تُنحت في الصخور.. جداريات فنية ضخمة تزيّن بلدة دورا الفلسطينية

10:2228/10/2020, الأربعاء
تحديث: 28/10/2020, الأربعاء
الأناضول
تُنحت في الصخور.. جداريات فنية ضخمة تزيّن بلدة دورا الفلسطينية
تُنحت في الصخور.. جداريات فنية ضخمة تزيّن بلدة دورا الفلسطينية

- لوحات فنية ضخمة منحوتة بالصخور في دورا بالضفة الغربية، تخلد شخصيات محلية ووطنية- اللوحات تخلد أيضًا شخصيات عالمية ناصرت القضية الفلسطينية أبدعها الفنان يوسف كتلو- كتلو: نعيد الاعتبار للرموز والأيقونات الفلسطينية والعالمية، وننقلها إلى الأجيال - سلهوب: كثير من الأعلام الذين قد تسقط أسماؤهم من كتب المؤرخين، يجب أن يكرموا وتحفظ سيرهم بجداريات

على بعد نحو خمسين كيلومترا جنوب القدس المحتلة، تستقبل بلدة "دورا" زائريها بتحف فنية فريدة، رسمها الفنان التشكيلي يوسف كتلو، ونحتتها أنامل بنائين مهرة من نفس البلدة.

فمن أصل 14 جدارية نفذها كتلو في الأراضي الفلسطينية كان لبلدته "دورا" غربي مدينة الخليل بالضفة الغربية حصة الأسد، بتصميم وتنفيذ 12 جدارية غاية في المهارة والحرفية والدقة والجمال.

"الجداريات، وإن اختلفت مسمياتها، فإن رسالتها واحدة للجيل المعاصر والأجيال القادمة وتتلخص بأن هذه الأرض لأصحابها، والغرباء زائلون (..)، هذه دروس التاريخ"، بحسب ما يقول كتلو للأناضول.

والجدارية رسم فني يستغرق وقتا طويلا، ويتضمن شخصيات ورموز وإيماءات يتم نحتها بدقة عالية على قطع صخرية صلبة وصغيرة، وتركب إلى جانب بعضها لتعطي الصورة كاملة.

** شخصيات ودلالات

وتختلف مقاسات جداريات كتلو في دورا، لكن أكبرها لوحة ناجي العلي على جدار مدرسة في البلدة بطول نحو 10 أمتار، وارتفاع 3 أمتار.

أما عناوين تلك الجداريات فهي إما شخصيات محلية أو وطنية تتضمن مناضلين، ومقاومين، وأدباء، ومثقفين، أو شخصيات عالمية ناصرت القضية الفلسطينية.

ويحرص الفنان كتلو على تدعيم لوحاته بنقوش، ورسوم لها دلالات تاريخية كالرموز الكنعانية والإسلامية، أو معاصرة تعكس حرف ومهن سكان البلدة حاليا وفي الماضي "وبقدر ما تثبّت الرواية الفلسطينية، تفند ادعاءات الاحتلال الذي سرق وتبنى كثيرا من الرموز الفلسطينية والكنعانية" وفق كتلو.

أول لوحة فنية تستقبل زائر البلدة جنوب غرب مدينة الخليل "لوحة الحلم الفلسطيني" على مدخل البلدة، وتزين قاعدتها أبيات للشاعر الفلسطيني ابن مدينة الناصرة توفيق زياد (1929- 1994)، تقول الأبيات:

كأننا عشرون مستحيل .. في اللد، والرملة، والجليل (مدن داخل أراضي عام 1948)

هنا .. على صدوركم، باقون كالجدار..

وفي حلوقكم .. كقطعة الزجاج، كالصبار

وفي عيونكم.. زوبعة من نار

وبخلاف باقي الجداريات، صممت جدارية "الحلم الفلسطيني" بشكل عمودي بارتفاع 18 مترا، تعلوها سارية تحمل علم فلسطين.

ثم يمر الزائر بجداريات لشخصيات فلسطينية تتضمن الشاعر محمود درويش، والشاعر توفيق زياد، والمناضل والمفكر ماجد أبو شرار، ثم جدارية رسام الكاريكاتير ناجي العلي في أعلى نقطة ببلدة دورا (ترتفع نحو 900 متر عن سطح البحر).

وغير بعيد عن جدارية ناجي العلي، يرى الزائر للبلدة جدارية "الحرية" متضمنة صور مناصرين للقضية الفلسطينية وهم الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، والزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، والثائر الأممي تشي جيفارا، والرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز، يتوسطهم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وإلى جنوب البلدة تقع جدارية المقاوم المحلي باجس أبو عطوان، وجدارية المقاوم شعيب العواودة على جدار مدرسة سميت باسمه، إضافة إلى 4 جداريات قيد التنفيذ.

** لا لكاتم الصوت

وجدارية "لا لكاتم الصوت" كناية عن الاغتيالات، أو "ناجي العلي" الذي اغتيل في العاصمة البريطانية لندن عام 1987، وهي أحدث هذه الجداريات وهي قيد الإنشاء.

وعنها يقول كتلو: "في جدارية فنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، استخدمت رموزا استخدمها هو، ومنها: حنظلة، وأبو محمود، وزينب، وفاطمة، وكلها أسماء العائلة الحنظلية التي كان ناجي يحكي باسمها، ولسانها عن فلسطين".

ويتابع: "ناجي ابتدع شخصية حنظلة، وهو ذلك الولد الشقي الظاهر في كل رسوماته، والذي قاله إنه أراد من ذلك تذكر طفولته، وألا تنسيه العواصم والحضارة، انحيازه للفقراء".

** عمق تاريخي

ويقول كتلو، إن جدارياته "تحكي عن بلدته دورا ذات الاسم الكنعاني بمعنى التلين، وعن فلسطين، وجذورها الضاربة في عمق التاريخ".

ويضيف: "أستخدم العنب الفلسطيني وأدوات العامل والمزارع، لنتذكر دورهم في الحياة وجذورنا الممتدة في التاريخ الكنعاني".

ويردف: "الاحتلال ليس له تاريخ، ويحاول محو التاريخ والرواية الفلسطينية باستخدام رموزنا أو تلك التي استخدمها الكنعانيون قبل 7 آلاف عام، ومنها النجمة السداسية، وعملة الشيقل".

ويتابع: "نحن نعيد الاعتبار للرواية الفلسطينية، ولهذه الرموز، والأيقونات الكنعانية الفلسطينية، وننقلها إلى الأجيال وللتاريخ مهما حاول الكيان الصهيوني العبث وتغيير الواقع".

أما عن الشخصيات المستخدمة في لوحاته فيقول كتلو: "هم مناضلون ومفكرون ومثقفون فلسطينيون، ضحوا لأجل وطنهم وتركوا أثرا يستحقون بموجبه التخليد، وشخصيات ساندت القضية الفلسطينية".

ويوضح أن الرموز المستخدمة "تعتمد على القصة المراد رسمها، فناجي العلي رسمتُ قصته وكيف ابتدع شخصية (حنظلة) الشاهد، والشهيد على النكبة الفلسطينية، الذي كان يرسمه على كل لوحاته".

ويشير كتلو، إلى أنه يريد أيضا "تخليد اسم فلسطين وقراها ومدنها في وقت تُشَن عليها حرب من قبل العرب والصهاينة لمحو هذه القضة وجعلها في النسيان".

ويشدد على أن "فلسطين هي فلسطين، ولن تزول القضية العادلة من أذهانا أبدا، لأنا أصحاب حق، وقضية عادلة".

ويلفت كتلو، إلى أن "تصميم الجداريات يمر بمراحل لوحات جاهزة الأولى التصميم، وتأخذ وقتا طويلا، ثم تنفيذ العمل على الحجر، ثم البناء والتركيب.

ووفق الفنان الفلسطيني، فإن "تكلفة كل جدارية تتراوح بين 30 و40 ألف دولار أمريكي، كلها يتبرع بها المجتمع المحلي".

** جهود مشتركة

وتتكاتف جهود الرسام الفلسطيني مع جهود البلدية والمجتمع المحلي، في مسعى مشترك لتحويل بلدته إلى معلم للجلب السياحي والثقافي، والتأكيد على عروبة وإسلامية المدينة.

ويقول رئيس بلدية دورا أحمد سلهوب، للأناضول: "دورا تمثل جدارية لها خصوصية في كل تفاصيلها: اجتماعيا، وسياسيا، وتاريخيا، وعشائريا، ونضاليا.. الخ".

ويضيف أن البلدة " التي يسكنها 105 آلاف نسمة، وبها 43 عشيرة، تخلد أبناءها الذين سبقوا للشهادة، والفعل الإيجابي، والخدمة الوطنية والمجتمعية، وأولئك الذين خدموا فلسطين، من داخل فلسطين أو خارجها".

ويردف سلهوب، "لدينا أيضا الكثير من الأسماء، والأعلام الذين قد تسقط أسماؤهم من كتب المؤرخين، ويجب أن يكرموا، وتحفظ سيرهم بجداريات، وتنقل للأجبال".

ويشيد سلهوب، "بتفاعل المجتمع المحلي في بناء الجداريات التي حولت البلدة إلى مزار".

ويتابع: "يكفينا شرفا أن أبناءنا ينظرون إليها كل صباح، ثم يقرأون أو يسألون عن شخصياتها".

#الخليل
#بلدة دورا
#جداريات
#فلسطين
#فن