يني شفق

بطموحات الشاب "وجيهي".. 100 عام على تحليق أول طائرة محلية تركية

16:3028/01/2025, الثلاثاء
الأناضول
بطموحات الشاب "وجيهي".. 100 عام على تحليق أول طائرة محلية تركية
بطموحات الشاب "وجيهي".. 100 عام على تحليق أول طائرة محلية تركية

- شهد يوم 28 يناير 1925 أول رحلة تجريبية للطائرة التركية المحلية "وجيهي ك-6" التي صنعها الطيار التركي وجيهي حرقوش وهو في الـ 29 من عمره - الطائرة صنعت خلال نحو عام باستخدام قطع من طائرات يونانية تم الاستيلاء عليها خلال حرب الاستقلال التركي - بدون تصريح رسمي، أجرى حرقوش أول رحلة لطائرته في 28 يناير 1925 فعوقب بخصم نصف راتبه والإقامة الجبرية مدة 10 أيام - خلال الاختبار بلغت سرعة الطائرة 200 كيلومتر في الساعة لمدة 15 دقيقة ** رئيس جمعية متحف الطيار وجيهي حرقوش، بهادر كورار: - في رحلة لم تتجاوز 15 دقيقة أجرى حرقوش اختبار التسارع وتقليل السرعة والمناورات والاستعداد للهبوط - في ذلك الوقت، كان تحليق طائرة يُعد معجزة، والهبوط بسلام يُعتبر معجزة ثانية - قيام حرقوش بهذه التجربة وإيصال الطائرة إلى سرعة 200 كيلومتر في الساعة، دون تصريح وإدراكه للمخاطر وتحمل التحديات والعقبات، خطوة شجاعة وبطولية وتضحية لا تُنسى

قبل مئة عام، وتحديدا يوم 28 يناير/ كانون الثاني عام 1925، حلّقت أول طائرة تركية محلية الصنع من طراز "وجيهي ك-6" (Vecihi K-6)، لتضع حجر الأساس في تاريخ الطيران المدني التركي.

هذا الإنجاز الذي تحقق على يد الطيار والمخترع التركي الشاب وجيهي حرقوش، البالغ حينها 29 عاما، لم يكن مجرد رحلة اختبارية، بل نقطة تحول ملهمة صنعت تاريخا وألهمت أجيالا لمواصلة الابتكار وتحقيق الأحلام رغم التحديات.

وفي رحلة مفعمة بالشغف والإصرار، نجح حرقوش في صناعة أول طائرة تركية بإمكانيات محدودة، ووسط عراقيل بيروقراطية، ليصبح بذلك رمزا للجرأة والابتكار في تاريخ الطيران التركي.

** نقطة الانطلاق

بدأ حرقوش في صناعة طائرة التدريب والاستطلاع "وجيهي ك-6" في 24 يونيو/ حزيران 1923 بمدينة إزمير التركية (غرب)، باستخدام قطع من طائرات يونانية تم الاستيلاء عليها خلال حرب الاستقلال (1919-1922).

وأكمل حرقوش صناعة الطائرة خلال عام تقريبا، لكنها لم تتمكن من الطيران مباشرة نتيجة عدم حصولها على التصريحات اللازمة من السلطات الرسمية.

ورغم العراقيل والصعوبات، أصر حرقوش على تحقيق حلمه، فأجرى أول رحلة لطائرته في 28 يناير 1925، في تمام الساعة الثالثة مساء، بمنطقة "غازي أمير" التي كانت تُعرف آنذاك باسم "سيدي كوي".

وخلال اختبار الطيران بلغت سرعة الطائرة 200 كيلومتر في الساعة، واستمرت الرحلة التجريبية 15 دقيقة، استقبله في نهايتها حشد من الأصدقاء والمواطنين في أجواء احتفالية تخللها التقاط صور تذكارية مع الطائرة وصانعها.

ورغم نجاحه، تعرض حرقوش لعقوبات رسمية نتيجة إجراء اختبار الطيران دون تصريح رسمي، وشملت العقوبات خصم نصف راتبه والإقامة الجبرية لمدة 10 أيام.

** حرقوش يروي قصته

روى رائد الطيران التركي وجيهي حرقوش قصة أول رحلة لطائرته المحلية "وجيهي ك-6" لمجلة "رسملي آي" التي كانت تصدر في تلك الفترة.

وفي عدد المجلة الصادر في أبريل/ نيسان 1925، كتب حرقوش مقالا بعنوان "كيف صنعت أول طائرة تركية وكيف كوفئت"، والذي نقلته إلى اللغة التركية المعاصرة الباحثة التركية نورسلي كورار.

وفي المقال، أشار حرقوش إلى أن "تركيا لم تكن تفتقر إلى الكفاءات القادرة على صناعة الطائرات"، وأنه استطاع بإمكانات محدودة صناعة طائرة تفوق نظيراتها من حيث الأداء.

وانتقد حرقوش بأسلوب مليء بالأسى، قرار السلطات عدم السماح بإجراء رحلة اختبار للطائرة، رغم منحه الإذن لصناعتها، واصفا نفسه وقتئذ بأنه كان في وضع يشبه "أبا يبكي بجوار طفله المريض المحكوم عليه بالموت".

وأشار إلى شعوره بالإحباط بسبب تأخر السلطات لأكثر من شهر في اتخاذ قرار بشأن رحلة الاختبار.

وأضاف: "كنت على وشك أن أفقد صوابي من شدة الألم. كان المفتشون يبالغون في الحرص، كأنهم يهتمون بحياتي أكثر مني. كنت واثقا تماما من طائرتي. لم يكن لدي أدنى شك في أنها ستنجح في الطيران، وقد أثبت ذلك بالأدلة الفنية لهيئة الخبراء".

وتابع: "لماذا لم يسمحوا باختبار هذا الإنجاز؟ لم أعد أتحمل المزيد. وفي أحد الأيام، أخرجت طائرتي إلى الميدان خلسة، ملأت خزان الوقود، وقفزت إلى داخلها، وأدرت المحركات ثم أقلعت".

وزاد: "كلما ارتفعت، شعرت بروحي تحلق، وكانت فرحتي بالنجاح تملأ صدري. أعتقد أن المخترعين الأوائل الذين طاروا بطائراتهم لم يشعروا بهذا القدر العميق من السعادة".

وأشار حرقوش إلى أن الرحلة التجريبية أثبتت قدرات طائرته للجميع، لافتا إلى أن هذا الإنجاز يعد "نقطة تحول في تاريخ الطيران المدني التركي".

** رائد الطيران المدني

وفي حديث للأناضول، قال رئيس جمعية متحف الطيّار وجيهي حرقوش، بهادر كورار،، إن حرقوش اشتهر بأنه صاحب "العديد من الإنجازات غير المسبوقة" في تركيا.

وأوضح أن صناعة الطائرة المحلية "وجيهي ك-6" كانت "نقطة البداية لرحلة تركيا في مجال صناعة الطيران المدني".

وأضاف كورار: "وجيهي ك-6 هي أول طائرة مدنية تركية بعد إعلان الجمهورية في عام 1923، حيث وجد حرقوش أن الوقت قد حان لتحويل أفكاره المتعلقة بالطيران إلى واقع ملموس".

** لجنة مختصة بلا قرار

وأوضح كورار أن حرقوش استلهم أفكاره لتطوير الطيران المدني من ظروف حرب الاستقلال ونقص المعدات، حيث أدرك أهمية استخدام الموارد المتاحة لتصنيع الطائرات التي تحتاجها البلاد.

وأضاف: "لاحظ وجيهي بيك وجود بعض القطع المتبقية من الطائرات اليونانية التي تم الاستيلاء عليها خلال الحرب، وبدأ يفكر في الاستفادة منها لصناعة طائرته، فقدم مشاريعه إلى المفتشية الجوية وحصل على الإذن لبدء العمل".

وتابع: "بدأت عملية التصنيع بتلك المواد. ومع ذلك، واجه حرقوش العديد من العقبات، حيث لم يكن الوضع الفكري أو المالي أو الرؤية العامة حينها مهيأة لدعم مثل هذا المشروع. ورغم بدء تصنيع الطائرة عام 1923 والانتهاء منها في 1924، لم يُمنح الإذن لإجراء الرحلات التجريبية".

وأردف: "وبما أن الطائرة لم تُحلّق، لم يكن بالإمكان وصفها رسميا بأنها طائرة. لذا، طلبت لجنة مختصة فحصها، لكن لم يتخذ القرار الذي يسمح للطائرة بإجراء الرحلة التجريبية".

** "معجزتان"

وأوضح كورار أن حرقوش بعد أن أدرك أنه لن يحصل على تصريح للطيران، قام بإجراء الاختبار دون تصريح.

وأضاف: "رغم أن مدة الرحلة لم تتجاوز 15 دقيقة، إلا أنه أجرى خلالها العديد من التجارب مثل التسارع وتقليل السرعة والمناورات والاستعداد للهبوط".

وزاد: "وبعد رحلة قصيرة، عاد حرقوش إلى المكان الذي أقلع منه. وفي ذلك الوقت، كان تحليق طائرة يُعد معجزة، والهبوط بسلام يُعتبر معجزة ثانية، ولكن تحت هذه الظروف تمكن وجيهي بيك في سن الـ 29 من صناعة أول طائرة مدنية تركية".

وقال كورار: "عندما عاد وجيهي بيك إلى منزله مساء، تلقى عقوبة بدلا من التكريم، في حين كان من المفترض أن يُحتفى به ويجري تكريمه باعتبار أن تلك الرحلة التجريبية شكلت نقطة تحول وبداية جديدة".

وأضاف: "وخلال فترة الإقامة الجبرية، شعر وجيهي بك بالإحباط العميق، ما دفعه إلى الاستقالة من القوات الجوية لاحقا".

** خطوة شجاعة

وأشار كورار إلى أهمية تاريخ 28 يناير في قطاع الطيران المدني في تركيا، وقال: "هذا اليوم يصادف مرور 100 عام على أول رحلة لطائرة تركية محلية الصنع، لذلك يكتسب هذا التاريخ أهمية خاصة بالنسبة لنا".

وفي نهاية حديثه، شدد بهادر كورار على أهمية هذا الحدث، قائلا: "تمكننا من الوصول إلى ما نحن عليه اليوم، يرجع جذوره إلى الطائرة التركية الأولى (وجيهي ك-6) التي جرى تصنيعها قبل 100 عام".

وتابع: "أن يقوم شخص بهذه التجربة في تلك الفترة وإيصال الطائرة إلى سرعة 200 كيلومتر في الساعة، دون تصريح، مع إدراكه للمخاطر وتحمّل التحديات والعقبات، يُعد خطوة شجاعة وبطولية وتضحية لا تُنسى".

#إزمير
#الطيران المدني في تركيا
#الطيران في تركيا
#تركيا
#حرقوش
#صناعة الطيران التركي
#طيران
#متحف
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية