مصيدة للاعتقال.. النزوح القسري من جحيم الإبادة شمال غزة بعيون ناجيتين

10:0423/10/2024, среда
الأناضول
مصيدة للاعتقال.. النزوح القسري من جحيم الإبادة شمال غزة بعيون ناجيتين
مصيدة للاعتقال.. النزوح القسري من جحيم الإبادة شمال غزة بعيون ناجيتين

الفلسطينيان ملك عليان وآية الطناني، وصلتا مدينة غزة قادمتان من مشروع بيت لاهيا، محملتان بثقل الأيام الـ18 من بدء الهجوم البري على المحافظة.. قالتا: - مررنا برحلة من العذاب والترهيب منذ خروجنا من بلدة بيت لاهيا تحت وطأة التهديد الإسرائيلي - الجيش الإسرائيلي أجبرنا على النزوح عبر ممر محدد لنصدم أنه وجههنا لمكان يجمع فيه كافة النازحين - الجيش تسبب بإبعاد أمهات عن أطفالهن بشكل قسري - وضع آليات عسكرية تسير مع أي شخص يحاول تغيير طريقه لدفعه إلى الالتزام بالطريق المحدد


نقلت فلسطينيتان ناجيتان من جحيم الإبادة الإسرائيلية في شمال قطاع غزة بعضا من شهادات وملامح 18 يوما عاشتها العائلات هناك تحت وطأة القصف المستمر والحصار والتجويع والعزلة.

الفلسطينيان ملك عليان وآية الطناني، وصلتا مدينة غزة قادمتان من مشروع بيت لاهيا، الثلاثاء، محملتان بثقل الأيام الـ18 وبملامح ذعر بدت واضحة على محياهما.

وتقول الفلسطينيان، في حديثين منفصلين للأناضول، إن "الحصول على العلاجات في الشمال أمر صعب، بينما يعيش السكان هناك تحت القصف المستمر والعنيف في وقت يصعب فيه انتشال الشهداء والجرحى".

وأوضحت الفلسطينيتان أنهما مرتا برحلة من العذاب والترهيب منذ خروجهما من بلدة بيت لاهيا تحت وطأة التهديد الإسرائيلي وحصاره إياهم بالنيران.

وأشارت الفلسطينيان إلى أن الممرات التي حددها الجيش في بداية الإخلاء القسري أفضت إلى منطقة محاصرة بآليات عسكرية وطائرات كواد كابتر جمّعوا فيها آلاف النازحين، ومن ثم أبقوا على الرجال وسمحوا للنساء بالمغادرة في إطار مسارات أخرى حددها لهم.

وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بدأ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في محافظة شمال القطاع، قبل أن يعلن في اليوم التالي عن بدء اجتياح لهذه المناطق، بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجير سكانها.

ويأتي ذلك في ظل عزلة عن العالم الخارجي فرضها الجيش الإسرائيلي على محافظة الشمال، حيث قطع الجمعة شبكة الاتصالات والإنترنت عنها.

**12 يوما من الإصابة

الشابة العشرينية ملك عليان، التي وصلت لتوها مستشفى المعمداني بمدينة غزة، تبدو عليها ملامح الإرهاق بينما تنهمر دموع الألم والخوف والقهر من عينيها.

تقول عليان، للأناضول، وهي بالكاد تلتقط أنفاسها، إنها أصيبت في قصف إسرائيلي في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ما تسبب بخلع في كتفها تحتاج على إثره تركيب بلاتين.

ورغم مرور 12 يوما على إصابتها، إلا أنها لم تتلق العلاج المناسب حيث بدت يدها من أسفل مفصل الكوع عليها جبيرة فقط.

وتحملت عليان خلال الأيام 12 الماضية عذاب ألم الإصابة وفقدان ابن وأخ، بالتزامن مع الحصار الإسرائيلي للشمال وما ترتب عليه من نقص في إمدادات الطعام والمياه والأدوية.

وتواجه مستشفيات شمال قطاع غزة حصارا إسرائيليا مشددا، ومنع الدخول والخروج منها، كذلك من وصول الأدوية والوقود إليها، ما يفاقم من التحديات والصعوبات في إنقاذ المصابين وانتشال القتلى.

**مصيدة للاعتقال

وعن لحظة إجبارهم على إخلاء المنطقة، تقول عليان إن الجيش أرسل طائرات كواد كابتر محملة بمكبرات صوت، أمرتهم بالإخلاء والتوجه نحو المستشفى الإندونيسي.

وبعد المعاناة التي عاشوها جراء الإبادة والتطهير العرقي في الشمال، جهزت عليان وباقي أفراد أسرتها أنفسهم وخرجوا باتجاه المسار المحدد حتى تفاجأوا بوجود آليات عسكرية وطائرات مسيرة في المنطقة التي طالبهم الجيش بالتوجه إليها.

هناك قسم الجيش الإسرائيلي وفصل الرجال عن النساء في مدرستي "الكويت الثانوية للبنات (حكومية)" خصصها للرجال، و"حمد (تابعة لوكالة أونروا الأممية)" خصصها للنساء، بحسب عليان.

وأضافت أن الجيش بعد ذلك بفترة وجيزة، أمر النساء بالسير عبر ممر حدده وترك الرجال داخل مدرسة الكويت، قائلة: "لا نعرف شيء عنهم".

و قالت عليان إن الأطفال الصغار ضاعوا عن أمهاتهم خلال النزوح بسبب حالة الفزع والرعب التي سادت آنذاك.

بينما تسبب الجيش الإسرائيلي قسرا بابتعاد أطفال عن أمهاتهم، وفق قول عليان، دون ذكر تفاصيل ذلك.

وأشارت إلى أنها ما زالت تجهل مصير والدها الذي أبقى عليه الجيش في مدرسة الكويت حينما سمح للنساء بإكمال النزوح.

**غارات عنيفة وإخلاء قسري

بدورها، تروي الفتاة آية الطناني 16 عاما، تفاصيل رحلة العذاب التي مرت بها خلال النزوح، وفقدان الاتصال بأفراد عائلتها بعد اعتقالهم من قبل الجيش الإسرائيلي.

تقول الطناني، وهي من سكان مشروع بيت لاهيا، للأناضول، إن الفترة التي سبقت إجبارهم على الإخلاء شهدت قصفا عنيفا للمنطقة، وهو استكمال للغارات التي تعيشها محافظة الشمال منذ 18 يوما.

وتابعت: "بعد قصف استهدف منزلا مجاورا من مكان إقامتنا، سمعنا أصوات صراخ من بينه صوت بدا عليه لابن يصرخ قائلا: والدتي لها نبض تعالوا وأنقذوها".

وأشارت إلى أنهم لم يتمكنوا من مساعدته بسبب توتر الوضع الأمني، لافتة إلى وجود عدد من القتلى في الشوارع بسبب القصف.

وقالت إن حالة من الذعر والخوف سادت آنذاك، ما دفع النازحين بالتوجه نحو الممر الذي حدده الجيش.

**مسار مرعب

تقول الطناني، التي سارت عبر ذلك الممر، إن وصولهم إلى منطقة المدرستين اللتين يتم فيهما فصل الرجال عن النساء كان "أمرا مرعبا وصادما".

وأضافت: "عندما وصلنا للمدرستين، أصبنا بالذعر والصدمة وكذلك باقي النازحين، مشهد المدرستين وهما ممتلئتان بآلاف الناس مخيف، خاصة وأن مصيرهم مجهول".

وفي وصفها للمدرستين، تقول الطناني إن المدرستين شهدتا حفريات كبيرة من الجيش الإسرائيلي كما ظهر عليها علامات الدمار من القصف والحرق.

وأشارت إلى أن الجيش وضع آليات عسكرية إلى جانب المدرستين تسير مع أي شخص يحاول تغيير طريقه، لافتة إلى أنها "طريقة ترهيب" تدفع النازحين للالتزام بالطريق المحدد.

وبعد ساعة قضتها الطناني وبقية النساء في ساحة المدرسة، سمح لهن الجيش بالمغادرة، بينما بدأوا بالنزوح في وقت كان فيه الرجال يخضعون لفحص أمني، وفق قولها.

وعن مصير الرجال، تقول الطناني إنها سمعت خلال فترة احتجازها بالمدرسة أن الجيش وضع على رؤوس بعض الرجال أغطية بيضاء وكبل أيديهم، لافتة إلى أن النازحين ذكروا أن هؤلاء مصيرهم "الإعدام الميداني"، دون التأكد من ذلك.

وفي ختام حديثها، طالبت الطناني بـ"إنهاء الحرب"، قائلة: "بات حلمي أن أعيش وأكمل حياتي التي كانت بالدراسة وتجاوز مرحلة الثانوية العامة، تعبنا من الحرب".

وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية على غزة، خلّفت 143 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

#إبادة
#شمال غزة
#فلسطين
#قطاع غزة
#ناجية