمار البريطاني وتطوّرت بفعل هذه المقاومة عبر الزمن. ورغم تغير مصادر التحفيز والدوافع بمرور الزمن، انتقلت روح المقاومة من جيل إلى آخر، مما أسهم في تحويل فلسطين إلى قضية عادلة بعد رحيل الشخصيات المؤسسة مثل الحاج أمين الحسيني وعز الدين القسام، استلهم المناضلون الفلسطينيون الأفكار القومية والماركسية، حيث اتخذوا موقفًا مناهضًا للاستعمار على غرار الشخصيات المؤسسة. وقد وتبلورت الأسس الفكرية والمفاهيم الرئيسية للقضية الفلسطينية في ستينيات القرن العشرين. واليوم، رغم تعرض الفلسطينيين لخطر الإبادة الجماعية، إلا أنهم نجحوا في نقل قضيتهم إلى العالم بأسره، ولولا هذا الإرث التاريخي، لما حظي الفلسطينيون بهذا التقدير العالمي. لقد حرر الفلسطينيون العالم من شبح الخوف من بريطانيا، الولايات المتحدة، وإسرائيل.

في المراحل الأولى من ظهور قضية فلسطين، وصف المستشرقون الفلسطينيين بأوصاف مثل "همجيين" و"غير متحضرين". ومع مرور الوقت أصبح مصطلح "الإرهاب" هو الأبرز في توصيفهم، خاصة في سبعينيات القرن الماضي حيث أصبح هذا المصطلح أكثر شيوعاً. ومع تغير الجماعات الفلسطينية، تغيرت المصطلحات التي استخدمها المستشرقون، إلا أن الفلسطينيين استطاعوا أن يُظهروا للعالم رفضهم التخلي عن وطنهم مهما كان المسمى الذي يُطلق عليهم. ومع بداية سبعينيات القرن العشرين، بدأ ربط الإسلام بالإرهاب، خاصةً بعد ظهور تنظيمات إسلامية مثل حركة الجهاد الإسلامي في ساحة القضية الفلسطينية. ومع استمرار الفلسطينيين في مقاومتهم للاستعمار البريطاني والأمريكي التوسعي، اكتسبت القضية الفلسطينية أبعادًا مختلفة. ويمكن القول إن العامل الأهم الذي شكل تاريخ المقاومة الفلسطينية هو العدوان الاستيطاني الاستعماري لإسرائيل تحت حماية بريطانيا والولايات المتحدة، فقد تشكلت القضية الفلسطينية من خلال الردود التي قدمها الفلسطينيون على هذا العدوان، فيما ظل الدفاع عن الوطن هو السياق الثابت للنضال.

يكتسي الإلحاح على استخدام مفاهيم الدين والحضارة في الإعلام الغربي على نطاق واسع بعد تجدد انتفاضة حماس في السابع من أكتوبر أهمية بالغة. فإسرائيل في هذه الفترة أصرت على إبراز البعد الديني، إذ استغل الصهاينة اليهودية باستمرار لإثبات شرعيتهم في نظر الغرب. ولعلنا نلاحظ ذلك جلياً بعد الفوضى التي أحدثها مثيرو الشغب الصهاينة في أمستردام، حيث زعموا أن سكان أمستردام هاجموا مشجعي نادي مكابي تل أبيب بدافع معاداة السامية، مستخدمين مصطلح "البوغروم" في هذا السياق. وهي ادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولم يدافع عن مشجعي إسرائيل سوى قادة أوروبيين غربيين. إن ما نود التأكيد عليه هو لجوئهم المتكرر إلى الدين، وهو أمر يحتاج إلى تحليل دقيق باستخدام علم النفس. كما أن اعتبار حكومات هولندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة على رأسها أحداث أمستردام اعتداءً على اليهود أمر مثير للاهتمام. لكننا لا نحتاج إلى تحليل نفسي لفهم دوافع هذه الدول، بل يكفي أن ننظر إلى التاريخ الاستعماري لدول أوروبا الغربية.

لقد هاجم المشجعون الإسرائيليون في أمستردام من اعتقدوا أنهم مسلمين، سعياً لإظهار أن الصراع ذو بعد ديني، بينما الحقيقة أن دوافع العدوان الإسرائيلي هي طموحات استعمارية تتداخل مع مشكلات نفسية عميقة. ويتضح أن هذه المشكلات تتجدد كلما فشلوا في تحقيق أهدافهم.فقد صرحت غولدا مئير بأنها لن تسامح الفلسطينيين لأنها اضطرت لقتل أطفالهم بسببهم، معترفةً بأن قتلهم كان بسبب مقاومة الفلسطينيين، وموجهة اللوم إليهم. وبعد سنوات، نجد أنهم ما زالوا يقتلون الأطفال الفلسطينيين. والمثير للدهشة أن الصهاينة الأمريكيين يلقون باللوم على الفلسطينيين في مقتل المدنيين الفلسطينيين، تماماً كما اتهموا الهنود الحمر في أفلام الكاوبوي، حيث تم إلقاء اللوم على الهنود الحمر، الذين قاوموا الاستعمار الأوروبي في أمريكا الشمالية، وكانوا يدافعون عن أوطانهم.

ما يميز الصهاينة عن المستعمرين الأوروبيين هو استغلال الصهاينة لدينهم في كل مناسبة كأداة للمفاوضة. فهم مستعمرون استيطانيون، لكنهم يبرزون دائماً البعد الديني، وهو ما يستدعي تحليلاً نفسياً لفهمه.


#الصهاينة
#الاستعمار
#غزة
#القضية الفلسطينية
#المقاومة
#الاحتلال الإسرائيلي